هل تعلم: أنّك مراقب أينما كنت؟ وأنّ هناك من يستفيد من المعلومات التي تقدّمها بنفسك له من خلال الهاتف ووسائل التواصل؟ وأنّ جرائم الابتزاز الإلكترونيّ بواسطة الإنترنت ووسائل التواصل كثرت جدّاً؟
•انتفاء الخصوصيّة الشخصيّة
الإنسان منذ استيقاظه، كلّ ما يقوم به مصوّر بالفيديو الموجود في الهاتف المحمول، ومكانه معروفٌ بمجرّد حمله له، حيث يمكن لمن يتابعه أن يعرف التفاصيل الدقيقة للأماكن التي يوجد فيها، وتفاصيل بيته التي يعطيها هاتفه وهاتف زوجته وهاتف أولاده، بل والتي تعطيها الأدوات المنزليّة المتّصلة بالإنترنت.
فإذا خرج، تتولّى كاميرات الشارع وهواتف الآخرين أيضاً المساعدة في هذا العمل، وكاميرات المحالّ التجاريّة والشركات ومكان العمل، ومن فوقه الأقمار الصناعيّة التي تصوّر هي أيضاً، وتتلقّى كلّ هذه المعلومات وتخزّن في سيرفرات مواقع الإنترنت وتصل إلى كلّ متتبّع لك، وغير متتبّع؛ لأنّ هذه المعلومات والصور إن لم يكن هناك فوائد أمنيّة ونحوها منها، ففيها فوائد تجاريّة لهذه المواقع السيبريّة، تنتج من خلالها المعلومات على أصعدة الحياة جميعها لبيعها للمستخدم الذي يطلبها من الموقع.
•السرقة الإلكترونيّة والابتزاز الإلكترونيّ
تحوّل الابتزاز الإلكترونيّ إلى سمة سلبيّة لوسائل التواصل، وكثرت سرقة المعلومات والتهديد بها بمحوها أو تغييرها أو نشرها، وسرقة الأموال، وسرقة الخصوصيّات، وحواسيب الشركات التجاريّة، وحتّى المؤسّسات الأمنيّة والعسكريّة، كما حصل عند تسرّب وثائق "ويكيليكس". وقد تمكّن بعضهم من سرقة نقود من البنوك ومن حواسيب الشركات، من خلال الدخول إلى حسابات الأشخاص أو الشركات واستدراجهم للحصول على الأرقام السريّة لها والوصول إلى المعلومات التي يريدونها، فإمّا يسحبون الأموال من الحسابات أو المعلومات والصور ليبتزّوا أصحابها، أو لإخضاعهم وتجنيدهم لمخطّطاتهم الأمنيّة والعسكريّة وغيرها.
قد يرسل الشخص المبتزّ منشورات وصوراً وفيديوهات لاستدراج المستهدف، وقد يكون بالاستعانة بنساء، والخطأ الأوّل أن يفتح الشخص المستهدف الصورة أو الفيديو المرسل إليه ويتجاوب مع المبتزّ، فيقع ضحيّة في الفخّ بإرادته.
قد يكون الابتزاز فرديّاً يقوم به فرد معيّن من أجل أهداف شخصيّة، وقد يكون حالة منظّمة تقوم بها جماعة أو عصابة أو جهة معادية، كجهاز أمن دولة ما، كما تفعل الدول بالتجسّس على بعضها بعضاً للقيام بعمليّة الابتزاز السياسيّ.
•البداية صداقة.. والنهاية ابتزاز
يقول شابّ تعرّف على صبيّة عن طريق "الفايسبوك": "تعرّفت عليها على أنّها من دولة عربيّة، وتحادثنا بأشياء مختلفة. وبعد تواصل متكرّر، تمّ التعبير عن الإعجاب، ثمّ إرسال صور وفيديوهات ومحادثات حميمة وغيرها. بعد مدّة تبيّن أنّها لبنانيّة، وابنة لأحد العملاء، وهي مجنّدة في جيش العدوّ الإسرائيليّ، ومعها فتيات عديدات، وبدأت بابتزازي بالمعلومات والصور التي أرسلتها لها، وهدّدتني بتخريب حياتي العائليّة والعمليّة، وطلبت منّي التعاون معها؛ لكنّني قطعت التواصل معها نهائيّاً، مستعدّاً لتحمّل كلّ نتائج خطئي، وبلّغت الجهات المعنيّة بالأمر، والحمد لله انتهى الموضوع عند هذا الحدّ دون نتائج مؤذية، لفشلهم في التأثير عليّ".
•الحذر المطلوب
يجب علينا أن نلتفت خلال تعاملنا مع وسائل التواصل، حتّى لا نكون ضحيّة لأخطارها المختلفة وأهمّها الخطر غير الأخلاقيّ، ومنه الابتزاز الإلكترونيّ؛ فإنّ صورك الشخصيّة وصور عائلتك وأقربائك، وكذلك محادثاتك الخاصّة، فذلك كلّه يشكّل سلاحاً ضدّك بيد عصابات الابتزاز الإلكترونيّ وبيد أعدائك. عن الإمام عليّ عليه السلام: "من كساه الحياء ثوبه، لم يرَ الناس عيبه"(1)؛ فمن الحياء أن يستر المرء عيوبه، فإن اتّصف به، لم يرَ عيبه أحد من الناس.
•في الكتمان أمان
كذلك لا يصحّ إظهار كلّ أمر مهما كان، بل أغلب أمور الإنسان يجب أن يحيط بها الكتمان، والمكتوم لا يحسن إعلانه، روي عن الإمام عليّ عليه السلام: "ليس كلّ مكتوم يسوغ إظهاره لك، ولا كلّ معلوم يجوز أن تعلمه غيرك"(2). ويأمرنا الإمام الكاظم عليه السلام بحفظ ألسنتنا عن الكلام بما لا يحسن كشفه من الأمور الخاصّة والعامّة، كي لا نمكّن الناس من إذلالنا، والتحكّم برقابنا، فيقول: "احْفَظْ لِسَانَكَ تُعَزَّ، ولا تُمَكِّنِ النَّاسَ مِنْ قِيَادِ رَقَبَتِكَ فَتَذِلَّ"(3).
•كيف تحمي نفسك من الابتزاز الإلكترونيّ؟
1- لا تفتح رسالة أو صورة أو مواقع لا تعرفها حتّى من الأصدقاء.
2- لا تقبل طلبات الصداقة من أشخاص غير معروفين.
3- لا تحتفظ بصورك وصور عائلتك على هاتفك وعلى مواقع التواصل.
4- إقفال كاميرا هاتفك الجوال وحاسوبك وتلفازك وأدواتك المنزليّة، كي لا يتمّ تشغيلها دون معرفتك.
5- قطع الاتّصال بالشخص الذي يحاول الابتزاز أو الاستدراج.
6- إبلاغ الجهات المعنيّة بالأمر.
•انتبه!
عند وقوعك أنت أو أحد أفراد عائلتك في فخّ الابتزاز الإلكترونيّ، لا تتردّد ولا تخجل في اللجوء إلى الجهات المعنيّة التي إلى جانبك وفي خدمتك من أجل حمايتك ومساعدتك.
1.نهج البلاغة، خطب الإمام عليّ عليه السلام، ج4، ص50.
2.(م.ن).
3.الكافي، (م.س)، ج2، ص225.