مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع السيد القائد: الأبعاد الحقيقية للدعاء

الإمام الخامنئي دام ظله

قال اللَّه تعالى في محكم كتابه: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا.
إن شهر رمضان المبارك فرصة جيدة لمن يريد العروج المعنوي والسير نحو الكمال والخلاص من الماديات وبلوغ المقام المعنوي
إنّ اليوم هو الأوّل من شهر رمضان المبارك وبداية فصل يمكنه أن يكون مباركاً لكلّ مؤمن وإنسان واع ليدخر الخير لعامِهِ بل لعمره كلّه.
لقد بُني الأمر والإرادة الإلهية في شهر رمضان على أن يتحرك الإنسان المؤمن بكل استعداده وطاقته ويسعى بكلّ سرعة إلى الكمال والتهذيب والسمو والعروج، والقضية هكذا، إنّ الهدف من شهر رمضان هو أن تُعطى للإنسان المؤمن فرصة لتطهير نفسه ولتصفية باطنه.
 

فالإنسان مبتلى بالسهو والنسيان والغفلة والمشاكل، يرتكب الذنوب ويبتعد عن اللَّه وعن الهدف من خلقه، فيلزم إعطاؤه فرصة ليجبر النواقص وما فاته، وشهر رمضان أفضل فرصة لهذا الأمر.
طبعاً إنّ ليالي الجمعة ويوم عرفة وكذا ليلة النصف من شعبان ويوم الغدير هي أيضاً فرص لذلك، بيد أنّه لا فرصة كشهر رمضان المبارك، فلكّ ساعة في الثلاثين يوماً ليلاً ونهاراً فرصة مستقلّة يمكن للإنسان فيها التزوّد من الفيوضات الإلهية في هذا الشهر إلى أقصى درجة ممكنة، وهذه فرصة جيّدة لمن ينوي العروج المعنوي والسير نحو الكمال والخلاص من الماديّات وبلوغ المقام المعنوي، فيجب عليه أن يقطع هذا الطريق بهمّته وإرادته، طبعاً هي فرص تمرّ أيضاً كالبرق، فاليوم هو اليوم الأوّل، فإن بقينا أحياء، نلاحظ بعد فترة قصيرة إننا في نهاية الشهر، فتطوى هذه الصفحة إلى العام القادم، إنّني كُنت أوصي الأخوة دائماً بقراءة دعاء الوداع لشهر رمضان في بداية الشهر ولو لمرة واحدة، لأنّه عندما نقرأ هذا الدعاء بخشوع وأنين في آخر ليلة من شهر رمضان المليء بالفضائل والحسنات، فقد انتهت الفرصة فينبغي على المؤمنين قراءة هذا الدعاء في بداية الشهر ليعرفوا قيمة هذه الفرصة.
 

إنّ لهذا الشهر ثلاثة أعمال ووظائف رئيسية، وإن كان لجميع الأعمال الحسنة المقرّبة إلى اللَّه فضل كبير، فقد ورد أنّ "أنفاسكم فيه تسبيح"، ونومكم فيه عبادة" انظروا كم هو فضل هذا الشهر، وهذا لا يختصّ بالصائمين فقط، بل يشمل الذين تعذّر عليه الصيام أيضاً، فهم خسروا الصيام ولم يخسروا شهر رمضان، فالجميع يستفيد من شهر رمضان حتّى المعذور لسفر أو مرض أو شيء آخر، إذن هناك ثلاث وظائف رئيسية في هذا الشهر:
إنني كنت أوصي الأخوة دائماً بقراءة دعاء الوداع لشهر رمضان في بداية الشهر ولو لمرة واحدة حتى يعرفوا قيمة هذه الفرصة.

1- الصيام
فإنّه شيء ثمين، فإنْ وَفَّقتم لصيام هذا الشهر، فاعتبروه نعمة كبيرة من جانب الباري سبحانه وتعالى، فتحمّل الجوع والعطش يلطّف الروح، طبعاً قد تذهب اللطافة وتدنّس الروح بالذنوب، فعندما تُغسل الثياب بأفضل أنواع المساحيق (المنظّفات) كذلك يمكن توسيخها وتلويثها بالطين والأوساخ. إذاً عندما يقال أصبح نظيفاً لا يعني أنّه لا يمكن توسيخه، كلا، بل النظافة بمعنى إمكانية الاستفادة من تلك اللطافة والطهارة؛ فإن صلّى بتلك اللطافة فصلاته مقبولة حتماً، وهذه الصلاة هي معراج المؤمن وتقرّبه إلى اللَّه، وإلاّ فالصلاة بحالة كسل وروح ملوثّة دون خشوع وتوجّه لا تكون "قربان كلّ تقي" و"معراج كلّ مؤمن"، إذاً الصوم في نفسه مطهّر للإنسان- وهذه الطهارة قيّمة- يذهب الذنوب، يوقظ الإنسان وينبّهه وكذا يذكّره بالجوع، فقد ورد في الحديث "واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه". فهذا هو الصوم، وقد قيل كثيراً حوله وإنّني أكتفي بهذا.

2- تلاوة القرآن
وقد تحدثنا حولها كثيراً، إنّها من الوظائف الكبيرة؛ فكم هي قيمة تلاوة القرآن وختمه وتمرير معارفه في الذهن ولو لمرة واحدة. إنّ فضيلة قراءة جزءين من القرآن دون تأمّل وتدبّر أقلّ من قراءة سطرين منه بتدبّر وإمعان، وكلّما كثرت قراءة القرآن- طبعاً بتدبر وتوجّه للمعنى- كلما كانت أفضل.
إن لهذا الشهر العظيم ثلاثة أعمال ووظائف رئيسية: الصيام فإنه ملطّف للروح، تلاوة القرآن فإنه باب المعارف الإلهية، والدعاء وهو ارتباط الإنسان باللَّه.

3- الدعاء
الدعاء هو ارتباط الإنسان باللَّه، الدعاء هو بمعنى النداء وليس بمعنى الطلب، نعم قد يكون معه الطلب لكن هو ليس بمعنى الطلب، فالمناجاة أيضاً دعاء، فالدعاء يعني أن ينادي ويناجي ويكلّم الإنسان ربّه، فقد قال اللَّه سبحانه وتعالى في الآية الشريفة: ﴿ادعوني استجب لكم، فعندما تقول: "يا آللَّه" فهذا دعاء، فيعقبه "لبيك" من الباري تعالى، فالدعاء شيء قيّم جداً، وإنني أعتقد أنّ شعبنا اليوم بحاجة مضاعفة إلى الدعاء. لقد كان الدعاء في يوم ما وسيلة للانشغال فقط، فقد كانوا يذيعون الأدعية في الإذاعات أيام شهر رمضان في عصر الطاغوت، فكان الدعاء هيكلاً بلا روح ومعنى، وكان لا شيء، وإن كان بصوت جميل يهيّج الإنسان قليلاً ولا غير، وهذا ليس دعاءاً، إنّ الدعاء هو الارتباط باللَّه، فإن كان المحيط معنوياً وفيه الصالحون الذين يأنسون بمخاطبة اللَّه. كعصرنا الحاضر في الجمهورية الإسلامية- كان للأدعية في الإذاعة فقائدة وتأثير، لأنّ القلوب مستعدّة، والأرواح مأنوسة باللَّه هنا، فهنا للدعاء قيمة كبيرة وفيه حاجة ماسّة. أنّنا اليوم- وبعد أن كسبنا النجاح في الكثير من المجالات وقطعنا شوطاً كبيراً واجتزنا عقبات صعبة جداً كالحرب، وحرب المدن والمحاصرة الإقتصادية، والحملة الإعلامية الدائمة والمستمرة من قبل العدو، فما اجتزناه كان أعظم بكثير ممّا نواجهه اليوم- وجب علينا الدعاء، لماذا؟ للشكر أوّلاً، ولطلب الهداية الإلهية في المستقبل ثانياً، وللصبر على المصائب وما سيحلّ بنا ثالثاً، فلكلّ هذه الأمور نحن بحاجة إلى الدعاء والارتباط باللَّه، وهذا إجمال كلامي حول الدعاء، وسأحاول البيان تفصيلاً هذا الموضوع:
 

إنّ للدعاء ثلاثة أبعاد، ولكلّ بد أهميته الخاصة:
أوّلاً: الدعاء لعرض الطلب والرغبة على اللَّه، كأن يغفر الذنوب، ويمدّ في العمر، وطلب السلام، وشفاء المريض، وسلامة المسافر، ورفع المشاكل، وطلب المال، وقضاء حوائج الدنيا، وما يطلب في الدعاء عادة، وهذا بعد مهم من أبعاد الدعاء، والباري تعالى وعد بالإجابة أن كان الدعاء والطلب حقيقياً لا لقلقة لسان ولا يتعارض مع مصلحة أخرى، كأن يكون في طلب شيء نفع لك وضرر على غيرك، فيدعو هو وتدعو أنت أيضاً، فلا يمكن القول أن يستجاب دعاؤك دون دعائه، وطبقاً للمثل المعروف فإنّ صانع الفخّار يدعو لعدم هطول الأمطار خوفاً على سلامة الفخار الموضوع في الشمس. والفلاّح يدعو لهطول الأمطار لإنقاذ الزراعة من الجفاف، فالطلب واحد لكن الدعاءين متناقضان. فيمكن استجابة دعاء أحدهما دون الآخر، فإن دعا أحدكم ربّه ولم يستجب دعاءه، فلا يتصورنّ أنّ اللَّه سبحانه وتعالى لا يعتني بدعائه، كلا، بل لكلّ دعاء مقتضى في الإجابة "ودعوة من ناجاك مستجابة، وعداتك لعبادك منجّزة" فالطلب من اللَّه مستجاب لا محالة، ومن الوعود الإلهية قوله تعالى: ﴿ادعوني استجب لكم، فالجواب لا يكون بالنفي، ولا معنى أن تكون الاستجابة بالنفي بأن يقول "لا أعطيك ما تريد" بل يكون بالإيجاب أي "أعطيك ما تريد".

 فالدعاء على هذا الأساس هو أحد أسباب الخلقة وهو علة في سلسلة العلل والعوامل، فلا يتصور أحد إنّ الدعاء نقض لسلسلة العلة والمعلول ونقض لقانون العلّية في الخلق، كلا، بل الدعاء في نفسه علّة، فمن أوجد قانون الجاذبية الأرضية بحيث ينجذب الجسم الصغير إلى ما هو أكبر منه- كسقوط جسم إلى الأرض- فكلّ جسم في هذا الكون ينجذب نحو الجسم الأكبر منه. إنّ الكواكب في المنظومة الشمسية تدور حول كوكب أكبر أي الشمس ، فهذا قانون جعله الخالق، فالذي جعل قانون الجاذبية الأرضية وقانون الذرة، والقوانين المختلفة المرتبطة بالحياة المادّية،

كذلك جعل قانون ﴿ادعوني استجب لكم في سلسلة العلل والعوامل، طبعاً بشروطها، وفي مقدّمة الشروط أن يكون الدعاء واقعياً وحقيقياً ونابعاً من القلب. تأمّلوا في الروايات، تلاحظوا الكثير من الروايات في هذا الباب وهو طلب الأمور الصغيرة من اللَّه، فقد ورد في الحديث: "لا تستكثروا الطلب"، فلا فرق عند اللَّه بين القليل والكثير، فإن طلبتم مائة شيء فاطلبوا الواحد بعد المائة وهكذا، واطلبوا الأشياء الكبيرة من اللَّه أيضاً، وقد ورد في الصحيفة السجادية في باب دعاء السحر "إلهي طموح الآمال قد خابت إلاّ إليك، ومعاكف الهمم قد تعطّلت إلاّ عليك"، فكلّ ما طلبتم فهو قليل، فاطلبوا الأكثر لدنياكم وآخرتكم، طبعاً لا تتوقّعوا الإجابة، فدعاؤكم بمقتضى الاستجابة لا العلة التامة للاستجابة، فمن الممكن وجود مصلحة معارضة لا يستجاب دعاؤكم، فقد يكون ما لا يستجاب خيراً لنا مما يستجاب كما ورد في دعاء الافتتاح "ولعلّ الذي أبطأ عنّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور"، فنحن لا نعلم بالخير والشرّ، بل اللَّه سبحانه وتعالى يعلم ذلك، فيفعل ما هو خير لنا ولو كان خلافاً لدعائنا.
 

إن الذي جعل قانون الجاذبية وقانون الذرة والقوانين المختلفة المرتبطة بالحياة جعل قانون "ادعوني استجب لكم" في سلسلة العلل والقوانين، طبعاً بشروطها.

ثانياً: بُعْد المعرفة، أي أنّ الأدعية المأثورة عن الأئمة هي بحر من المعارف الإسلامية، فلا شيء يحوي من المعارف أكثر مما في الأدعية، وهذه نتيجة استنتاجي الإجمالي من الأدعية، طبعاً من رغب في الوصول إلى النتيجة القطعية أن يتتبّع كلّ رواية على حدة، ولكني احتمل أنه لو جمعت كلّ الروايات حول المعارف فإنّها لا تكون بمقدار المعارف الواردة في الأدعية، فالمعارف الإسلامية في أدعية الصحيفة السجادية ودعاء

أبي حمزة الثمالي والمناجيات المتعددة المأثورة عن الأئمة، والمناجاة الشعبانية، ودعاء كميل.. كثيرة جداً، وخصوصاً في الصحيفة السجادية، إنّ كلّ دعاء فيها هو كتاب للمعارف الإلهية في الموضوعات المختلفة.
ففهم الأدعية يجعل الإنسان على معرفة بالإسلام وبالمعارف الإسلامية ويبعده عن الخرافات، فأهل الخرافة غالباً هم أناس بعيدون عن الأدعية والمعارف الحقيقية، فالتأمّل والتدبّر في الأدعية يرشدنا إلى ما يجب الاعتقاد والإيمان به وما يجب ردّه.
إن أعظم فوائد الدعاء أن يكون هدفاً لا وسيلة، غايته نفس الارتباط بالذات الإلهية المقدسة، وهذا خير معين للإنسان في عروجه وسلوكه إلى اللَّه.

ثالثاً: العلاقة والارتباط باللَّه، فيجب على كلّ إنسان الإحساس بهذا، وفي هذه الحالة يكون الدعاء هدفاً لا وسيلة، وبهذه النظرة يكون الدعاء هو العلاقة نفسها، وهو نفس الإحساس الذي نحتاجه، وهذا الإحساس يحصل بالدعاء وهو لازم وثمين جداً، إنّ جميع الأشياء في الدنيا مرتبطة بالذات الربوبية المقدّسة، والإنسان كذلك باعتباره أشرف المخلوقات وجوده مرتبط بالذات الإلهية المقدّسة، وهذا الإحساس يعطي للإنسان حالة من المعنوية والعروج والسلوك، وهذه أعظم فوائد الدعاء. وهذا ما يستفاد من الأدعية المأثورة عن المعصومين وكيف أنّ الأئمة عليهم السلام كانوا يناجون ربّهم وينسون أنفسهم، وقد لحقت بالبشرية اليوم خسائر عظمى جرّاء عدم الإحساس هذا، طبعاً هذه الخسائر في مجتمعنا أقلّ؛ لأنّ الناس هنا يعتبرون أنفسهم مرتبطين باللَّه وعبيداً له، فكلّما زاد هذا الإحساس عندهم كلّما حالفهم التوفيق أكثر.

وكلّما قلّ كلّما قلّت نسبة التوفيق والنجاح في المجتمع، فلا تتصوّروا إنّ النجاح هو في صنع القنبلة الذرية، إنّ هذا ليس نجاحاً، إنّ التقدّم العلمي سيف ذو حدّين، فقد يكون نجاحاً وقد يكون خسراناً، واليوم أصبح العلم وسيلة خسران وهلاك للمجتمع الغربي. ماذا يريد الإنسان من الحياة ليكون سعيداً ومرتاح البال؟ هو بحاجة إلى الأمن والمحبة والراحة، وهل هذه الأمور موجودة اليوم في العالم؟،

 وهل هناك أمن ومحبّة وراحة في عالم العلم اليوم؟، وهل لدى رئيسهم ووزيرهم ووكيلهم وأصحاب الشركات هذه الأمور؟ أم أنّهم يحترفون في جهنم الحرص والطمع والتجبّر والاعتداء المسعور؟ فلا تتصوّروا أنّ السعادة هي في العلم، وإلاّ لما سمعتم أنّ امرأً وزوجته في تلك الدول يهجران المدينة ويعيشان وسط الغابات وهما سيدان لما يشهدانه من تحول المجتمع إلى جهنّم من المصائب والآلام، فمن يشعر بالارتباط باللَّه فهو سعيد: لأنّ عمدة مصائب الإنسان إما من الإحساس باليأس والذلّ والوحدة والضعف،

وإما من الطغيان، وإنْ شقاء وتعاسة أكثر الشعوب والأمم والمجتمعات والأفراد هي من العجز والضعف وعدم وجود الناصر والمعين والوحدة والغربة المطلقتان. فارتباط الإنسان باللَّه معناه الارتباط بمركز القدرة والعلم، فهو ليس وحيداً إن كان اللَّه معه "يا عون من لا عون له، يا رجاء من لا رجاء له"، فلو كنتم في قلب العدو لكنكم تؤمنون بوجود وسيلة عندكم يمكنكم الارتباط والاتصال بها في لحظة واحدة فتحميكم من العدو، فهل تشعرون في هذه الحالة بالخوف والضغط عليكم، وهذا إحساس من يعتقد ويرتبط باللَّه، وقد جرّبنا ذلك في سجن الطاغوت، فقد كان معنا سجناء شيوعيون أو سجناء لم يؤمنوا بشيء أبداً، لقد يَيْسوا وأصبت الحياة عندهم مُرّة وأصيبوا بأنواع الأمراض الروحية، وأمّا المؤمنون من السجناء فلم يكونوا هكذا، إنّني كنت أتألّم لهؤلاء المساكين، إنّنا عندما تضيق صدورنا، عندما نخاف فنتكلّم مع اللَّه، لكن من لا يملك الإيمان فهو وشقيّ وتعيس.
 

إن شقاء وتعاسة أكثر الشعوب والأمم والمجتمعات والأفراد هي من الشعور بالعجز والضعف والوحدة والغربة، وهذا ناشئ من عدم الارتباط باللَّه تعالى.
والعامل الثاني فهو الطغيان والاستكبار، إنّ الارتباط باللَّه يمنع الإنسان من الطغيان والاستكبار، ومن يرتبط باللَّه وإن كان قوياً ويشعر بالقوة لكن يعلم أنّ هذه القوة ليست من ذاته، بل من اللَّه، فالاستكبار والطغيان والغنى عن اللَّه سببها عدم ارتباط الإنسان باللَّه، وتصوّر الإنسان أنّ القوة الظاهرية منه، والثروة الظاهرية ملكه، ولا يتصوّر أنه يمكن أن تزول في لحظة واحدة.
 

فإنّ دعا الإنسان ربّه وشعر بالارتباط، فلا يصاب بالضعف والانكسار، ولا بالطغيان والاستكبار، فببركة الدعاء يمكن بناء مجتمع مؤمن متكامل مرتبط باللَّه. فلا تغفلوا عن أدعية هذا الشهر، اقرؤا دعاء أبي حمزة ودعاء الافتتاح وأدعية الأيام التي لها مضامين عالية وبقية الأدعية في ليالي القدر، وادعوا اللَّه بغير هذه الأدعية المأثورة وفي كل مكان، في الطريق وفي العمل، واطلبوا من اللَّه التوفيق والعون والهداية والنورانية القلبية أكثر من كلّ شيء.
إن الطغيان والاستكبار عامل آخر من عوامل الشقاء والتعاسة للإنسان، والارتباط باللَّه من خلال الدعاء يمنع الإنسان من الوقوع في هذا الوادي المظلم.

نسألك اللّهم وندعوك باسمك العظيم الأعظم الأعزّ الأجلّ الأكرم يا اللَّه، يا رحمن يا رحيم، يا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك.
اللّهم اهدنا بحقّ محمد وآل محمد، وتفضّل علينا بخيراتك وبركاتك من مائدة هذا الشهر.
اللّهم اجعل كلّ يوم من أيّامنا في هذا الشهر مباركاً ملؤه البركات، اللّهم اغفر لنا ولوالدينا ولمن وجب حقّه علينا، وارحم إمامنا واشمله برحمتك وغفرانك، وارفع درجات شهدائنا العظام يوماً بعد يوم.
اللّهم نوّر قلوبنا بحقّ محمّد وآله واهدنا وأعنّا على المضيّ في صراطك المستقيم، واجعلنا شاكرين للإسلام وللجمهورية الإسلامية.
اللّهم اجعل الوعي واليقظة بين عامة الشعب، ووعّ قلوبهم، وردّ كيد أعدائهم إلى نحورهم، واهلك المستكبرين وأمريكا وسائر الظالمين والغاشمين والمنافقين.
اللّهم ارحم وانصر المسلمين في البوسنة وفلسطين ولبنان وكشمير وأفغانستان وسائر المسلمين المجاهدين والمظلومين.
اللّهم اجعل هذه الأيام وهذه المجالس والأقوال والأفعال في هذه الأيام ذخيرة لآخرتنا، ولا تجعلها حسرة علينا.
اللّهم ارْضِ بقية اللَّه الأعظم عنّا، اللّهم اجعل علاقتنا وارتباطنا به أكثر يوماً بعد يوم بحقّ محمّد وآل محمّد، اللّهم نوّر قلوبا برؤيته بحقّ محمّد وآل محمد واجعلنا من أعوانه وأنصاره والمستشهدين بين يديه.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع