ولاية الفقيه تعني حاكمية الفقيه الجامع لشرائط الولاية من العلم والتقوى والشجاعة والاطلاع على أوضاع الأمة وحمل همومها. وعلى أساس هذا المبدأ ترتبط الأمّة في عصر الغيبة بفقهائها وعلمائها الواعين المتقين الممحصين في ذات الله والمخلصين في تحمّل مسؤولياتهم الرسالية الكبرى والتي من أهمّها صيانة التجربة الإسلامية والأمة الإسلامية من كيد الخائنين وإقامة أحكامها وفرائصها وشريعتها وإدارة المجتمع الإسلامي على أساس منها. "فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكموك فيما شجر بينهم" – مجارى الأمور بيد العلماء – وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا.
* ولاية الفقيه مرجعية العلم بالله وبأمره
إنّ مبدأ الفقيه يبتنى على فلسفة أساسية عامّة وثابتة في كافةّ الرسالات والشرائع الربانية وتلك هي مرجعية العلم بالله وبأمره في كلّ شيء وبالخصوص في الحياة السياسة والاجتماعية للإنسان ذلك أنّ النظرية الربانية تجعل قيمة الإنسان واعتباره على أساس مدى علمه بالله وارتباطه به وعلمه بأوامره وأخلاقه وتجسيده لها، وهو بذلك استحقّ أن يكون خليفة الله في الأرض، ومكرماً من قبله، وسيدا للكائنات ومالكاً لها يستخدمها في إعمار الأرض طبيعياً واجتماعياً وإنسانياً. فلا غروإذا كانت أقدس وأشرف خصيصة في الوجود هي خصيصة العلم بالله وأمره كما لا عجب أن تربط الحياة السياسية والاجتماعية للإنسان بالعالم الرباني العارف بالله والملتزم بأوامره فإنّ هذا المبدأ كفيل بربط الإنسان بالقيم والحقائق الكبرى في الوجود وبإقامة العدل الإلهي في الأرض، ومن الطبيعي أن يكون التفاضل بين بني الإنسان على هذا المقياس فحسب "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات".
* ولاية الفقيه امتداد طبيعي لخطّ الأنبياء والأئمة عليهم السلام
أساس هذه القيمة الربانية أن يكون النبي هو القائد والولي الأول للبشرية في كلّ عصر لأنّه العالم الأول بالله وبأوامره يأخذ علمه وعرفانه بالله منه مباشرة ثمّ يأخذ الآخرون منه ومن بعده خلفاؤه الأوصياء الأئمة عليهم السلام ومن بعدهم الفقهاء المتخرّجون من مدرستهم حقاً وصدقاً فهذه مراتب ودرجات للعالم الرباني وبهذا يعرف أنّ مبدأ ولاية الفقيه من الناحية العقائدية والتاريخية معاً هو امتداد لمبدأ الولاية العامّة للأنبياء والأئمة في عصر الغيبة وقد حشد الأئمة عليهم السلام وأصحابهم جهو داً جبّارة لتركيز هذا المبدأ الأساس في ضمير الأمة الإسلامية السائرة على هدى أهل البيت من خلال الكثير من المواقف والنصوص التي صدرت منهم للتأكيد على العلماء من تلاميذهم وحملة تراثهم ورواة أحاديثهم وممارسات أئمة المرحلة الأخيرة وخصوصاً الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف في تثبيت وتكريس هذا المبدأ مفهو مياً وعملياً واضحة جداً لمن يراجع تاريخهم وحياتهم ويلاحظ الأحاديث والمكاتيب الصادرة منهم عليهم السلام.
* ولاية الفقيه لا نقاش فيها فقهياً
وربما يتخيل البعض أنّ مسألة ولاية الفقيه مختلف فيها بين الفقهاء من الناحية الفقهية فهناك من يثبتها وهناك من ينكرها وقد حاولت بعض الفئات المنحرفة أن تثير هذه النقطة وتستغلها في صراعها مع خطّ الإمام وخطّ الجمهورية الإسلامية الأصيل في بداية انتصار الثورة الإسلامية المباركة وكادت تكون فتتة لولا مبادرة الإمام القائد والواعين من العلماء الأعلام لشرح الموقف وشرح أبعاد هذا المبدأ. والواقع أنّ كلّ هذا الضجيج كان مفتعلاً ولغايات خبيثة ضدّ الإسلام ربما سقط فيها أيضاً بعض المغفلين من المسلمين.
فمبدأ ولاية الفقيه ممّا لا شكّ فيه ولا يمكن أن يناقش من الناحية الفقهية والعملية بمعنى أنّ مسألة لزوم تولّي الفقيه الجامع لشرائط الولاية لممارسة دور قيادة التجربة الإسلامية وملء منطقة الفراغ التشريعية والتنفيذية والإشراف على تطبيق أحكام الإسلام وإقامة حدوده وفرائضه ممّا لا خلاف فيها للفقهاء ولا يوجد فقيه يحتمل أن تكون هذه الولاية لغير الفقهاء من أبناء الأمّة الإسلامية ودونها بل المتسالم عليه فقهياً أنّ الفقهاء الواجدين لشرائط الولاية هم المتيقن صحّة توليهم للقيادة دون غيرهم
وإنّما الاختلاف بحسب الحقيقة في أمرين – أولاً – في ثبوت هذه الولاية للفقيه على حدّ ما هو ثابت للإمام عليه السلام واختصاصها بخصوص الدائرة التي يتوقّف عليها حفظ النظام الإسلامي على أساس الإسلام –ثانياً – في صحّة بعض الأدلّة والنصوص التي استدلّ بها لإثبات هذا المبدأ بعد الفراغ من صحّة الأدلّة الأخرى على كلّ حال.
* السياسة الإسلامية ذات طابع ديني
في النظرية الربانية لا فصل بين الدين والسياسة لأن الدين عبارة عن عقيدة وفلسفة عن الحياة والمبدأ والإنسان، ينبثق منها منهاج متكامل ينظّم شؤون الإنسان والتي من أهمّها حياته الاجتماعية والسياسية وليس فكرة الفصل بين الدين والسياسة إلاّ إحدى صنايع ومقولات الحضارة الغربية التي جاؤوا بها إلى بلاد الإسلام لإقصاء المسلمين عن دينهم وتراثهم وعزّهم المتمثّل في الإسلام المناهض لكلّ المستكبرين والطغاة ولتحويل الدين الإسلامي الحنيف إلى مجموعة من طقوس ونصائح عبادية وخلقية يؤديها الناس في خلواتها، ولتربيتهم في المجال السياسي والاجتماعي على ضوء الأسس العلمانية الكافرة، ولخلق جيلّ من المسلمين قد مسخت شخصيتهم وإنسانيتهم وارتبطوا داخلياً بالمستعمرين وحضارتهم من حيث يشعرون ولا يشعرون، كلّ هذا لمزيد السيطرة وبسط نفوذهم الاستكباري على بلاد المسلمين وثرواتها وشعوبها.
ومن هنا كانت أوّل دعامة في المنهاج الإسلامي لتربية المجتمع الإنساني هو مبدأ عدم الفصل بين الدين والسياسة، وإنّ المجال السياسي والاجتماعي من حياة الإنسان كالمجالات الأخرى بل وقبلها مما يتناولها الإسلام ويوجه الإنسان ويضع له فيها منهاجاً وطريقة ليجسّد خلافته لله من خلال ذلك المنهاج، ومن هنا كانت السياسة الإسلامية جزءاً من الصميم من الشريعة والدين وكان الطابع الرباني حاكماً وسائداً على كلّ ألوان نشاط الإنسان الاجتماعي والسياسي والفردي في الحياة.
وهذه هي الميزة الوحيدة التي على أساسها تحتفظ السياسة بمعناها الصحيح السليم والمفيد الذي لا يمكن أن تنفكّ عنه حياة الإنسان الاجتماعية وبفقدان هذه الحقيقة "خصيصة الارتباط بالله وقيمه وشريعته" تخرج السياسة عن معناها الحق وتنقلب إلى ما يساوي الدخل والمكر والظلم والالتواء في سبيل الاستيلاء على السلطة وكسب المزيد من الامتيازات والنفوذ المادّي والسياسي وهذا هو مصطلح السياسة في المنظور الغربي المنحرف اليوم.
* موقع نظرية الولاية وآثارها في الحياة الاجتماعية والسياسية
في حديث لإمامنا الصادق عليه السلام بعد أن يعدّد أركان الإسلام، يأتي لمسألة الولاية، يقول عليه السلام: وما نودي بشيء بمثل ما نودي بالولاية. وهذه إشارة منه عليه السلام إلى مدى خطورة هذا المبدأ وأهميته في النظرية الإسلامية، والواقع أنّ هذه الأهميّة والخطورة ودقّة الحقل والمجال السياسي من الحياة الاجتماعية للإنسان ذلك الحقل الذي إذا ما ترك من دون وضع خطّة ومنهاج رباني دقيق حاسم فيه كان منفذاً رئيسياً لانحراف الأمّة وتحريف التجربة الربانية وتفشي الظلم والفساد في البلاد والعباد. وفي النهاية تصادر كلّ القيم والأخلاق والأحكام والسنن الإنسانية التي بشرت بها الرسالات والشرائع الربانية.
إذن فأقل تفريط وتهو ن في هذه النقطة "الولاية" يؤدّي إلى الانحراف وانتهاء الأمة على الخط الطويل كما يشهد بذلك تاريخ الأمم والشعوب بصورة عامّة وتاريخ التجربة الإسلامية بصورة خاصّة، وخطورة ودقّة هذا الموقع – أعني موقع قيادة الأمة – هي التي جعلت الشريعة تربط بين تولّي هذا الموقع وبين مواصفات الإنسان الكامل الذي تتوفر فيه شروط الاستخلاف الرباني فاشترطت ابتداءً وبشكل عام أن يكون هذا الموقع مخصوصاً بالإنسان المعصوم من نبي وإمام لقيادة البشرية ككل ولا يمكن أن تناط بصورة أساسية إلى غير المعصوم لأنّه لا يتمكّن غير الإنسان الكامل والخليفة الحق لله من القيام بأعباء هذه القيادة بالنسبة للبشرية جمعاء نعم بالنسبة إلى القيادة النسبية الجزئية أي في مقطع خاص من الزمان كعصر الغيبة يمكن لغير المعصوم أن يتولّى القيادة والأمانة حسب تفويض المعصوم وبالشروط الدقيقة التي يشترط المعصوم نفسه توفرها في الولي وهذا المعبر عنه بمبدأ ولاية الفقيه في عصر الغيبة وهكذا كان هذا المبدأ - مبدأ الولاية – من أخطر وأدقّ أركان الشيعة الإلهية بل لا يمكن حفظ الشريعة وأركانها الأخرى إلاّ من خلال صيانة هذا الركن وإلاّ فسوف تصادر الشريعة والأمة المتشرعة معاً كما وقع ذلك كثيراً في الشرائع والأمم الرسالية وهذا أحد معاني كلام الإمام الصادق – ما نودي بشيء بمثل ما نودي بالولاية.
كما أنّ مسألة القيادة السياسية هي المسألة المركزية في صراعات بني الإنسان وتناقضهم فيما بينهم لأنّ هذه المسألة هي التي تشكّل النقطة الجوهرية من الحياة الاجتماعية التي يتنافس عليها الناس ويتهالكون في سبيلها بحسب طبعهم المادي والنفساني التواق إلى الجاه والسلطة والنفوذ والمال ومن هنا كانت المحنة البشرية أساسها وأصلها منطلقة من هذه النقطة وكانت الصراعات والتناقضات والحروب والفتن كلّها تحوم حول هذه المنطقة وكان الاختبار الإلهي الكبير في هذا المجال وأكثر من سقطوا بشكل مباشر من خلال هذا الامتحان الإلهي العسير هذا معنى آخر لقوله عليه السلام وما نودي بشيء بمثل ما نودي بالولاية – كما إنّ النظرية الرباية والتفسير الإلهي للإنسان يجعل الإنسان كائناً متميزاً على سائر المخلوقات في نقطة أساسية هي أنّه الكائن الوحيد الذي يعكس صورة الله سبحانه وتعالى بمعنى من المعاني لأنّه الكائن الوحيد الذي نفخ فيه من روح الله فأصبح موجوداً قادراً على التطور والحركة نحوالأمام ونحوالكمال المطلق وهو الله سبحانه وتعالى، وهو الموجود الوحيد الذي يمكنه أن يتحرّر من عالم المادّة والناسوت ويرقى في مدارج الملكوت إلى الله ويتنبه بأخلاقه وأسمائه الحسنى وهذا الرقي والعروج إلى الله والتكامل في الإنسان لا يمكن أن يكون إلاّ من لدن إنسان رباني يتقدم ركب البشرية في كلّ عصر وزمان ويقودها بفضل الله سبحانه ولطف منه وهداية متواصلة إلى تلك المنازل والمراتب والدرجات فإنّه من دون قائد ربان وإنسان كامل إلهي يجسّد القيم والأسماء الحسنى في كلّ النواحي البشرية وخصوصاً الاجتماعية والسياسية لا يمكن للبشرية أن تهتدي عملياً وتسير إلى الله سبحانه وتعالى وصفاته وأسمائه الحسنى، وهذا أيضاً وجه آخر في تفسير قوله عليه السلام: وما نودي بشيء بمثل ما نودي بالولاية.
وهكذا يتضح أنّ البشرية لا يمكن أن تستغني عن مبدأ الولاية إذا أرادت أن تسير بالمنهاج الرباني الحق وأنّ الناس إنّما يمكنهم أن يعيشوا حياة اجتماعية عادلة عامرة بالقيم الخالدة ومرتبطة بالله سبحانه وتعالى وسالكة إليه في كلّ ألوان النشاط الإنساني والفردي والاجتماعي والسياسي، فيما إذا كان لهم إمام يرشدهم السبيل، يسلك بهم الطريق ويجسّد لهم المثل الصالح والأسوة الحسنة.
* عدم التفكيك بين المرجع الولي
ومن النقاط المهمّة التي ينبغي الالتفات إليها إنّ التفكيك بين المرجع والولي، الجامع للشرائط أمر خطير بصورة عامّة وربما يؤدّي إلى انهيار مبدأ الولاية نفسه لأنّ الرجوع إلى المجتهد في التقليد ليس على حدّ ما يقال من أنّه من الرجوع إلى أهل الخبرة فحسب بل هو معنى التبعية المطلقة للمرجع وإعطاء الزمام بيده في كافّة مناحي الحياة وألوان النشاط الفردي والاجتماعي والسياسي وهذا يجعل منه ولياً بحسب الحقيقة للإنسان شاء وأبى التفت إلى ذلك ولم يتلفت. ونحن لا نريد الدخول هنا إلى الوجه الفقهي لعدم صحّة هذا التفكيك وإنّما نقتصر إلى الإشارة إلى أنّ هناك وجهاً غنياً فقهياً لهذا المدعي كما أنّ هذا الفصل مما يؤدّي إلى أخطار اجتماعية وسياسية كبيرة، من هنا لا بدّ للتأكيد على الرجوع في التقليد إلى الفقيه الولي الجامع للشرائط المتصدّي بالفعل لقيادة الأمّة وهو الإمام القائد الخامنئي دام ظلّه في عصرنا الحاضر.
* عدم صحّة التفكيك بين ولاية الأمر والدولة الإسلامية
ثمّ إنّ مبدأ ولاية الفقيه يعني وجوب إطاعة الولي الفقيه والتسليم له في كلّ ما يمارسه ويتصدّى له في قيادة الأمة وأحكام وتشريعات في منطقة الفراغ الموكل أمر مثلها إلى ولي الأمر من الناحية الفقهية سواء في ذلك ما كان منها يصدر عنه مباشرةً ومن خلال الأجهزة والمؤسّسات التنفيذية والتشريعية المقرة من قبله والتي يعبر عنها بالدولة في المصطلح القانوني الحديث ذلك أنّ الدول كشخصية معنوية لا تكون شرعاً إسلامياً إلاّ إذا كانت مستندة إلى حكم ولي الأمر وإقراره وإمضائه وفي غير ذلك لا تكون الدولة الإسلامية ويكون كلّ تصرّف منها غصباً وفاسداً من الناحية الفقهية ومن أجل ذلك ثبت في دستور الجمهورية الإسلامية أنّ رئيس الدولة "رئيس الجمهورية" لا يمكنه أن يتولّى من الناحية القانونية منصب الرئاسة إلاّ إذا أمضى ولي الأمر الفقيه انتخابه وتعيينه في هذا المنصب وهكذا يتضح أنّ ما قد يطرح في بعض الكتابات من الفصل بين الدولة الإسلامية وولاية الفقيه وأنّ مبدأ ولاية الفقيه لا يعني وجوب الالتزام بمقرّرات الدولة الإسلامية من الأغلاط التي ربّما صدرت انسياقاً وتأثراً بخلفية المفهو م القانوني الغربي للدولة وهو غير المفهو م الإسلامي الفقهي عن الدولة.
ثمّ أنّه لا يسوغ لأحد من أفراد الأمّة أن يجتهد في قبال المواقف والأحكام والتوجيهات التي ينتهي إليها ولي الأمر ناهيك من أن يتخذ مواقف عملية مخالفة لها حتّى إذا حصل له اليقين بصحة رأيه في تشخيص المصالح العامّة لأنّ من حقّ ولي الأمر على الناس الاتباع والتسليم بعد اتخاذ القرار من قبله كما أنّ من حقهم عليه المشورة والنصح "وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكّل على الله".
ولولا ذلك لما بقي لمبدأ الولاية معنى معقول ولم يكن كيان ونظام موحد لإدارة البشرية سياسياً واجتماعياً، فولاية الأمر تستبطن لا محالة أن يكون الحسم والموقف النهائي في الممارسات الاجتماعية والقيادة بيد ولي الأمر فحسب ويجب على الجميع إطاعته والانقياد له والتسليم لحكمه "فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً".
* قيادة العلماء للأمة من خلال تجسيدهم لولاية الفقيه
ومبدأ ولاية الفقيه وإن كان يعني حرفياً ولاية الفقيه الجامع لشرائط الولاية إلاّ أنّه ينبغي أن يعرف أيضاً أنّ هذا المبدأ يستبطن بشكل وآخر إعطاء دور القيادة الاجتماعية والسياسية للعلم والعلماء بالله وبأوامره كلّ بحسب درجة علمه ومقدار تمثيله للولي الفقيه. ومن هنا صحّ أن يُقال إنّ النظرية الإسلامية الحقّة في السياسة وقيادة المجتمع هي نظرية قيادة العلماء والمرجعية الرشيدة فهذا الصنف من الناس المتميزين معنوياً وربانياً وعلى أساس مقدار توفّر العلم بالله وبأوامره فيهم هم الذين يتصدون المجتمع ويقودونه بشكل عام كلّ بحسب مرتبته فعلى رأس الجميع الولي الفقيه ومن ثمّ ما دونه من العلماء والوكلاء في المناطق والمدن والأرياف. وهذا هو الذي نشأ وتربّى عليه الشعب المسلم في إيران وعلى أساس من هذه التربية الإسلامية الدقيقة استطاع هذا الشعب بقيادة علمائه من الولي الفقيه وإلى أصغر عالم في قريته أن ينتصر على طاغوت زمانه المتمثّل في الشاه المقبور والشيطان الأكبر من ورائه.
وهذه منهجية واستراتيجية أصيلة ينبغي للمؤمنين الالتفات إليها من كلّ مكانٍ وزمان.