مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

في رحاب الوصية السياسية الإلهية


الثورة فرادة


يبدأ الإمام الخميني قدس سره وصيته الخالدة بالحديث عن الثورة الإسلامية لا على أساس أنها ثمرة جهد قام به هو وإنما على أساس أنها حصيلة جهود الملايين من الأشخاص الذين ساهموا في نصرة الإسلام في هذا العصر... ومن خلالهم وصلت الثورة إلى المرحلة التي أصبحت معها أمل شعوب العالم الإسلامي والمستضعف. وينطلق الإمام يتحدث عن الثورة المباركة على أنها عطاء رباني فهو يقول في هذا الصدد:
«نحن نعلم أن هذه الثورة العظيمة التي قطعت أيدي آكلة العالم والظالمين عن إيران الكبيرة قد انتصرت بالتأييدات الإلهية الغيبية ولولا يد الله القادرة لم يكن بالإمكان بالرغم من الإعلام المضاد للإسلام وعلمائه خاصة في القرن الأخير وبالرغم من أساليب التفرقة التي لا تحصى... وبالرغم... وبالرغم... لم يكن بالإمكان أن يثور هذا الشعب صفاً واحداً في جميع أنحاء البلاد ويزيح بنداء الله أكبر، وتضحياته المجيدة التي ضاهت المعجزات جميع القوى الداخلية والخارجية وتسليم مقدرات البلد.


بناءً عليه لا ينبغي الشك أبداً في أن الثورة الإسلامية في إيران تختلف عن جميع الثورات في التكوين وفي طريقة الصراع والمبارزة وفي هدف الثورة والنهضة، ولا تردد أبداً في أن هذه تحفة إلهية وهدية غيبية من قبل الله المنان تلطّف بها على هذا الشعب المظلوم والمنهوب.

إن هذه الكلمات من الإمام المقدس توصلنا إلى مجموعة من الحقائق المهمة:
1 ـ إن ما حصل هو تثبيت لحقيقة عقائدية... فليست قضايا الاعتقاد ذات بعد فكري فحسب... إن من يعتقد أن الأصول والعقائد وما يتفرّع عنها من تصورات هي مجرد مسائل فكرية.. هو بعيد كل البعد عن الفكر الإسلامي المحمدي الأصيل... وأن القرآن الكريم يزخر بهذه الحقائق التي تنعكس في حياة الأمة واقعاً ملموساً لا غبار عليه... وإن هذه التجربة الرائدة في هذا العصر... خير دليل على العناية الإلهية... وهي تعتبر تثبيتاً للعقيدة الإسلامية التي انعقدت عليها قلوب أبناء الأمة.

2 ـ إن هذه الهدية الإلهية ينبغي أن تزيد الشعب المسلم في إيران ارتباطاً مع الله تعالى وتواضعاً أمامه ولا يمكن بحال أن تكون هذه الثورة دافعاً لحالة من العجب... لأن الذين من خلالهم حصل الانتصار ليسوا فعلاً إلا أدوات... وإلا فإن الذي صنع النصر هو الله تبارك وتعالى... وهذا ما ينعكس في حياة الفرد والمجتمع شكراً عملياً لله تعالى... من خلال نهج عبادي سلوكي يصوب مسيرة الفرد والمجتمع نحو الله عز وجل.

3 ـ إن هناك اختلافاً جذرياً بين الثورة الإسلامية وبين غيرها من «الثورات» أو أشباه الثورات.. والاختلاف ليس اختلافاً ظاهراً وشكلياً يرجع إلى الأداء فحسب، بل الاختلاف يرجع إلى كثير من النقاط... فهناك اختلاف في المنطلقات واختلاف في الأداء واختلاف في الغايات.
وكل نقاط الاختلاف هذه ترجع إلى النقطة الأساس وهي أن هذه الثورة الإسلامية تستمد من عالم الغيب أصل وجودها، بينما كل ما يسمى بثورات في هذه الأرض هي مادية الوجود يكون انتصارها أو عدمه مرهونين بما تملكه هذه الثورة من مقومات مادية وبما يتخلل ساحة الطرف الآخر من نقاط وهن وضعف.
إن أي ثورة تقوم في العالم يمكن للآخرين أن يناصروها من خلال حمل شعاراتها... فكأن الشعار يتحول بذاته إلى جامع يجمع كل القوى مهما كانت معتقداتها ومنطلقاتها... ولكن هذه الثورة الإسلامية لا تحمل شعاراً ينعكس في الحياة السياسية والاجتماعية للأمة من دون أن يكون له علاقة بالمبدأ والمعاد.. ولا يعني هذا بحال أن الآخرين لا دور لهم ولا علاقة معهم في أدوار الثورة الإسلامية أو في ما بعدها... بل يعني أن كل من يسير في فلك الثورة لا يمشي مع شعار مجرد... إذا تحقق فقد تحقق جزء من الثورة لأن هذه الثورة ليست مجموعة من شعارات بل تعني حاكمية الله تعالى ورجوع الأمر إليه.

4 ـ إن الإمام المقدس حيث يشير إلى نقاط الضعف التي كانت موجودة في المجتمع الإيراني قبل الثورة والتي يمكن لنا أن نلخصها بوجود ثغرة كبيرة في عالم التربية للأجيال الجديدة... فلا الحوزات تأخذ دورها جيداً ولا المدارس موضوعة بأيد أمينة... وبالإضافة إلى ذلك فإن أماكن الفساد تضخ إلى المجتمع أجيالاً ضائعة وتافهة.. إن الإمام من خلال هذه الإشارات يريد أن يعرفنا إلى أهمية هذه النقاط وكيف ينبغي أن تكون عليه حوزاتنا العلمية ومعاهدنا التعليمية، ومن هم الذين ينبغي أن يديروا هذه المؤسسات... وكيف ينبغي أن نتعاطى مع مختلف الوسائل التي تدمر الحياة الهادفة في المجتمع المسلم.. فإن المحافظة على مكتسبات الثورة تكمن في الحفاظ على طهارة ونظافة المجتمع الإسلامي في ما يقوم به من أعمال، وفي ما عليه من معتقدات.

5 ـ إن الثورة الإسلامية حيث إنها هدية إلهية.. فإن شعوب العالم الإسلامي التي تسعى نحو الإسلام، ولكنها تحسب حساباً للقوى الكافرة في هذا العالم.. يجب عليها أن لا تلقي بالاً لهؤلاء، فإن حال شعوب العالم الإسلامي هي كحال الشعب الإيراني قبل انتصار الثورة.. فإن كل نقاط القوة المادية كانت بيد الشاه ومع ذلك حصل الانتصار... وإذا كانت الأنظمة المرتبطة بالاستكبار العالمي قوية... فإن إرادة الله تعالى أقوى ولا سيما أن شعوب العالم الإسلامي رأت بأم العين هذه التجربة الفريدة للثورة الإسلامية في إيران.

6 ـ إنَّ انتصار الثورة الإسلامية في إيران ليس نهاية المطاف حتى بالنسبة إلى الشعب الإيراني.. وذلك لأن حركة الإسلام التي نصرها الله تعالى هي في مواجهة حركة الشيطان الذي يحكم أكثر أرجاء الأرض... وبناءً على ذلك فإن حركة المواجهة بين المعسركين سوف لن تقف أبداً حتى يسود الحق الإلهي مختلف هذه الأرجاء.. وإذا كان هذا المعسكر الشيطاني قد انهزم في أحد مواقعه فلا يزال أمامه مواقع كثيرة.. لا يجوز لأي شعب من الشعوب أن يخرجها من حساباته.. وإذا كان ثمة من يقول بأن هذا الشعب قد قام بما عليه من مواجهة الكفر وبالتالي فإنه يحق له الراحة فإن هذا الأمر غير صحيح من الجهتين.. لأن معارك الحق والباطل غير منفصلة في الواقع من جهة.. ولأن الباطل سوف لن يترك ذلك الموقع الذي انهزم فيه من جهة أخرى... ولقد أثبتت الأحداث التي جرت بعد انتصار الثورة الإسلامية أن هذا الموقع الإسمي الذي انهزم فيه الشيطان... سوف لن يتركه ذلك الشيطان بأي حال من الأحوال... ولكن في نهاية الأمر فإن قدرة الله تعالى التي استطاعت أن تحق الحق وتزهق الباطل... هذه القدرة مستمرة وطالما أن الارتباط مع الله تعالى الذي يزداد مع كل عناية إلهية مستجدة... طالما هو موجود فإن النصر الإلهي لا بد أن ينزل على هذه الأمة.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع