مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

المسلمون في سيراليون


كانت جزءاً من مملكة مالي الإسلامية خلال القرن الثالث عشر الميلادي، ما لبثت بعد خمسة قرون أن أصبحت ضمن أراضي المملكة الإسلامية المعروفة باسم "فوتاجلون"، يحدّها المحيط الأطلسي من الجنوب والغرب وغينيا من الشمال وليبيريا من الشرق. سنتعرض لأوضاع المسلمين فيها في هذا الفصل الجديد من المسلمون في العالم أنها البلد الأفريقي سيراليون.

بالرغم من قلّة الوثائق التاريخية التي تتحدث عن دخول الإسلام إلى سيراليون إلاّ أنّ السكان المحليين يؤكدون أنّ الإسلام كان قد دخل بلادهم قبل القرن الخامس الهجري حيث انتشر في مناطق القبائل الكبرى التي اعتنقته وتخلت عن وثنيتها.
ولكن بعد الغزو الاستعماري البرتغالي في القرن الخامس عشر أخذ الانتشار الإسلامي يتضاءل بسبب وصول الاستعمار الإنكليزي إلى البلاد، حيث بدأت حركة التنصير التي قادتها البعثات التبشيرية العالمية والتي حماها ورعاها المستعمرون الأوروبيون.

في الوقت الذي كان الدين الإسلامي الحنيف يمنح الإنسان حريته وسيادته ويعبر عن شخصيته بأصدق صورة حضارية، لم يستطع الدين الجديد المقترن بالرجل الأبيض – تاجر الرقيق – أن يقدم للإنسان السيراليوني الإحساس بالحرية والمساواة إنّما استطاع المبشرون الإنكليز والهولنديين نشر الدين المسيحي في أوساط القبائل الوثنية بأسلوب يتحدث عنه أحد رجال الكنيسة الإنجليز الذين عرفوا سيراليون، ويسمى "ولمويلدن"، قائلاً: "لقد داهم المستعمر الأوروبي الوطنيين الأفارقة وأجبرهم على اعتناق المسيحية بمختلف الوسائل وطرق الإغراء واستولى على بلادهم بالقهر والتفرقة وأنزلهم منزلة دون منزلة الإنسان، فجعل منهم شعباً تائهاً حائراً لا هو قريب من تقاليده وعاداته ولا هو مقبول من المستعمر الأوروبي".

هكذا أصبح الإنسان في سيراليون مسلوب الهوية والإرادة بل وحتّى خاصيته الإنسانية وها هي تصبح مأساة سيراليون كمأساة أفريقيا بشكل عام، ففي هذا البلد ست عشرة لغة لا تستطيع القبيلة التي تتكلّم إحداها أن تتفاهم مع ثانية تتكلّم أخرى إلاّ باللجوء إلى وسيط هو في غالب الأحيان اللغة الإنكليزية، أمّا اللغة العربية التي كانت اللغة الرسمية للبلاد في القرنين الخامس عشر والسادس عشر والتي ظلت اللغة الدينية للمسلمين هناك فقد انحصرت في قطاعات قليلة من الناس.

بالرغم من أنّ معظم سكان سيراليون مسلمون، فإنّ النظام السياسي في البلاد هو في أيدي المسيحيين وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على ما يلاقيه المسلمون في هذا البلد من سلب لحقوقهم السياسية والمدنية كأكثرية ساحقة ينبغي أن تكون مقاليد الحكم في يدها، فرئيس الدولة مسيحي وكذلك رئيس الوزراء ولا يضم مجلس الوزراء إلاّ خمسة مسلمين وكلّ ذلك بحسب مشيئة الاستعمار الذي أوصل الأقلية إلى سدّة الحكم.
على أيّ حال، فإنّ المسلمين في سيراليون لا يألون جهداً في المطالبة بحقهم المغصوب ولو على نطاق محدود، فقد استطاعوا أن يشكلوا لأنفسهم أطراً تنظيمية عبر إنشاء جمعيات تجاوزت الأربعين مختصة بنشر الدعوة بين القبائل الوثنية وإيضاح المفاهيم الدينية بين المسلمين أنفسهم وتوحيد كلمتهم، وبعضها يتعاطى العمل السياسي كالمجلس الأعلى الإسلامي الذي يعتبر الواجهة السياسية والاجتماعية للمسلمين حيث يدير عدّة مؤسّسات إسلامية منتشرة في سيراليون الكبرى كافّة ويمارس دور المسؤول عنهم تجاه الدولة.

وإلى جانب هذا المجلس هناك عدّة جمعيات إسلامية محلية منها جميعة الأخوة الإسلامية، وهي جمعية تقوم بإنشاء المدارس وكذلك جمعية المؤتمر الإسلامي وجمعية أنصار الإسلام وغيرها وهذه الجمعيات موزّعة الولاء بين المذهب الوهابي السعودي ومبعوثي الأزهر والمذهب الجعفري الذي أخذ ينتشر بواسطة المهاجرين اللبنانيين خصوصاً. ورغم تعدّد الولاءات فإنّ جميع مسلمي سيراليون متفقون على محاربة الوثنية واليهود الذين يتمتعون بقوة كبيرة في البلاد.

وبعد، فإنّ مستقبل المسلمين في هذا البلد مرتبط بشكل أساسي بجهادهم وسعيهم الدؤوب إلى تثبيت وجودهم وهويتهم ونيل حقوقهم السياسية والمدنية ولا شكّ أنّ هذا الأمر من إخوانهم المسلمين في أنحاء العالم وتواصلاً مستمراً معهم على أمل إقامة حكم الله العادل في تلك الربوع.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع