مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

داليا فنيش*
 

بينما كان عليّ، الطفل ذو السنوات الأربع، يلعب بهدوء بألعابه وسط ضحكاته التي تعبّر عن روحه الطفوليّة، قطع تلك الضحكات، فجأةً، دويّ «جدار صوت» قويّ جدّاً، تحوّل معه ذلك الهدوء إلى عاصفة من الصراخ والبكاء. دوّى الصوت الثاني بعد بضع ثوانٍ فقط، فتكوّر عليّ على نفسه، وخبّأ رأسه بين ساقيه، وهو يرتجف خوفاً، بينما دموعه تنهمر بغزارة.

هو مشهد بات مألوفاً جدّاً في كثير من البيوت منذ قيام العدوّ الصهيونيّ باختراق جدار الصوت فوق مختلف المناطق اللبنانيّة، ما يستدعي الوقوف عند هذا الموضوع لأهميّته وتأثيره على صحّة أولادنا النفسيّة والجسديّة.

* علامات الخوف
عند الشعور بالخوف، تتفاعل الأجسام بطرق عديدة تختلف من شخص إلى آخر، نذكر بعض أشكالها:

1. ضيق التنفّس أو التنفّس السريع.

2. الشعور بالدوار أو بفقدان الوعي.

3. تسارع نبضات القلب وضيق الصدر.

4. التعرّق أكثر من المعتاد.

5. ارتجاف الساقين وعدم ثباتهما.

6. سيلان الدموع بغزارة.

7. عدم القدرة على الحركة.

8. انقباضات في المعدة أو الشعور بالغثيان.

* السيطرة على الخوف في لحظته
يمكن للأهل مساعدة أبنائهم في السيطرة على الخوف بشكل تدريجيّ، خاصّةً أنّ الاعتياد يساهم في تخفيف هذا الخوف. كما يمكنهم مساعدتهم بمدّهم ببعض النصائح عند حدوث جدار الصوت، نذكر منها:

1. التنفّس بعمق.

2. تهدئتهم مع توضيح أنّ جدار الصوت ليس أمراً خطيراً، وتوضيح حقيقته كظاهرة فيزيائيّة.

3. إغماض العينين لتجنّب أيّ محفّزات قد تتسبّب في تفاقم الخوف.

4. توجيههم إلى لمس الأشياء أو وضع القدم على الأرض لتجنّب الشعور بالانفصال عن الواقع، وهو ما يسمى بتقنيّة التأمّل الواعي.

5. حثّهم على تخيّل أشياء مبهجة تبعث على السعادة والراحة، مثلاً: أب من غزّة أشار على ابنته بالضحك كلّما سمعت صوت قصف.

* دعم نفسيّ لتجاوز الخوف
الأطفال حسّاسون جدّاً للمؤثّرات الخارجيّة، وإنّ الطريقة التي يتفاعل فيها الوالدان مع الموقف تؤدي دوراً حاسماً في تشكيل ردود أفعالهم. أمّا الخوف الذي يعاني منه الطفل نتيجة جدار الصوت فيمكن تجاوزه بسهولة من خلال الدعم النفسيّ الذي يقدّمه الأبوان خلال الأزمات. وهذا الدعم يستمر طيلة الأزمة وغير مختص بلحظة حدوث جدار الصوت. هذه مجموعة إرشادات تهدف إلى تعزيز الأمان النفسيّ والجسديّ للأطفال في أوقات التوتّر:

1. إظهار التعاطف مع الطفل وتفهّم خوفه بشكلٍ منطقيّ وطمأنته ودعمه، وإشعاره بالحبّ والحنان باستمرار.

2. مساعدته على التحدّث من خلال طرح بعض الأسئلة عليه، لأنّه يعرف مصدر خوفه لكنّه لا يستطيع التعبير عنه سوى بالصراخ أو البكاء.

3. ملاحظة النماذج الإيجابيّة؛ فالطفل يتعلّم من خلال ملاحظة كيف يتعامل الأطفال غير الخائفين مع جدار الصوت، فتتولّد لديه قناعة أنّ خوفه لا مبرّر له.

4. اعتماد الأبوين الهدوء والاستقرار في تصرّفاتهما أمام طفلهما الخائف، فيمارسان حياتهما بصورة طبيعيّة بحيث يكون الجوّ الأسريّ الإيجابيّ والهادئ المحيط به باعثاً على الطمأنينة والأمان.

5. الابتعاد عن معاقبة الطفل على خوفه، وعدم توبيخه والصراخ في وجهه ووصفه بالجبن والضعف، بل دعمه نفسيّاً لتنمية قدراته على مواجهة الخوف.

6. مصارحة الأهل لأطفالهم عن حقيقة جدار الصوت بشكلٍ مبسّط وعلميّ.

7. الحفاظ على الهدوء والسيطرة على المشاعر، لأنّ ذلك الخطوة الأولى للتعامل مع مواقف كهذه.

8. اتّخاذ إجراءات الحماية من خلال الابتعاد عن النوافذ والأماكن المفتوحة، واحتضان الأطفال.

9. إشغال الطفل بأنشطة يحبّها لكي يصرف انتباهه عن الموضوع.

10. تدريب الطفل على كيفيّة التصرّف في حال سماع جدار الصوت وهو بمفرده، لأنّ ذلك يساهم في التعامل مع المواقف الصعبة.

11. السماح للطفل بالتعبير عن كلّ ما يشعر به سواء بالبكاء أو بالكلام أو حتّى بالرسم، وسؤاله عن شعوره، والإجابة عن أسئلته بطريقة تهدّئه.

من الضروريّ أن يكون الأبوان مصدر الثقة لأبنائهما؛ فهما حجر الأساس لتخطّي هذا الخوف والشعور بأمان.

*ما هو جدار الصوت؟
هو خرق السرعة التي تنتقل فيها الموجات الصوتيّة في الهواء أو تجاوزها، وتبلغ سرعة الصوت 1235 كيلومتراً في الساعة، أي عندما تحلّق الطائرة بهذه السرعة أو أكثر فإنّها تقترب من حاجز الضغط غير المرئي للموجات الصوتيّة، وينتج عن ذلك صوت قويّ يُعرف بـ«الدويّ الصوتيّ».

يعدّ جدار الصوت ظاهرة فيزيائيّة تُستخدم في إطار الحرب النفسيّة؛ فعندما تقف «إسرائيل» عاجزة أمام بطولات المقاومين وصمود جمهور المقاومة، تعمد إلى إخافتهم عبر خرق جدار الصوت، وغالباً ما تكون فئة الأطفال الأكثر خوفاً في هذه الحالة.


(*) معالجة نفسيّة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع