نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

المقاومة: تواجه التشــويه


التحرير


لم يسمع أحدٌ -ولن يسمع- أن هناك حجراً قد تمّ تزييفه؛ لأنّ التزييف لا يطال إلّا النفائس.
"هم يعرفون أنّهم أعجز من أن ينالوا من هذه المقاومة عسكريّاً على المستوى الإقليميّ، لكن يحاولون أن ينالوا منها، من صورتها، من قدرتها، من مصداقيّتها، ولذلك نجد هذا الكمّ الهائل من الأكاذيب والشائعات التي تمسّ هذه المصداقيّة، ويُنفق من أجلها مئات ملايين الدولارات باعتراف المنفقين أنفسهم"(1).
هكذا غالباً ما ينبّه سماحة الأمين العام السيّد حسن نصر الله (حفظه الله) بعد كشفه خلفيّات بعض الاتّهامات التي ما تزال تطال المقاومة. وفي هذا المقال سنعرض جملةً من ردود سيّد المقاومة علــى المسلسـل المستمرّ لحملات التشويه والافتراءات:


1- الشموليّة والسيطرة على البلد

تعدّدت الاتّهامات التي تطلق على حزب الله ليصنّف كحزب شمولي يسيطر على البلاد والحكومة والقرارات أحياناً. وغالباً يأتي ردّ سيّد المقاومة على ثلاثة مستويات:

أ- إبطالاً للاتّهام:
"أنتم تعطوننا فائض قوة سياسيّة عندما تصوّرون للعالم كلّه أنّ الذي يحكم لبنان وحكومة لبنان والذي يمسك بالدولة هو حزب الله. هذا تضخيم سياسيّ للحزب ونحن لسنا مقتنعين به (...) فلو كانت هذه حكومة الحزب الواحد أو حكومة شموليّة، لتشكّلت في أيام قليلة وخلال ساعات"(2).

ب- كشفاً لخلفيّة الاتّهام:
"واحد من استهدافاته هو محاولة استخدام هذا الشعار للتحريض الداخليّ وخصوصاً التحريض المذهبيّ والطائفيّ كأن يقال: إنّ حزب الله الشيعيّ هو الذي يسيطر على الحكومة وعلى الدولة، فيا أهل الطوائف الأخرى أين أنتم؟ وفي ذلك تحريض لما يسمّى بالمجتمع الدوليّ أو الدول الخارجيّة"(3).

ج- تنبيهاً من تداعيات الاتّهام:
"في كلّ الأحوال عندما تحرّضون الخارج ليتّخذ إجراءات ضد لبنان، سيضغط على المصارف وعلى الاقتصاد وعلى المساعدات في لبنان. ومن سيتضرّر؟ سيلحق الضرر بالدولة، بالشعب وبالبلد، أمّا هذه المقاومة بالتحديد فقد تكون أقلّ الجهات تضرّراً"(4).

2- توريط لبنان في مواجهات وحروب إقليميّة

هذا الاتّهام كان نغمةً تُعزف كلّما وقع على لبنان هجوم، وتصدّى له حزب الله ضد الإسرائيليّ، أو التكفيريّ. وهو أحد التأثيرات النفسيّة على جمهور المقاومة ومؤيّديها؛ إبطالاً لحقّ المقاومة في الردّ والدفاع. يُبيّن ذلك خطاب الأمين العام: "الإسرائيليّ عندما يريد أن يعتدي على لبنان لا يحتاج إلى حجّة أو ذريعة، هو يستطيع تركيب أيّ اتّهام يريد ويشنّ الحرب مباشرة، دون أن ينتظر أيّ تحقيقات. تذكرون، عام 1982م اتّهم الإسرائيليّ جهات فلسطينيّة بمحاولة اغتيال السفير الإسرائيليّ في لندن، ولم يمت (السفير)، ولم ينتظر (العدوّ) الاتّهام البريطانيّ، اتّخذها ذريعةً وشنّ هجوماً على لبنان... هناك تبسيط كبير عندما نقول إنّه يحتاج إلى ذريعةٍ وسببٍ"(5).

تهدف هذه الاتّهامات إلى الحدّ من إنجازات المقاومة وتفريغها من دورها، بالتالي تتحوّل لتشكّل خطراً على بيئتها بدلاً من كونها صمام أمان وقوة دفاعيّة، لذلك يعيد خطاب المقاومة دائماً إنجازاتها كقوّة ردع إلى الضوء: "يجب أن نذكّر اللبنانيين جميعاً أنّ هناك حقيقة مستجدّة بعد عام 2006م، وهي أنّ الإسرائيليّ عندما يفكّر في حرب على لبنان يحسب ألف حساب. لبنان لم يعد مكسر عصا، ولم يعد مكاناً للنزهة الإسرائيليّة"(6).

وكذلك، يتكرّر هذا الاتّهام في الدفاع ضدّ الامتداد الإرهابيّ التكفيريّ حتّى اليوم، فيما إنجازات المقاومة تُثبت أنّ دفاعه الاستباقيّ خارج لبنان، حفظ البلد من أن يتحوّل إلى معسكر أو ساحة مجازر كما يحصل في غير مكان.

3- سلاحه للوصول إلى السلطة

كثيراً ما تمّ تشويه دور السلاح الدفاعيّ للمقاومة، لأنّه يشكّل في الواقع كابوساً للعدو، فتمّ تصويره كتهديد داخليّ وأداة للحصول على السلطة، منها: إنّ حزب الله يتمسّك بمعادلة "كلّ السياسات في خدمة السلاح"، فهو مستعدّ لتقديم التنازل عن حصّته في عدد الوزراء، والمجاراة في قانون الانتخابات، لقاء أن يبقى السلاح خارج التداول(7). والسبب في ذلك أنّ سلاحه مصدر قوّة وسلطة مطلقة له!

"لماذا تقولون الشيء ونقيضه؟ أنتم تردّدون أنّ هدف هذا السلاح الحصول على السلطة، ها أنتم تعترفون أنّنا نقدّم تنازلات عن السلطة من أجل الحفاظ على السلاح، أليس كذلك؟! فإذا كان هدف هذا السلاح هو الوصول إلى السلطة، فكيف أقدّم تنازلات في السلطة للحفاظ على السلاح؟!... نعم، سياستنا هي التنازل للحلفاء وللأصدقاء وللشركاء لا من أجل الحفاظ على السلاح، بل من أجل الحفاظ على المقاومة. هذا السلاح لو لم يكن لمقاومة إسرائيل لا يساوي عندنا شيئاً على الإطلاق، ولا يستحقّ أن يضحّي شخصٌ من أجله"(8).

4- الطائفيّة وقتاله المسلمين

يطول الحديث عن هذا الاتّهام الذي فُسّر به دخول المقاومة إلى سوريا، فبعد مرور أيام على تصنيف مجلس التعاون الخليجيّ "حزب الله" منظمةً إرهابيّة، يطلّ الأمين العام خلال ذكرى أسبوع الشهيد (علاء البوسنة) ليتحدّث للمرة الأولى عن دور المقاومة في البوسنة. ولعلّ تجربة الشهيد (علاء) دفاعاً عن سكانها من أهل السّنة والجماعة كانت المثال الأبلغ للردّ على الاتّهامات بأنّ وجوده في ميادين القتال ينطلق من بُعد مذهبيّ ضيّق: "لمن يتّهمنا اليوم بأنّنا مقاومة طائفيّة، عندما ذهبنا إلى البوسنة، هل كان هناك شيعة ذهبنا لندافع عنهم؟ الجميع يعرف أنّ المسلمين في البوسنة من أهل السنّة والجماعة. علاء غادر بلدته وعائلته وأرضه المحتلّة مع إخوانه ليقاتلوا دفاعاً عن إخوانهم المسلمين. فهل نكون طائفيّين؟!"(9). مضافاً إلى شرحه سبب التدخُّل في العراق التي يقع المسلمون السنّة فيه ضحايا بأعداد تفوق أعداد الضحايا من الشيعة، بسبب الهجمات التكفيريّة التي لا تفرّق بينهم.

وهنا مفصل هامّ، فمن هم المسلمون الذين تقاتلهم المقاومة؟ وهل يصحّ وصفهم بذلك؟! يكرّر سيّد المقاومة في أكثر من مناسبة تشريح الأسباب التي دفعت إلى المساهمة في التصدّي لـ "داعش" خارج الحدود اللبنانيّة، مشيراً إلى أنّها مزيج من اعتبارات أخلاقيّة وسياسيّة ودينيّة، عابرة للاصطفافات الطائفيّة والمذهبيّة؛ لأنّ "داعش" تهدّد مصير المنطقة كلّها، يدمّرون كل شيء: المساجد، الكنائس، المقامات.. لم يوفّروا أحداً، يكفّرون كل من يختلف معهم، ويتقاتلون فيما بينهم. مضافاً إلى تصريح آخر لسماحته في ذكرى الشهيد "ذو الفقار" بأنّ "هؤلاء جزء من المشروع الأميريكيّ التكفيريّ في المنطقة، لا المسلمين"(10).

5- حزب الله إرهابي!

كانت الوصمة التقليديّة لجميع أعداء القوى الاستكباريّة في المنطقة، فيأتي السؤال الذي طرحه سماحة السيد حسن مؤلماً لمن يكذب هذه الكذبة ويصدّقها: "كيف يكون إرهابيّاً من يواجه "داعش" وإسرائيل؟!"(11)، فيما تتخاذل كلّ الدول العربيّة عن إرسال دعم متواضع للمقاومة الفلسطينيّة.

أمّا سبب هذا الاتّهام فهو تشكيل غطاء علنيّ للإسرائيليّ الذي لا يحتاج إلى غطاء: "الإسرائيليون في حرب تمّوز وحرب غزّة قالوا: إنّ بعض المسؤولين في الحكومات العربيّة طالبونا بأن لا نوقف الحرب في لبنان وفي غزّة حتّى نتخلّص من المقاومة. والإسرائيليّ يعرف رغبات بعض الأنظمة الرسميّة العربيّة التي تُشكّل غطاءً له (...) وهناك مشروع سعوديّ في لبنان، أُنفق عليه مئات المليارات باعتراف السعوديّين أنفسهم ووثائق ويكيليكس. حين ينظر السعوديّ إلى هذا الفشل هنا وهناك، سيحمّل أحداً ما المسؤوليّة، هذا أوّلاً. مضافاً إلى مكانة حزب الله في العالم العربيّ والإسلاميّ حين تصيح المقاومة التي هزمت إسرائيل، والتي سكتت وصبرت على كلّ الجراح التي لحقت بها من النظام السعوديّ في وجهه، في موضوع اليمن فإنّ هذا الصوت العالي سيلقى صدىً في كلّ العالم العربيّ والإسلاميّ. وهذا النظام لا يتحمّل أن يصل صوتٌ لديه مصداقيّة، أو يعترض عليه وينتقده"(12).

* لِمَ كل هذا الاتّهام والتشويه؟!

يلاحظ كلّ من يتابع تاريخ المقاومة إلى اليوم أنّها تواجه تحدّيات مختلفة لم تنتهِ، ميدانيّاً أو إعلاميّاً، والسبب إفلاس العدوّ عسكريّاً، الذي تحوّل إلى خطّة أخرى: "عندما تشخّص إسرائيل أنّ هذه المقاومة هي الخطر المركزيّ، ستعمل بشكل أو بآخر على إزالته. ويوجد طرق عديدة، أهمّها طريقان:

الأوّل: أن تشنّ إسرائيل حرباً على هؤلاء وتمسحهم؛ أي حرباً شاملة.

الثاني: تلجأ إليه كلّ الدول عادةً، وهو الطريق الطويل، بأن يعملوا على محاصرة هذا الخطر سياسيّاً، شعبيّاً، إعلاميّاً، فيعملون على شيطنته، ويحاصرونه ماليّاً، يقطعون خطوط إمداده، [يعملون على] اغتيال قياداته، اختراقه أمنيّاً لكشف مقدراته وإمكاناته وتشويه صورته في العالم. هذا الجسم يضعف من الداخل ويهترئ ويشكّ الناس بعضهم في بعض، وتبدأ الحاضنة الشعبيّة من حوله بالانكفاء ليصبح هزيلاً، فيمكن قطفه في أيّ لحظة من اللحظات، ويأتي الخيار العسكريّ أو قد لا يأتي، وينهي هذا الوجود.

جرّبت إسرائيل الطريق الأوّل في حرب تموز، ولم ينجح. الطريق الثاني هم ماضون فيه، حيث يعملون على شيطنة حزب الله، وتحويله إلى منظمة إرهابية وإجرامية. للأسف الشديد، آخر المقالات تتّهم الحاج عماد مغنية -وهو في دار الآخرة- بتجارة مخدّرات، غسيل أموال، سرقات دولية. وتُنسب إلينا أعمال غير صحيحة على الإطلاق: مجرمون، نقتل الأطفال، ونغتصب النساء... هذا كلّه عمل ماكينة إعلاميّة دوليّة وعربيّة وخليجيّة تعمل 24 /24 ساعة... وصولاً للحصار الماليّ والإجراءات الأخيرة. أنا قلت ليس لدينا أموال في البنوك، ولا عندنا مشاريع، لكن يريدون ضرب جمهورنا وشعبنا واقتصاد بلدنا، وصولاً إلى الحرب النفسيّة. كلّ هذا جزء من حرب لمصلحة إسرائيل"(13).

* سنواجه بالإنجازات والانتصارات

"أوّلاً: الحرب النفسية لن تجدي معنا، لن نتراجع ولن نستسلم، سنواصل في موضوع جهوزيّتنا وقدراتنا العسكريّة والنوعيّة والبشريّة...

ثانياً: نحن نواجه التشويه، ولا ندّعي أنّنا نملك إعلاماً بقوّة ذاك الإعلام، لكنّنا نواجهه بمصداقيّتنا وأخلاقنا وسلوكنا وماضينا وحاضرنا. نحن نواجه التشويه بطهارة السيّد عبّاس الموسوي، بزهد الشيخ راغب حرب، بطهارة وتواضع الحاج عماد مغنيّة، بما حقّقناه من إنجازات أهديناها إلى شعبنا ووطننا وأمّتنا، ولم نبحث عن مكاسب حزبيّة أو شخصيّة أو طائفيّة. بهذه المصداقيّة وبهذا الصدق والوفاء نواجه التشويّه، وبالإنجازات وبالانتصارات نواصل العمل أيضاً"(14).


1- خطاب الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله)، في 24-6-2011م.
2- خطاب سماحته، في تاريخ 16-2- 2013م.
3- الخطاب نفسه.
4- الخطاب نفسه.
5- الخطاب نفسه.
6- الخطاب نفسه.
7- الخطاب نفسه، بتصرف.
8- الخطاب نفسه.
9- خطاب سماحته (حفظه الله) في أسبوع الشهيد (علاء البوسنة)، في تاريخ 6/3/2016م.
10- خطاب سماحته، في ذكرى أربعين القائد الشهيد "ذو الفقار"، في تاريخ 12/6/2016م، بتصرف.
11- خطابه السابق، في تاريخ 6/3/2016م.
12- حوار على قناة الميادين مع غسان بن جدّو، في تاريخ 21/3/2016م.
13- كلمته في احتفال ذكرى تكريم القادة الشهداء، في تاريخ 16/2/2016م.
14- الخطاب نفسه.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع