د. سحر مصطفى(*)
تقوم الوسائل الإعلاميّة، عادةً، كالإذاعة والتلفزيون وشبكة الإنترنت، بعمليّة نقل الأخبار. وأحياناً تكون هذه الأجهزة أو الوسائل، على غرار المجتمع، الذي كان وما زال يقوم أفراده وجماعاته بعمليّة نقل الإشاعة ونشرها.
وتظهر فعاليّة الإشاعة اجتماعيّاً في تَكرار نقلها بين مجموعة من الناس، فتتحوّل بعد ذلك إلى مادّة لمصادر متعدّدة، تقول الكلام نفسه.
* الإشاعة والحرب النفسيّة
قد تجهد جهات مأجورة لفبركة إشاعات معيّنة ونشرها بطرق مختلفة، ومن أهمّ هذه الجهات: العملاء. وقد تقوم أيضاً باستغلال بعض الإشاعات الموجودة وتضخيمها لخدمة غاياتها. وقد تخدم هذه الإشاعات الحرب النفسيّة التي تشنّها هذه الجهات من خلال:
1- تمزيق معنويّات الطرف المقابل، باستخدام إشاعات الخوف والقلق؛ كون هذه الشائعات ستاراً لحجب الحقائق.
2- تحطيم مصادر الأخبار الحقيقيّة.
3- تشويه سُمعة فئات معيّنة أو شخصيّات قياديّة، لضرب صورتها وكسْر هيبتها.
4- استخدامها كطُعم للحصول على الحقيقة، حيث تُشاع أنباء كاذبة بقصد الحصول على الأنباء الصحيحة.
5- تشتيت المجتمع إلى فِرَق متناحرة وإرباك الرأي العام.
6- تعزيز سلوكات الكذب والبهتان، من خلال تناول الإشاعات، واللّغو، والسخرية، وما إلى ذلك من العادات السيّئة.
* خلال مواجهة الإشاعة
خلال مواجهة الإشاعة بشتّى الطرق، يجب أن نتنبّه للأمور التالية:
1- عدم الردّ الفوريّ الارتجاليّ، بل الردّ العلميّ المدروس من قبل المختصّين.
2- أن يكون الردّ مدعّماً بالوقائع والحقائق.
3- عدم المغالاة بالنفي لبعض الإشاعات، والتي تكون فيها نواة للحقيقة؛ إذ ينبغي عدم إغفالها ممّا يزيد الثقة.
4- عدم نسبة كلّ شيء إلى العدوّ، ممّا يضخّم صورته ويشكّك الجمهور بنا.
5- عدم عرض الإشاعة مباشرة، ما يجعلها تعلق بالذهن، بل يجب إحاطتها بإطار الإنكار القبليّ.
6- إهمال الإشاعات الخاملة المتهافتة من تلقاء نفسها.
7- التزام الموضوعيّة في الردّ، فلا يكون ثَمّة مجال لإجراء وجهات نظر خاصّة.
8- العرض الجادّ للإشاعة التي تتضمّن عناصر الغموض والأهمية، ولها قابليّة الانتشار والتنبيه إلى ما تتضمّنه من أخطار وتكذيبها.
9- الحيطة والذكاء في الردّ حتّى لا يعمل الجهاز على نشر الإشاعة بدل تفنيدها.
* أماكن النزوح والشائعة
أماكن النزوح بيئة غنيّة جدّاً بشتّى أنواع الشائعات، ومكاناً ينفُذ منه ضعاف النفوس والعملاء لبثّ روح الانهزام والخوف والشكّ والخلافات والبلابل. لذا، ينبغي للجهات المتابعة لهذه الأماكن، تفنيد الأخبار التي تمتلك عناصر القوّة التي تحمل على تصديقها، وإهمال التافهة والمتهافتة منها. وكذلك لا بدّ من إشغال الناس في أماكن النزوح بأنشطة دينيّة وترفيهيّة قدر الإمكان، بحيث يجري صَرفهم عن أجواء الثرثرة التي يفرضها وجود متّسع من الوقت لدى الناس. ويمكن مواجهة الإشاعات التي تبثّ الخوف واليأس بأخرى تحيي الأمل وتشكّك في مضمون الأولى.
في الخلاصة، وقت الحروب بشكل خاصّ، من المهمّ أن تتفرغ مجموعة من المتابعين، لرصد الإشاعات والتعامل معها بما يقتضيه كلّ نوع من هذه الإشاعات. ويجب التنبّه لنوع من الإشاعات التي تبثّ لتشويه صورة النازحين أنفسهم، من خلال استغلال أيّ حادث عرضيّ أو تصرّف غير مسؤول، وكذلك قد يعمل بعض المندسّين على إشاعة أجواء الفساد الأخلاقيّ والدينيّ...
(*) مسؤولة قسم الدراسات في مركز أمان للإرشاد السلوكي والاجتماعي.