مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أدب الأنبياء: نبي الله داود عليه السلام

 


﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْر﴾ِ(ص: 18).
 ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾ (الإسراء: 55).
 ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِين﴾َ (النمل: 15).
 ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (البقرة: 251).
 ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ (الأنعام: 84).


ذرية بعضها من بعض أوّابون، عابدون، مسبحون بحمد الله مستغفرون له.
داود عليه السلام صاحب الصوت الجميل الذي كان الطير يسبح الخالق معه والجبال بالعشي والإشراق.
نعم، لقد كان زبور داود عليه السلام عبارة عن آيات تتضمن تسبيح الله وحمده والثناء عليه، والتضرع إليه، إضافة إلى بعض الأخبار المستقلة، كما في قوله تعالى:  ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون﴾َ  (الأنبياء: 105)، فهو إخبار بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
والمعروف أن من كان يملك صوتاً جميلاً يقال إنه: أُعطي مزماراً من مزامير داود عليه السلام، والمزامير اسم الزبور عند أهل الكتاب.
وهذا يدلّنا على أن النبي داود عليه السلام كان كثير العبادة والذكر لله تعالى حتى أن الجبال لتخشع لهذا الصوت الجميل وهذا التسبيح الخاشع فتشاركه التسبيح: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ*  وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ  *  وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾َ  (ص: 18 ـ 20).
فهو إضافة إلى قوة ملكه وعلمه كان ذا قوة في تسبيحه لله تعالى.

لذا فقد ورد أنه قسم أيامه إلى أيام: يوم للعبادة، ويوم للقضاء، ويوم للوعظ والارشاد، ويوم لخاصة نفسه، مع العلم أنه كان في غير أيام العبادة لا ينسى ذكر الله تعالى وتسبيحه.
وفي يوم عبادته جاءه الملكان اللذان أرسلهما الله تعالى لتعليمه الحكم والقضاء بين الناس وعرضا مشكلة توحي ببغي أحدهما على الآخر، ولما كان العدل يقتضي أن يستمع القاضي للطرفين.
وقد أعطى النبي داود عليه السلام الحكم قبل أن يستمع للطرف الثاني، تنبه إلى خطأ إرشادي، عندئذ (ظن) عرف أنها فتنة، أي اختبار الله تعالى، فسجد لله مستغفراً معلناً توبته معترفاً بتسرعه في الحكم:  ﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾
ومما لا شك فيه أن الزلفى، وهي الحظوة والمنزلة، لا تكون لمذنب أو عاص بل لمن أطاع الله وعبده حق عبادته، وللذين أحسنوا في هذه الدنيا، وحسن العودة لا تكون إلا للعابدين المطيعين، ولما كان الله تعالى قد علم النبي داود عليه السلام الحكمة وفصل الخطاب بعد أن أعطاه الملك وعلمه مما يشاء، فلا يمكن لأدب النبوة أن يقابل عطاء الله وفضله إلا بالحمد والثناء والذكر والطاعة. وهذا ما ذكره الله جلَّ وعلا على لسانه بعد أن بين ما أعطاه هو وولده من العلم والفضل والخير: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بما في الحمد من معانٍ تدل على حصر الحمد بالله تعالى ثم الحمد الذي يكون شكراً على غير نعمة أنعمها الباري عزَّ وجلَّ، ففي ذلك دلالة واضحة على الاستغراق بالمدح والثناء على الله تعالى وشعور بالتصاغر أمامه جلّ وعلا.

وهو الذي وصفه الله تبارك وتعالى بأنه (أواب) أي كثير العودة والرجوع إليه تعالى بعد شيء من الغفلة أو ترك الأولى يستغفر ويتوب إليه لذا فقد وصفه بنعم العبد بما تعني العبودية أمام المولى من عدم الأحقية في التصرف إلا بإذنه ولكن داود عليه السلام لم يكن العبد فقط بل (نعم العبد) وفي ذلك مدح وخصوصية له في العبودية الخالصة لله تبارك وتعالى.

فأين نحن من الانتباه؟ وأين ذكرنا وشكرنا على نعمه وعطاءاته؟
هل نشكر الله تعالى أم نكون مصداق قوله: ﴿وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا﴾  (الإسراء: 83).
نسأل الله تعالى أن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً وأن يوفقنا لذكره وشكره والرغبة والإنابة إليه في السراء والضراء إنه سميع الدعاء.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع