زينب يحيى(*)
إنّه لمنظر مؤلم أن نشاهد بعض الأطفال وهم يتناولون (التشيبس)، أو الشوكولا، أو البسكويت كوجبة فطور وهم في طريقهم إلى المدرسة صباحاً، بدل تناول وجبة صحيّة غنيّة بالفيتامينات والمعادن.
فإذا كانت بداية النهار على هذا الشكل، فكيف سيكون عليه الحال خلال بقيّة اليوم؟!
•أهميّة الغذاء السليم للطفل
يحتاج الطفل في طفولته إلى تناول غذاء صحيّ ومتنوّع، وذلك لتزويد جسمه بالفيتامينات والمعادن من أجل نموّ جسميّ سليم، يشمل النموّ العظميّ والعقليّ والعضليّ والهرمونيّ، حيث إنّ صحّته مدى الحياة تعتمد على تغذيته في مرحلة الطفولة. كما أنّ ما تختاره لطفلك من طعام له أكبر الأثر على تحصيله الدراسيّ.
والطفل يحبّ التقليد؛ فهو يقلّد كلّ ما يراه من كلام وتصرّفات، حتّى ما يتناوله الأهل. فمثلاً: عندما يرى أهله يتناولون المشروبات الغازيّة، سيكون لديه فضول لتجربتها وتقليدهم، ليصبح بنظرهم كبيراً، حتّى لو تمّ منعه، سيزداد فضوله ويتناوله خلسة؛ لذلك على الأهل توفير مائدة عائليّة متنوّعة العناصر الغذائيّة، ليعتاد الطفل على الطعام الصحيّ.
فما هو الغذاء الأمثل للطفل خلال الفترة الدراسيّة؟
•صندوق الغداء المدرسيّ
أظهرت الدراسات آثار نقص الحديد والزنك واليود وحمض الفوليك على الأداء المعرفيّ والقدرة على التفكير لدى الأطفال في سنّ المدرسة. فعلى سبيل المثال: يرتبط نقص الحديد والزنك بالوظائف العصبيّة، وانخفاض مناعة الجسم، والتعرّض للأمراض المعدية. وتفادياً لهذه المشاكل، على النظام الغذائيّ للطفل أن يتضمّن الأغذية الرئيسيّة الآتية:
1- الكربوهيدرات: تزوّد الجسم بالطاقة الضروريّة للنموّ ولأداء النشاطات البدنيّة. ويحتاج الدماغ إلى الطاقة حتّى يعمل بشكل فعّال من أجل تحسين القدرة العقليّة والتركيز والذاكرة، وتتوفّر الكربوهيدرات في الخبز والأرزّ والبطاطا والبقول والحبوب.
2- البروتين: تعمل البروتينات على بناء أنسجة الجسم وتعويض التلف؛ لذلك هي عنصر مهمّ للنموّ، وهي متوفّرة في اللحوم، والبقول، والحبوب، ومشتقات الحليب، والأسماك والدجاج.
3- الدهون الجيّدة: لتطوير الدماغ وتعزيز ذكائهم، كالأوميغا (3) الموجود في الأسماك والمكسّرات النيئة، وبذور السمسم، والشيا، والبيض...
4- الفواكه والخضراوات: تحتوي على العناصر الغذائيّة الغنيّة بالفيتامينات المضادّة للأكسدة (أ) و(ب)، وحمض الفوليك، والألياف والبوتاسيوم.
5- الحديد: يدخل في تكوين الهيموغلوبين المكوِّن لكريات الدم الحمراء التي تعمل على نقل الأوكسجين الذي يساهم في التركيز وتعزيز المناعة، وهو متوفّر في الأسماك والحبوب، والبقول، والسبانخ، واللحوم، والعسل، والتمر...
6- الكالسيوم: لتقوية أداء الأعصاب والعضل، وهو متوفّر في منتجات الألبان والخضراوات ذات الأوراق الخضراء.
7- فيتامين (د): يعزّز قوّة العظام والعضلات لدى الأطفال، ونقصانه في الجسم يسبّب إعاقة لعمليّة النموّ وزيادة في الوزن، وهو متوفّر في اللحوم، والحبوب، والأسماك، والأفوكادو، والحليب، والبيض.
8- الزنك: ضروريّ لعمل فيتامين (B6) الذي يمنع النعاس والتعب وضعف الاستيعاب، وهو متوفّر في المكسّرات والأسماك.
•الأمراض المرتبطة بمشاكل التغذية
1- البدانة: الأطفال الذين يتناولون الأطعمة الدسمة الغنيّة بالدهون المشبّعة أكثر عرضة للبدانة، سواء وهم في سنّ الدراسة أو لاحقاً في سنّ البلوغ. والأطعمة المشبّعة بالدهون تؤدّي إلى مشاكل صحيّة، مثل فرط الدهون على الأعضاء الداخليّة، كالقلب والكبد والمعدة والأوعية الدمويّة وخطر الإصابة بداء السكّري.
2- اضطرابات تناول الطعام: في عمر الذهاب إلى المدرسة يزداد انتشار حالة فقدان الشهيّة أو حالة الشره المرضيّ.
3- ارتفاع مستويات الكولستيرول.
4- تسوّس الأسنان: ويحدث ذلك نتيجة تناول الأطعمة والمشروبات الغنيّة بالسكّريات.
5- فقر الدم: عندما تفتقر الوجبات الغذائيّة إلى عنصر الحديد، فهذا يؤدّي إلى فقر الدم، والذي يؤدّي بدوره إلى انخفاض المستوى الدراسيّ بسبب ضعف النموّ المعرفيّ والتعب العامّ.
6- مشاكل في التنفّس والنوم.
•أطعمة صديقة للذكاء
1- الأسماك: هي مصدر جيّد لأحماض الأوميغا وبعض المعادن والفيتامينات الدهنيّة، والبروتين ومجموعة من العناصر الغذائيّة، مثل المغنيسيوم والسيلينيوم وفيتامين (ب). وكشفت الدراسات أنّ الأطفال الذين يتناولون السمك مرّة في الأسبوع على الأقلّ، يتمتّعون بمعدّل ذكاء أعلى.
2- الجوز: هو مصدر جيّد للأوميغا (3) وبعض المعادن والفيتامينات اللازمة لنموّ الطفل وتطورّه، ويحسّن من القدرات الذهنيّة.
3- البيض: يحتوي على الكولين، وهي أحد النواقل العصبيّة الهامّة التي تزيد من معدّل الذكاء وتقوّي الذاكرة.
4- الشوفان: يحسّن أداء الطفل العقليّ ومهاراته المتعلّقة بالدراسة.
5- زبدة الفستق: تحتوي على الدهون المسؤولة عن زيادة النموّ الذهنيّ والإدراكيّ.
6- السبانخ: غنيّة بالحديد الذي يساعد في تنشيط خلايا الدماغ، وتحسين أداء العمليّات العقليّة، وزيادة تركيز الطفل.
•أطعمة الخمول والاسترخاء
من الأفضل تجنّب الأطعمة التالية في فترات الدرس:
1- السكّر: يخفّض من أنشطة الدماغ، ويقلّل الذكاء، ويعطّل القدرة على التعلّم، ممّا يعوق وظيفة أعصاب الدماغ، فيؤثّر على مستوى التواصل، والتركيز، والتفكير.
2- الوجبات السريعة: تحتوي على الكثير من الدهون والزيوت التي يمكن أن تؤدّي إلى القلق والاكتئاب؛ لأنّها تؤثّر على مستوى الدوبامين، وهي المادّة المسؤولة عن الشعور بالسعادة.
3- الحليب ومنتجات الألبان: تحتوي على مادّة التربتوفان، وهو حمض أمينيّ يساعد على إنتاج السيروتونين القابل للتحوّل إلى الميلاتونين الذي يعتبر محفّزاً جيّداً للنوم.
4- الخسّ: أحد المحفّزات على الاسترخاء بسبب احتوائه على لاكتوكيريم التي تدخل في صناعة المهدّئات.
5- الموز: غنيّ بالمغنيسيوم الذي يوصف في حالات القلق واضطرابات الأعصاب؛ لأنّه باعث على تهدئتها.
6- المشروبات الغازيّة: تسبّب الخمول وعدم الحيويّة. ويمكن استبدالها باللبن أو الحليب.
7- الدقيق الأبيض: لأنّه يدفع الجلوكوز إلى مجرى الدمّ بسرعة، ثمّ يصيب الشخص بالخمول، ومن أمثلة هذه الأطعمة: الأرزّ الأبيض، والخبز الأبيض، والمعكرونة...
•ما هي أهمّ النصائح الغذائيّة لطلّاب المدارس؟
1- التركيز على وجبة الفطور: إنّ وجبة الفطور هي أهمّ الوجبات، خصوصاً للأطفال في سنّ الدراسة؛ لأنّها تشكّل مصدر الطاقة على مدار اليوم. كما أُثبت علميّاً دورها في تحسين التركيز والأداء والتحصيل الدراسيّ للأطفال. ويجب تناول وجبة الفطور بعد ساعتين من الاستيقاظ على الأقلّ للحصول على التركيز والطاقة اللازمَين في المدرسة، على أن تشمل كلّ العناصر الغذائيّة الغنيّة بالفيتامينات والمعادن، مقسّمة الى كربوهيدرات كالخبز والأرزّ، والبروتينات كالبيض واللحوم والأجبان والحليب ومشتقّاته، والخضار والفاكهة، مضافاً إلى الماء.
2- تناول وجبات خفيفة صحيّة: تكون بين الوجبات الرئيسة، للمساعدة على تحسين مستوى الطاقة والدماغ، ومن تلك الوجبات: الموز، زبدة الفستق، الفاكهة مع كوب حليب.
3- تجنّب الأطعمة الغنيّة بالسكّر والدهون: ننصح بالابتعاد عن اللحوم المصنّعة كالمرتديلا، وتجنّب المشروبات الغازيّة ومشروبات الطاقة.
4- الغذاء المتوازن: يحتاج التلميذ إلى غذاء متوازن يمدّ الجسم بالبروتين والكالسيوم والطاقة والفيتامينات.
5- شرب السوائل: الحرص دائماً على شرب السوائل أثناء الدرس، مثل المياه والعصائر الطازجة؛ لأنّ الجفاف يؤدّي إلى الإرهاق وضعف القدرة على التركيز.
6- الحرص على:
أ- الوزن الصحيّ وتجنّب السمنة.
ب- تناول الأطعمة الغنيّة بالألياف الغذائيّة الموجودة في الخضار والفواكه.
ج- النوم لساعات كافية (6-8 ساعات).
تذكّري، بضع قواعد غذائيّة سليمة، وقليل من الاهتمام، وكثير من الحمية، ستمدّ طفلك بطاقة كافية للدرس، وللحياة أيضاً.
(*) أخصائيّة تغذية.