25 ذو القعدة: يوم دحو الأرض
هو أحد الأيّام الأربعة المخصوصة بالصيام بين أيّام السنة، فعن الإمام الرضا عليه السلام: "... وفي خمسة وعشرين من ذي القعدة وُضِع البيت، وهو أوّل رحمة وُضِعت على وجه الأرض، فجعله الله عزّ وجلّ مثابةً للناس وأمناً، فمَن صام ذلك اليوم، كتب الله له صيام ستّين شهراً"(1)، و"كان كفّارة سبعين سنة"(2)، و"مَن صام هذا اليوم وقام ليلته فله عبادة مئة سنة، صام نهارها وقام ليلها"(3). وقد ورد لهذا اليوم، مضافاً إلى الصيام والعبادة وذكر الله تعالى والغسل، عملان:
الأوّل: صلاة ركعتَين تصلّى عند الضحى بـ"الحمد" مرّة و"الشمس" خمس مرّات، ويقول بعد التسليم: "لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ". ثمّ يدعو وَيقول: "يا مُقِيلَ العَثَراتِ أَقِلْنِي عَثْرَتِي، يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ أَجِبْ دَعْوَتِي، يا سامِعَ الأصْواتِ اسْمَعْ صَوْتِي، وَارْحَمْنِي، وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتِي وَما عِنْدِي، يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرام"(4).
الثاني: الدعاء الذي ذكره الشيخ في (المصباح): "اللّهُمَّ داحِيَ الكَعْبَةِ، وَفالِقَ الحَبَّة..."(5).
29 ذو القعدة عام 220 للهجرة: شهادة الإمام الجواد عليه السلام
كان الإمام الجواد -كآبائه الطاهرين- معروفاً بالجود والكرم، وفي هذا يقول الذهبيّ: كان أحد الموصوفين بالسخاء، ولذلك لُقِّب بالجواد(6).
وممّا يدلّ على ذلك، ما عن ابن أبي نصر قال: قرأت في كتاب أبي الحسن [الرضا] إلى أبي جعفر عليه السلام: "يا أبا جعفر، بلغني أنّ الموالي إذا ركبتَ أخرجوكَ من الباب الصغير، فإنّما ذلك من بخلٍ منهم، لئلّا ينالَ منك أحدٌ خيراً، وأسألك بحقّي عليك لا يكن مدخلك ومخرجك إلّا من الباب الكبير، فإذا ركبت فليكن معك ذهب وفضّة، ثمّ لا يسألك أحد شيئاً إلّا أعطيته، ومَن سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تُعطِه أقلّ من خمسين ديناراً، والكثير إليك، ومَن سألك من عمّاتك فلا تُعطِها أقلّ من خمسة وعشرين ديناراً، والكثير إليك، إنّي إنّما أريد بذلك أن يرفعك الله، فأنفِق ولا تخْشَ من ذي العرش إقتاراً"(7).
1 ذو الحجّة عام 2 للهجرة: زواج أمير المؤمنين من السيّدة الزهراء عليهما السلام
لقد كان زواج أمير المؤمنين من السيّدة الزهراء عليهما السلام زواجاً إلهيّاً، وفي ذلك ورد العديد من الروايات على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، منها:
- "إن الله عزّ وجلّ أمرني أن أزوّج فاطمة من عليّ بن أبي طالب ففعلت"(8).
- "إنّما أنا بشر مثلكم أتزوّج فيكم وأُزوّجكم، إلاّ فاطمة فإنّ تزويجها نزل من السماء"(9).
وعن الإمام عليّ عليه السلام: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عليّ، لقد عاتبني رجالٌ من قريش في أمر فاطمة عليها السلام وقالوا: خطبناها إليك فمنعتَنا، وزوّجتَ عليّاً، فقلت لهم: والله، ما أنا منعتكم وزوّجته، بل الله تعالى منعكم وزوّجه، فهبط عليَّ جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمّد، إنّ الله جلّ جلاله يقول: لو لم أخلق عليّاً لما كان لفاطمة ابنتك كفؤ على وجه الأرض؛ آدم فمَن دونه"(10).
7 ذو الحجّة عام 114 للهجرة: شهادة الإمام الباقر عليه السلام
قال عليه السلام ذات يوم لجابر بن يزيد الجعفيّ: "يا جابر، واعلم بأنّك لا تكون لنا وليّاً حتّى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا: إنّك رجل سوء لم يحزنك ذلك، ولو قالوا: إنّك رجل صالح لم يسرّك ذلك، ولكن اعرض نفسك على كتاب الله؛ فإن كنت سالكاً سبيله، زاهداً في تزهيده، راغباً في ترغيبه، خائفاً من تخويفه، فاثبت وأبشر، فإنّه لا يضرّك ما قيل فيك. وإن كنت مبائناً للقرآن، فما الذي يغرّك من نفسك؟"(11).
8 ذو الحجّة عام 60 للهجرة: خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكّة إلى العراق
روي عن الفرزدق الشاعر أنّه قال: حججتُ بأمّي في سنة ستّين، فبينا أنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم إذ لقيت الحسين بن عليّ عليهما السلام خارجاً من مكّة معه أسيافه وتراسُه(12) فقلت: لمَن هذا القطار؟ فقيل: للحسين بن عليّ، فأتيته فسلّمت عليه، وقلت له: أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحبّ، بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول الله، ما أعجلكَ عن الحجّ؟ فقال: "لو لم أعجل لأُخذت"، ثمّ قال لي: "من أنت؟"، قلت: امرؤٌ من العرب، فلا والله ما فتشني عن أكثر من ذلك، ثمّ قال لي: "أخبرني عن الناس خلفك"، فقلت: الخبير سألت، قلوب الناس معك وأسيافهم عليك، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء. فقال: "صدقت، لله الأمر، وكلّ يوم ربّنا هو في شأن، إنّ نزل القضاء بما نحبّ فنحمد الله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء، فلم يبعد من كان الحقّ نيّته والتقوى سريرته"، فقلت له: أجل، بلّغك الله ما تحبّ وكفاك ما تحذر، وسألته عن أشياء من نذور ومناسك فأخبرني بها، وحرّك راحلته، وقال: "السلام عليك"، ثمّ افترقنا(13).
9 ذو الحجّة عام 60 للهجرة: استشهاد مسلم بن عقيل
عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّك لتحبّ عقيلاً؟، قال: إي والله! إنّي لأُحبّه حبَّين: حبّاً له، وحبّاً لحبّ أبي طالب له، وإنّ ولده لمقتول في محبّة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون. ثمّ بكى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلمحتّى جرت دموعه على صده، ثمّ قال: إلى الله أشكو ما يلقى عترتي من بعدي"(14).
9 ذو الحجّة: يوم عرفة
يوم عرفة يوم دعاء ومسألة، فعن محمّد بن مسلم أنّه سأل الإمام الباقر عليه السلام عن صوم يوم عرفة، قال: "مَن قَوِي عليه فحسن إن لم يمنعك عن الدعاء، فإنّه يوم دعاء ومسألة فصُمه، وإن خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه"(15). ولقد نظر الإمام زين العابدين عليه السلام يوم عرفة إلى قوم يسألون الناس، فقال: "ويحكم، أغير الله تسألون في مثل هذا اليوم؟ إنّه ليُرجى في هذا اليوم لما في بطون الحبالى أن يكونوا سعداء" (16).
10 ذو الحجّة: عيد الأضحى المبارك
كان من دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام في عيد الأضحى: "اللَّهُمَّ، هَذَا يَوْمٌ مُبَارَكٌ مَيْمُونٌ، والْمُسْلِمُونَ فِيه مُجْتَمِعُونَ فِي أَقْطَارِ أَرْضِكَ، يَشْهَدُ السَّائِلُ مِنْهُمْ والطَّالِبُ والرَّاغِبُ والرَّاهِبُ وأَنْتَ النَّاظِرُ فِي حَوَائِجِهِمْ، فَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ وكَرَمِكَ وهَوَانِ مَا سَأَلْتُكَ عَلَيْكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِه... وأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ والْحَمْدَ، لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسُولِكَ وحَبِيبِكَ وصِفْوَتِكَ وخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ الأَبْرَارِ الطَّاهِرِينَ الأَخْيَارِ صَلَاةً لَا يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا إِلَّا أَنْتَ، وأَنْ تُشْرِكَنَا فِي صَالِحِ مَنْ دَعَاكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وأَنْ تَغْفِرَ لَنَا ولَهُمْ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"(17).
18 ذو الحجّة: عيد الغدير الأغرّ
خطب أمير المؤمنين عليه السلام في سنةٍ اتفق فيها الجمعة والغدير، فكان ممّا قال: "إنّ الله عّز وجلّ جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدَين عظيمَين كبيرَين... عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم، وبالبرّ بإخوانكم، والشكر لله عزّ وجلّ على ما منحكم، وأجمعوا يجمع الله شملكم، وتباروا يصل الله ألفتكم، وتهادوا نعمة الله كما منّكم بالثواب فيه على أضعاف الأعياد قبله أو بعده إلّا في مثله، والبرّ فيه يُثمر المال ويزيد في العمر، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه، وهيّئوا لإخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من وجودكم، وبما تناله القدرة من استطاعتكم، وأظهروا البشر فيما بينكم، والسرور في ملاقاتكم"(18).
1- الكافي، الكلينيّ، ج4، ص149.
2- المقنع، الصدوق، ص207.
3- جامع أحاديث الشيعة، البروجرديّ، ج9، ص424.
4- مفاتيح الجنان، عبّاس القمّيّ، أعمال يوم اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة (يوم دحو الأرض).
5- مصباح المتهجّد، الطوسيّ، ص669.
6- تاريخ الإسلام، الذهبيّ، ج15، ص385.
7- الكافي، (م. س.)، ج4، ص43.
8- دلائل الإمامة، الطبري (الشيعيّ)، ص143.
9- الكافي، (م. س.)، ج5، ص568.
10- بحار الأنوار، المجلسيّ، ج43، ص92.
11- (م.ن.)، ص284.
12- تراس: جمع ترس، وهو ما يستتر به المقاتل من عدوّه في الحرب.
13- الإرشاد، المفيد، ج2، ص67-68.
14- الأمالي، الصدوق، ص191.
15- الاستبصار، الطوسيّ، ج2، ص134.
16- الخصال، الصدوق، ص518.
17- جمال الأسبوع، ابن طاووس، ص264.
18- عيد الغدير في الإسلام، الأمينيّ، ص69