صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

بيئة: النفايات الصلبـة والبدائـل الصحيّـة


د. فاطمة ياسين


نعيش في ظلّ أزمات مختلفة تتغاير عمّا كان عليه أجدادنا، خاصّة في ما يتعلّق بالطبيعة والبيئيّة. ولا يقتصر ذلك على بلد معيّن ومحدّد، إنّما هي أزمات تشمل العالم كلّه وتهدّد مصير الأرض وحياة الجنس البشريّ.

وإنّ أزمة البيئة في لبنان تشغل حاليّاً حيّزاً كبيراً من اهتمام الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعيّ؛ إذ يكفي الخروج للتنزّه في أحد الشوارع، خاصّة شوارع المدن الأساسيّة، حتى يرى المرء أحياناً أكواماً من النفايات. هذا المشهد الذي بات مألوفاً، ويتكرّر بين الفينة والأخرى، أصبح مشهداً مألوفاً للعين، وقد لا يشعر الناظر بأنّه رأى شيئاً غريباً!

في هذا المقال، سنتطرّق إلى مشكلة حادّة تعاني منها الربوع اللبنانيّة بأجمعها: النفايات الصلبة. وما يهمّنا هو إظهار دور الفرد في إدارة "نفاياته الصلبة"، والمساهمة في أزمة النفايات، من خلال إيجاد البدائل الصحيحة.

* البدائل الصحيحة: خطوة أولى
من الضروريّ إيجاد البدائل الصحيحة لبعض المنتجات التي تعتبر غير صديقة للصحّة البيئيّة والصحّة البشريّة. ولا يتمّ ذلك إلّا عبر تحصيل التوعية بعيداً عن الأمور الشائعة التي يتمّ تداولها حالياً في السوق البيئيّ، الذي بات يضجّ بالناشطين مع اختلاف خلفيّاتهم العلميّة والثقافيّة. والأمثلة حول ذلك كثيرة، نذكر منها:

أ- أكياس بلاستيكيّة بمظهر قماشيّ: يتمّ التشجيع على استعمال بعض الأنواع من الأكياس في المراكز التجاريّة الكبرى على أنّها قماشيّة، في إطار التشجيع على عدم استعمال البلاستيك. وفي الواقع، إنّ هذا الكيس بلاستيكيّ ولو كان يعطي مظهراً قماشيّاً. والرسالة الخاطئة هذه ستتأصّل في الأجيال جيلاً بعد جيل، ومن لديه القدرة بعد ذلك أن يقنع مجموعة ليست بقليلة أنّ هذا الكيس ليس مصنوعاً من القماش، بل من البلاستيك؟!

ب- استعمال بقايا الأقمشة في صناعة الأكياس: نجد نماذج من أكياس الكتّان المصنّعة من قماش قطنيّ جميل. فهل من الحكمة إتلاف أثواب قماشيّة جديدة لتصنيع أكياس، أم الأجدى استعمال ما يتبقّى من أقمشة في المعامل ومصانع الأثاث (لأنّها تصنَّف ضمن العوادم التي لا يُعاد تدويرها)؟ هكذا نكون قد أعدنا استعمال النفايات وحوّلناها لما فيه فائدة ودون دفع كلفة موادّ أوّليّة.

ج- الزجاج أفضل من الكرتون: عندما نجد في المتجر علبة صلصة كرتونيّة مثلاً وأخرى زجاجيّة، يجب أن نختار الزجاجيّة؛ ذلك أنّها قابلة لإعادة الاستعمال، وتقلّل من حجم النفايات التي لا حلّ لها، أمّا الكرتونيّة، فهي من العوادم (ألمنيوم وبلاستيك من الداخل، مثل علب العصير وغيرها)، ولا يُعاد تدويرها.

د- العوادم التي تخلّفها مشتريات الأطفال: إنّ مشتريات الأطفال وغيرها أيضاً، المضرّة صحيّاً وسلوكيّاً للطفل، تخلّف الكثير من العوادم (معظم مواد تغليف هذا النوع من العوادم لا يُعاد تدويره).

وهكذا، إنّ ترشيد الاستهلاك هو باب لإدارة النفايات المنزليّة، التي يأتي التقليل منها في المرتبة الأولى من حيث الأهميّة، تليه إعادة الاستعمال، ثمّ إعادة التدوير، وذلك من خلال حصر عدد المنتجات المستهلكة، واختيار البدائل السليمة، لما في ذلك من تقليل حجم النفايات وإعادة استعمالها.

* الفرق بين إعادة التدوير وإعادة الاستعمال
ضمن هذا السياق، يجب التمييز بين إعادة الاستعمال وإعادة التدوير. فإعادة التدوير هي تفكيك الموادّ إلى أجزاء أو إعادتها إلى حالتها الأوّليّة ثمّ إعادة تصنيعها. أمّا إعادة الاستعمال، فهي عبارة عن توجيه الموادّ إلى استعمالات تختلف عن استعمالها الأساسيّ. ومن هذا المنطلق، ومع علمنا بأنواع النفايات المنزليّة، سيمكننا اختيار ما يمكن إعادة استعماله أو إعادة تدويره من مخلّفات المنتجات التي نستهلكها، فنخفّف من وطأة أثر النفايات على بيئتنا وحياتنا مباشرة.

ثمّة بعض الخطوات التي يمكن الالتزام بها في مجال السلوك الفرديّ لإدارة النفايات الصلبة:

أ- يجب الالتفات بدايةً إلى أنّنا الأكثر تأثيراً، وأنّ جزءاً كبيراً من إدارة النفايات الصلبة يقع على عاتقنا؛ فنحن من ينتجها ويوضّبها ويرميها في المستوعب. ونحن بالأساس نفهم جيّداً مبدأ الفرز والتصنيف في نواحي حياتنا كلّها، فلماذا نتوقّف عن تطبيقه أمام سلّة النفايات؟

ب- فلنتوقّف عن استخدام منتجات أحاديّة الاستعمال، ولنحصر استهلاكنا للبلاستيك بالأصناف الآمنة صحيّاً، المتعدّدة الاستعمالات.

ج- فلنفصل ما هو قابل لإعادة التدوير، كالكرتون والزجاج والمعادن، عن البقايا العضويّة التي يمكن استخدامها لتغذية بعض الدواجن، كالدجاج.

د- فلنقم بالتقليص من كميّة العوادم المنتجة، غير القابلة لإعادة التدوير والتي ينتهي الأمر بها حاليّاً إلى الطمر أو الحرق.

* فلنحافظ على كوكبنا
هذه الخطوات وغيرها من الخطوات البيئيّة لم تعد خياراً، بل باتت ضرورة وحاجة ملحّة؛ فالأرض ليست لنا وحدنا، وإنّما ستكون لأجيال ترثها من بعدنا، فإن لم نُحسن استغلالها بالشكل المناسب، ماذا سنترك للأجيال القادمة؟! سؤال برسم كلّ فردٍ يعيش على هذا الكوكب.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

اليمن

م.يحيى الصديعي

2022-11-22 17:08:35

اهلا وسهلا بالدكتورة فاطمة وأحييكي على اهتمامك بموضوع البيئة ان مفهوم البيئة مهم جدا .. الذي قد يجهله معظم الناس لذا يعتبر هذا الكائن الحي (البشري) الذي هو نحن البشر هو من أكبر ملوثي للبيئة للأسف .. خالص تحياتي وتقديري