مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

في رحاب الوصية السياسية الإلهية


شمولية الإسلام
فضيلة الشيخ محمد خاتون


يتابع الإمام المقدس كلماته المضيئة التي تتعلق بالثورة الإسلامية حيث إنها ليست ثورة في الهواء تحقق مجموعة من الشعارات وتنفس عن الكبت الذي تعانيه الشعوب ثم تدخل إلى مرحلة النسيان...
إن هذه الثورة جاءت وهي تهدف إلى تغيير جذري في واقع الأرض انطلاقاً من تغيير جذري في بقعة من هذه اورض... حيث تقدم هذه التجربة الجزئية للإسلام المحمدي الأصيل لتكون نموذجاً لشعوب العالم الذي يتوق إلى الحرية والعدالة.


يقول الإمام قدس سره:
"الإسلام والحكومة الإسلامية ظاهرة إلهية يؤمن العمل بها سعادة أبنائها في الدنيا والآخرة بأفضل وجه، وباستطاعتها أن تشطب بالقلم الأحمر على كل المظالم واللصوصيات والمفاسد والاعتداءات، وتوصل الإنسان إلى كماله المطلوب، و(الإسلام) مدرسة على خلاف المدارس غير التوحيدية حيث يتدخل في جميع الشؤون الفردية والاجتماعية والمادية والمعنوية والثقافية والسياسية والعسكرية والاقتصادية ويشرف عليها، ولم يهمل أي نقطة ولو كانت صغيرة جداً مما له دخل في تربية الإنسان والمجتمع وتقدمه المادي والمعنوي، ونبّه على الموانع والمشكلات التي تعترض طريق التكامل في المجتمع والفرد وعمل على رفعها...

والآن وقد تأسست الجمهورية الإسلامية بتوفيق الله وتأييده... وباليد المقتدرة للشعب الملتزم وما تطرحه هذه الحكومة الإسلامية هو الإسلام وأحكامه السامية، فإن على الشعب الإيراني العظيم الشأن أن يسعى لتحقيق محتوى الإسلام بجميع أبعاده وحفظه وحراسته، فإن حفظ الإسلام على رأس جميع الواجبات، وفي هذا الطريق سعى جميع الأنبياء العظام- وكانت تضحياتهم التي لا تطاق- من آدم عليه السلام حتى خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يصرفهم أي مانع عن هذه الفريضة العظيمة، وهكذا كان أصحابهم الملتزمون بعدهم وأئمة الإسلام عليهم السلام، فقد بذلوا الجهود الجبارة التي لا تحتمل إلى حد تقديم دمائهم من أجل حفظ الإسلام، واليوم فإن من الواجب على شعب إيران خصوصاً، وعلى جميع المسلمين عموماً أن يحفظوا بكل ما أوتوا من قوة هذه الأمانة الإلهية التي أعلنت رسمياً في إيران وحققت في مدة قصيرة نتائج عظيمة، ويبذلوا جهدهم لإيجاد المقتضيات لبقائها ورفع الموانع والمشكلات، والمأمول أن يسطع سنا نورها على جميع الدول الإسلامية وأن تتفاهم جميع الدول والشعوب على هذا الأمر الحياتي ويقطعوا وإلى الأبد أيدي القوى الكبرى، أكلة العالم وجناة التاريخ، عن مصائر المظلومين والمضطهدين.

إنني وأنا أصعّد أنفاس آخر عمري وعملاً بالواجب أعرض للجيل الحاضر والأجيال القادمة شطراً مما له دخل في حفظ هذه الوديعة الإلهية وبقائها، وشطراً من الموانع والأخطار التي تهددها سائلاً الله رب العالمين التوفيق والتأييد للجميع».

- إن هذا المقطع من الوصية المباركة يضعنا أمام الحقائق التالية:
1- إن الإسلام لا يعني بالجوانب الروحية للإنسان فحسب من خلال ممارسات يقوم بها الفرد ثم يكون هذا الفرد بمنأى عن الحياة السياسية والاجتماعية للأمة، بل إن العمل السياسي والاجتماعي هو جزء لا يتجزأ من رسالة الإسلام، وأي تقاعس في هذا المجال يؤدي إلى ضياع الأمة... وإذا حصل ذلك فإن الإسلام لا يتحمّل مسؤولية ذلك، ذلك أن الحلول التي قدمها الإسلام الأصيل للبشرية هي حلول جذرية لشتى المشكلات الفردية والاجتماعية التي لا بدّ من الإيمان بها والعمل على طبقها ليتسنى للمجتمع أن يصل إلى مرحلة العدالة.

2- إن عدالة الإسلام تتبع من كونه إليّ المصدر... وذلك أن التشريعات الوضعية سوف يتطرّق إليها حتماً كل ما يعرضها للإنحراف ومن ثم للزوال وذلك لأنها تقوم على مصالح آنية... حتى لو فرضنا جدلاً أن الذين صاغوا القوانين الوضعية قد تجرّدوا بالكامل عن الأهواء... فإنهم في نهاية الأمر بشر يعرض عليهم ما يعرض على البشر من الجهل والخطأ والوهن.. وبالتالي فإن القوانين التي تصدر عن هؤلاء هي قوانين يحتملها الجهل والخطأ والوهن إن جرّدناها عن الأهواء التي نادراً ما تغيب عن مثل هذه المواضيع.
وأما عندما ننظر إلى الإسلام فإننا نقطع بصدور كل أحكامه وقوانينه عن الله تعالى الذي لا يجوز عليه الخطأ والجهل والوهن وليس بينه وبين أحد نسب ولا قرابة... وبالتالي فإن أحكام الإسلام الأصيل هي أحكام تسودها العدالة في كل جزئية من جزئياتها فضلاً عن الكليات... وهذه الأحكام قد جاءت ليتكامل البشر في طريقهم إلى الله تعالى.

3- إن مقولة أنّ الدين هو جزء من الماضي ولن يكون له في الحاضر والمستقبل آثار على الصعد المختلفة للحياة البشرية... هذه المقولة كانت تناقش فيما مضى من خلال البعد النظري وكان كل فريق يقدم الأدلة على ما يدّعي... وأما بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة وإقامة حكومة الإسلام في هذا العصر فقد صار هذا الواقع خير دليل على حقانية الدين ومصداقيته، فإن الوقوع هو دليل الإمكان كما يقولون... وعلى هذا الأساس فإنّ التيار الإيماني من خلال انتصار هذه الثورة قد سجل نقطة حاسمة في صراعه مع التيار الإلحادي... ولا نعني بالتيار الإلحادي من كان على نهج الاتحاد السوفياتي السابق من حيث العقيدة التي لا تؤمن بالله أصلاً... وإنما نعني كل تيار يؤمن بفصل الدين عن إدارة الحياة والمجتمع...

4- إن المجتمع الذي أقيمت فيه أول دولة للإسلام في هذا العصر يجب أن يعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه... فإنّ هذا التكريم الإلهي ينبغي أن يفهم على أساس أنه تكليف يناسب في مستواه حجم الانتصار... ويجب أن يعلم أفراد هذا الشعب المجاهد أن بناء حكم الإسلام لا يكون دفعة واحدة وإنما يكون خطوة خطوة... ولكن قبل كل شيء لا بد من الاستعداد الكامل لبذل كل شيء في سبيل هذا المبدأ الحق الذي من أجله بذل الأنبياء والأولياء عليهم السلام أنفسهم وما يملكون، ويجب أن يتفاعل أبناء هذا الشعب الحر مع بقية شعوب العالم الإسلامية حتى تستطيع هذه الشعوب أن تنعم بذلك النور الإلهي... ويستطيع الجميع أن يقدموا لشعوب العالم... تجربة الإسلام الرائدة التي من خلالها تتمكّن شعوب العالم من قطع أيدي المستكبرين.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع