يُدار مجمع شركات "وادي السيليكون" بالشراكة والتحالف مع أركان النظام والمشروع الأمريكيّين، ووزارة الخارجيّة الأمريكيّة، ووزارة الدفاع (البنتاغون)، وجهاز الأمن القوميّ الأمريكيّ NSA. ويتبلور هذا الارتباط والتنسيق في ظلّ إشراف مجلس الابتكار والتكنولوجيا ( PCAST) التابع للبيت الأبيض على القطاع الخاصّ للاتّصالات والمعلوماتيّة. وأبرز أعضاء مجلس إدارة هذا المجمع هو مدير برنامج المجتمع المدنيّ في وزارة الخارجيّة الأمريكيّة.
أهمّ شركات "وادي السيليكون" هي شركات أمريكيّة للاتّصالات وصناعة أدواتها وإنتاج برامج المعلوماتيّة وبرامج تشغيلها، منها: شركة أوراكل Oracle، شركة غوغل Google، شركة إنتِل Intel، شركة مايكروسوفت Microsoft، شركة فايسبوك facebook، ومراكز أبحاث جامعة ستانفوردStan Ford.
إذا عرفت كيف تتحكّم الإدارة الأمريكيّة بهذه الشركات، سيسهل فهم دورها في الهيمنة السياسيّة من خلال استخدام مواقع التواصل.
•الهيمنة السياسيّة
هنا يأتي دور الهيمنة السياسيّة من خلال ترويج المفاهيم التنظيميّة والإداريّة الأمريكيّة، عن طريق نظريّة "الحوكمة الإداريّة الرشيدة"، لضبط العمليّات الحكوميّة في العالم ومراقبتها، ومنح شبكات التواصل الاجتماعيّ أدوات التأثير في عمل الحكومات وبرامجها، من خلال الضغط عن طريق الإعلام والصحافة والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعيّ؛ لذلك تدير الإدارة الأمريكيّة برنامج تحت عنوان "التنمية الدوليّة والديمقراطيّة من أجل المساءلة والحكم"، يرتكز على الهواتف الذكيّة ووسائل التواصل الاجتماعيّ، لتسهيل الإصلاح المؤسّسيّ. وينفّذ البرنامج منظّمة "مينابوليس" ومركزها في تركيا، ولها مكاتب في بيروت، وفروع أخرى في البلدان الأوروبيّة.
وقد اتّخذت أمريكا قراراً بتغيير الوطن العربيّ عبر ثورات ناعمة من خلال وسائل الاتصال الاجتماعيّ؛ ففي أيلول 2010م، نظّم "غوغل" في بودابست "منتدى حريّة الإنترنت"، وقد سبق ذلك وتبعه سلسلة منتديات، مثل "منتدى الديمقراطيّات الجديدة أو المستعادة" في 2006م، شارك في إحداها بيل كلينتون، واتّفق على وثيقة سرّيّة باسم "مشاريع التغيير في العالم العربيّ"، مثل: الشحن الطائفيّ، تدريب مجموعات ميدانيّة، تلفيق أخبار كاذبة، ربط الأرض بمراكز إعلاميّة عالميّة، التظاهر والاحتجاج، ثمّ قلب أنظمة الحكم. وقد نفّذوا هذا السيناريو في العالم العربيّ وغيره.
•المواجهة
إنّ مواجهة الحرب الإلكترونيّة هذه تحتاج إلى إمكانيّات هائلة غير متوافرة، لكن على قاعدة "داوني بالتي كانت هي الداء"، تمكن المواجهة بالاعتماد على هذه الوسائل نفسها، بشروط هي:
1- الإيمان بالله سبحانه، وأنّه الناصر والمعين.
2- معرفة أنّ مواجهة هذا الخطر هي واجب شرعيّ كفائيّ، وأنّها مقاومة جهاديّة في مقابل عدوّ أخطر من الأسلحة القاتلة؛ لأنّه خطر يقتل الدين والأخلاق والقيم الاجتماعيّة والدينيّة التي بنيت عليها مجتمعاتنا الإسلاميّة.
3- معرفة أنّ ترك المواجهة المطلوبة محرّم؛ لأنّه سيؤدّي إلى سيطرة أعداء الدين، وعلى رأسهم أمريكا والعدوّ الإسرائيليّ، على العباد والبلاد.
4- البصيرة بخطط الأعداء ومؤامراتهم، فقد قال الإمام الخامنئيّ دام ظله : "إنّ أكثر ما يكون ضروريّاً للإنسان في ميادين الدفاع عن الدين هو البصيرة. فالفاقدون للبصيرة ينخدعون، ويصبحون في جبهة الباطل دون أن يشعروا، تماماً كالذين كانوا في جبهة ابن زياد ولم يكونوا من الفسّاق والفجّار، إلّا أنّهم لم يكونوا من أهل البصيرة"(1).
5- الاستفادة من البدائل المفيدة التي تؤمّنها هذه التكنولوجيا.
6- العمل بشكل فرديّ وجماعيّ لجعل وسائل التواصل منبراً لإيصال الفكر الإسلاميّ، وكلّ ما يخدم الأمّة.
7- أن يكون كلّ واحد منّا إعلاميّاً وسياسيّاً ومرشداً دينيّاً واجتماعيّاً في هذه الساحة.
8- تفعيل نشر الآيات والروايات والأحاديث والفتاوى الدينيّة، وبثّ ونشر الصور والصوتيّات والأفلام والكتب الإسلاميّة الهادفة، وأوقات الصلاة والمناسبات الإسلاميّة والتحليلات السياسيّة التي تكشف مشاريع العدوّ الفاسدة وتكتيكاته.
والأهمّ أن يعرف الفرد أنّها ساحة معركة حقيقيّة ويتحصّن نفسيّاً من الفتن والألاعيب الذي يخطّط لها العدوّ، ويقع فيها الصديق أحياناً.
1.الإمام الخامنئيّ دام ظله (22/4/1371هـ.ش).