صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

تربية: ولدك وكيف تجعل منه قائداً


يسود اعتقاد لدى الكثيرين أن الرجال القادة والنجباء إنما يولدون ويترعرعون في عائلة ذات شأن ومقام قيادي. فالسياسي والاقتصادي إنما هما أولاد التجار ورجال الحكم فقط، وغالباً ما كان ابن النجار نجار وابن القصاب جزاراً وابن الإسكافي إسكافياً، وكذلك ابن القائد قائداً.
ولكن هذا الموروث الغالب لم يكن بميزان سليم وصحيح والصحيح أن أولاد الإسكافيين والنجارين يمكنهم أن يصبحوا قادة والأمر في غاية الإمكان، والطريق إلى تحقيق هذه الغاية إنما هو بالتربية والتوجيه الصائبين.


* الطفل اليوم
موجة عارمة تلك التي أخذت تجتاح العالم جارفة أمامها الكثير من القيم الإنسانية والإلهية الخلاقة والمبدعة مستبدلة إياها بكم هائل من وسائل اللهو والعبث، تتضافر فيها جهود الأهل والمدرسة ووسائل الإعلام حتى بات شباب اليوم يستحق الحديث عن بناء الشخصية القوية والرصينة والحديثة عن القيم الإنسانية والدينية إلى حد يعتبر محاربة هذا التراث سر حضاري وتقدمي. بينما أخذ يدأب على نيل الملذات والشهوات وتضييع الأوقات في مراكز اللهو والكازينوهات ودور السينما.

ولا نحسب ذلك إلا من إهمال البداية في المرحلة المبكرة وإهمال الأهل لمسؤولياتهم.

وإني لأتساءل هل أن الأجواء التي يترعرع فيها أطفالنا تبعث على الأمل ببناء جيل قادر على تغيير الأوضاع المأساوية؟! بالطبع لا، فما دمنا لا نعير للتربية الصحيحة أي اهتمام فالنتيجة دائماً ستكون سلبية.
ولكن إذا ما التفت الأهل وتوجهوا إلى حمل مسؤولية تغيير أسلوب التربية إلى أساليب صحيحة فإن النتيجة ستكون إيجابية.

* الثقة بالنفس
قد نجد بين أبناء الفقراء والأميين أطفالاً أسوياء أكثر من كثير من الأغنياء والمتعلمين، وأن أصحاب الفطر السليمة من أطفال البسطاء أكثر عدداً من أطفال غيرهم، ولقد أثبتت التجارب إن أعظم حافز لدى عائلة مستضعفة، تستطيع أن تمنحه لطفلها هو إشعاره بأهمية قدراته، وتوفير الأجواء والصداقات المساعدة على تنمية طموحاته، وعلى الأهل أن لا يستسلموا لمؤثرات البيئة الاجتماعية، لأن التربية الصحيحة يمكن أن تجعل من أولادهم قادة ونوابغ.

وأنه من المفيد التنبيه إلى أن أجواء الفراغ التي تبعث على النعاس والملل يمكن أن تحطم شخصية الطفل وتبعث لديه اليأس الدفين وعدم الثقة. بينما أن توفير ظروف الحيوية وأجواء النشاط لهذا الطفل الصغير ستبني منه تدريجياً رجلاً منتجاً وطموحاً ومقداماً. وعلى المربين أن لا يقصروا في تشغيل أولادهم باللعب والمشاركة والتنزه واصطحابهم إلى الزيارات.

إن استسلام الأهل إلى قدر التخلف والجهل والضياع أمر لا بد من إزالته من قاموس التربية، واستبدال ذلك بالأمل والثقة بالنفس والإيمان بضرورة المكابرة والعمل الجدي لبناء أولاد يتحملون مسؤولية المستقبل والمصير. ويجب أن نغرز في نفوس أطفالنا أهدافاً كبرى، ونغذي قلوبهم بالسخاء والشجاعة وحب الأطفال الآخرين.

إن الأهل الذين يعتقدون بأن هذا هو دور المدرسة فهم واهمون، فالمدرسة في المرحلة الأولى تستطيع أن تشحذ في أذهان الأطفال كمية من المعلومات ولكن التربية وتهذيب النفوس أمر آخر ليس من السهل أن يقوم به أحد غير الآباء.

لتمتلئ قلوبنا بالثقة ولنمنح ذلك لأطفالنا، إننا بحاجة إلى شرط طويل لبناء أطفال لهم مستقبل زاهر، ولا ننتظر تغيير الجيل كله فلربما تغيير إنسان كفيل بتغيير جيل بكامله.

* دور الإسلام في بناء الإنسان
ينبغي على الأهل أن يشعروا بعظمة الإسلام، هذا الدين الشامل لكل مناحي الكون والحياة، والذي له تصور كامل لبناء شخصية الإنسان الكامل والأرقى.
لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل الإنسان خليفته فقال سبحانه جلّ شأنه: "إني جاعل في الأرض خليفة" ثم قال سبحانه في آية أخرى "إنا عرضنا الأمانة.. وحملها الإنسان" وقال جلّ شأنه في حديث قدسي "أطعني تكن مثلي" أن الإسلام اعتبر "قلب المؤمن عرش الرحمن"،  كل هذا ليجعل للإنسان طموحاً لا تحدّه السماوات ولا الأرض ولا الجبال، وهيأ له كل السبل والعوامل كحوافز لانطلاق هذا الإنسان من خلال التربية.
وقد حث الإسلام على محامد الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها هذا الإنسان الخليفة فدعا إلى التواضع ونبذ الضعة، إلى علو النفس ونبذ التعالي والكبر، واعتبر أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، ودعا إلى الاحترام، والاتزان، وسعة الصدر،  والرفق، والصدق، والقناع، والعمل على خدمة الناس وهذه الثروة هي عناصر تامة لبناء الطفل القوي المستقيم والذي فيما بعد يمكن أن يصبح قائداً.

وعلى الأهل أن يغرزوا هذه الكلمات في نفسه، عبر تعويده على هذه السجايا، والأحسن أن يرافق ذلك عناية والتزام من قبل الأهل بهذه المحاسن الأخلاقية، لأن ذلك ادعى إلى تخلق الطفل بهذه الأخلاق.

* نصائح إلى الآباء
إذا شاء الآباء أن يسعدوا بولد قائد فما عليهم إلا الأخذ بالوصايا التالية:
1- امدحوا أولادكم عندما يفعلون شيئاً محموداً، فإن ذلك يشجعهم ويرفع همتهم.
2- قللوا من توبيخ أطفالكم لئلا تضعف نفوسهم فيشعروا بالحقارة والدونية.
3- ادفعوا أولادكم للاعتماد على أنفسهم، وقدموا إلى جانب ذلك العون لهم لأن ذلك يعزز لديهم الثقة والشعور بالمسؤولية.
4- ثقوا بأولادكم وادفعوا بهم ليبادروا للقيام بأعمال مفيدة.
5- امنحوهم الدفء والحنان والاحترام وتعاملوا معهم كأسياد.
6- حدثوهم عن المستقبل واغرزوا في ذهنهم أهدافاً عظيمة وحدثوهم عن شخصيات عظيمة، وقولوا لهم بأن عليهم أن يصبحوا في المستقبل كذا وكذا.
7- لا تحملوا أطفالكم فوق ما يطيقون، ولا ترهقوهم لأن ذلك يحبب إليهم العمل الذي يطلب منهم ولو كان صغيراً.
8- علموهم المسامحة والكرم ومحبة الآخرين.
9- ربوهم على الشجاعة وربوا أبدانهم على القوة.
10- حافظوا على احترام متبادل في المنزل، وعلى هدوء، وانسجام وليكن الآباء قدوة في العمل المثمر والعلاقات الاجتماعية الصحيحة.
11- هيئوا لهم الأصحاب من العوائل النجيبة، واختاروا لهم المدارس والأساتذة المربين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع