الشيخ علي معروف حجازي
عندما يُستشهد المجاهد في المعركة أو بعدها تتعلّق به بعض الأحكام الخاصّة بتجهيزه: التغسيل والتحنيط والتكفين والصلاة والدفن وغُسل مسّ الميّت. وفيها تفصيل.
* أحكام تجهيز الشهيد
1. لا يجوز تغسيل المقاتل الذي يصاب أثناء القتال وتخرج روحه في أرض المعركة (ولو في مواجهة الجماعات الباغية) ولا تحنيطه ولا تكفينه، بل تجب الصلاة عليه ودفنه بثيابه فقط.
2. لا يجوز على الأحوط وجوباً تكفين الشهيد فوق ثيابه التي استشهد فيها.
3. يجوز أن يُنزع عن الشهيد قبل دفنه ما لا يصدق عليه عنوان الثوب، كالحذاء والحزام والعمامة والخوذة ونحوها.
4. إذا أصيب المقاتل في أرض المعركة أثناء القتال، وأدركه المسلمون وفيه رمق، ثمّ صعدت روحه في ساحة المعركة فلا يجوز تغسيله وتحنيطه. وأما لو نُقل أثناء المعركة إلى خارج ساحتها وفاضت روحه هناك، فيجب تغسيله وتحنيطه وتكفينه قبل الصلاة عليه ودفنه أيضاً.
* شروط ترتّب حكم تجهيز الشهيد
1. يشترط في ترتّب حكم تجهيز الشهيد، أن تخرج روحه في أرض المعركة حين اشتعال نار الحرب، حتّى لو أدركه المجاهدون أو المسعفون حيّاً قبل استشهاده.
2. إذا أصيب المقاتل في المعركة حين اندلاع القتال، ولكنّ روحه خرجت خارج أرض المعركة، فلهذا الأمر صورتان:
أ. إن كان خروج روحه قبل أن يدركه المسلمون حيّاً جرى عليه الحكم المذكور أعلاه، أي لا يُغسّل ولا يحنّط ولا يكفّن.
ب. وأمّا إذا أدركه المسلمون حيّاً قبل موته فليس له هذا الحكم، فيجب تغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ولكن له أجر الشهيد وثوابه إن شاء الله تعالى.
* أرض المعركة
المراد من أرض المعركة المكان الذي تصل إليه نيران الاشتباكات في المنطقة التي يجري فيها القتال، دون الأماكن البعيدة أو المدن البعيدة عنها، إلّا إذا كانت واقعة في حدود منطقة الحرب أيضاً.
* من يشمله حكم تجهيز الشهيد؟
مضافاً إلى ما سبق، تجري أحكام تجهيز الشهيد على:
1. المقاتل الذي يعمل في الاتّصالات أو الإعلام الحربيّ أو في الإسعاف أو نحو ذلك، والذي يُستشهد في أرض المعركة حين نشوب الاشتباكات.
2. من يحضر في ساحة المعركة لدعم المقاتلين وتقوية الجبهة، كمن يوصل المساعدات والمؤن، أو يعمل في مجال إصلاح خطوط الاتّصالات، أو شقّ الطرق وبناء الجسور، ونحو ذلك ممّا يحتاجه المقاتلون في المعركة، ثمّ يُستشهد أثناء المعركة.
3. المقاتل الذي يعمل بعيداً عن الخطوط الأماميّة للجبهة، إذا كان عمله في تلك الأماكن يعدّ جزءاً من القوى العاملة في المعركة، كمن يعمل على المدفعيّة والصواريخ والمضادّات الجوّيّة، فيُستشهد نتيجة القصف ونحوه من العدوّ.
4. المقاتل الذي يوجد في مكان مخصّص لاستراحة المقاتلين ثمّ يُستشهد، على أن يكون ذلك المكان جزءاً من أرض المعركة.
5. المقاتل الذي يُصاب بجرح أثناء المعارك في أرض المعركة، ثمّ يُنقل إلى المشفى ونحوه، ويُستشهد في الطريق أو في المشفى، على أن يكون الطريق أو المشفى داخلَين في أرض المعركة.
6. المقاتل الذي يُستشهد نتيجة انفجار السلاح أو القذيفة أثناء استخدامها في المعركة.
* من لا يشمله حكم تجهيز الشهيد
إنّ كلّ من لا تتوفر فيه الشروط السابق ذكرها، لا تترتب عليه أحكام تجهيز الشهيد -وله أجر الشهيد وثوابه إن شاء الله- فيجب تغسيله وتحنيطه وتكفينه قبل الصلاة عليه ودفنه، وهو:
1. الشخص الذي يُستشهد خارج ساحة المعركة، كمن يقتله العدوّ أو عملاؤه اغتيالاً، أو نتيجة انفجار إرهابيّ، أو بانفجار لغم في أرض المعركة ولكن بعد انتهائها.
2. الشخص الذي يُستشهد خطأً في ساحة المعركة.
3. المقاتل الذي يُستشهد خارج ساحة المعركة أو في ساحتها نتيجة حادث سير، أو الوقوع من جبل، أو الغرق، ونحو ذلك.
4. المقاتل الذي يصاب بجرح أثناء المعارك في أرض المعركة، ثمّ يُنقل إلى المشفى ونحوه، ويُستشهد في الطريق أو في المشفى، بشرط أن يكون الطريق أو المشفى غير داخلَين في أرض المعركة.
5. المقاتل الذي وجد مستشهداً في أرض المعركة، إذا شُكّ في أنّه قُتل أثناءها، أو بعد انتهائها، فإن دلّت قرائن وأمارات على أنّه استشهد أثناء المعركة، فله حكم تجهيز الشهيد، وأمّا مع عدم وجود القرائن، فيجب تغسيله وتحنيطه وتكفينه قبل الصلاة عليه ودفنه. نعم، له أجر الشهيد وثوابه إن شاء الله تعالى.
6. الناس من غير المقاتلين، الذين يُستشهدون في القرى والمدن بسبب قصف العدوّ لهم، ليس لهم حكم تجهيز الشهيد، فيجب تجهيزهم بشكل كامل، ولكن لهم أجر الشهيد وثوابه إن شاء الله تعالى.
* حكم مسّ الشهيد
1. الذي لا يُغسّل: إنّ مسّ الشهيد الذي لا يُغسّل أو مسّ أعضائه المنفصلة عنه لا يوجب غُسل مسّ الميّت.
2. الذي يغسّل: أمّا مسّ الشهيد الذي يُغسّل أو مسّ أعضائه المنفصلة عنه فحكمه حكم مسّ سائر الموتى، فإذا كان مسّه بعد برودة جسمه وقبل تغسيله فيجب عندها الغُسل، وأمّا إذا كان مسّه قبل برودة جسده، أو بعد تغسيله فلا يجب الغسل عندها.
رحم الله شهداء المسلمين.