* مسؤولية الأمهات كمسؤولية الأنبياء
جاء الأنبياء لبناء الإنسان. والأنبياء مكلّفون ليجعلوا من الأشخاص الذين هم بشر ولا يختلفون عن الحيوانات إنساناً، ويزكّوهم. وهذا هو شغل الأنبياء، ويجب أن يكون هذا هو شغل الأمهات إزاء الأطفال في أحضانهنّ، وأن يزكينهم من خلال أعمالهنّ.
* التأثير الأقوى للأم
تبدأ التربية أساساً من الحضن الطاهر للأم، ومن جوار الأب. ويمكن من خلال التربية الإسلامية والصحيحة وضع اللبنات الأولى للاستقلال والحرية، والالتزام بمصالح البلاد في نفس الطفل. ويتربى الطفل في حضن أمه أفضل من المعلم، لأن علاقة الطفل بأمه لا تضاهيها أية علاقة، وإن ما يسمعه من أمه في صغره ينقش في قلبه، ويبقى معه حتى النهاية. إن تأثير الأسرة وخاصة الأم على الأطفال، كبير جداً. ولو تربى الأولاد بشكل لائق وتعليم صحيح في أحضان الأمهات وبحماية الآباء المتدينين، ثم يُرسلون إلى المدارس، فإن عمل المعلمين سيكون أسهل. يجب على الأمهات أن يلتفتن إلى هذا المعنى فيربين الأطفال تربية صحيحة ونزيهة، ولتكن أحضانهن مدرسة علمية وإيمانية، وهذا شيء عظيم جداً لا يستطيع أحد أن يقوم به سوى الأمهات. ويتقبل الطفل من الأم أكثر مما يتقبله من الأب، وتؤثر أخلاق الأم في طفلها الصغير، ويتأثر بها أكثر من الآخرين.
* حضن الأم مدرسة
أنتنّ أيتها السيدات تملكن شرف الأمومة، وتسبقن الرجال بهذا الشرف، وتقع عليكنَّ مسؤولية تربية الطفل في أحضانكنَّ؛ فحضن الأم هو أول مدرسة للطفل. تربي الأم الصالحة طفلاً صالحاً، ولو كانت منحرفة لا سمح الله فسوف يخرج الطفل من حضنها منحرفاً، ولأن الطفل يرتبط بعلاقة خاصة بالأم لا مثيل لها وينظر إليها على أنها تجسّد كل آماله؛ فإن كلام الأم وخُلقها وعملها يؤثر في الطفل. وبما أن حضن الأم هو الصف الأول للطفل فلو كان طاهراً ونزيهاً ومهذباً لنشأ الطفل منذ البداية ونما مع تلك الأخلاق الصحيحة ومع تهذيب النفس ذاك ومع ذلك العمل الجيد. عندما يكون الطفل في حضن أمه ويشاهد خُلُقَهَا الجميل، وعملها الصحيح، وقولها الحسن، فإنه سيكون منذ تلك اللحظات في أعماله وأقواله مقلّداً لأمه، وهو تقليد أعمق من أي تقليد آخر، وتوجيهاً منها أكثر تأثيراً من أي توجيه آخر؛ لذا يجب عليكنّ أن تهتمّن بأطفالكن الصغار الذين لهم نفوس تجعلهم يقبلون الأمور بسرعة، ويقبلون التربية بسرعة، ويقبلون الصالح والطالح بسرعة، فأنتن المسؤول الأول عن أطفالكنّ. كما أنه لو ربيتنّ طفلاً تربية صالحة فقد يحقق سعادة شعب بأكمله، فإنه إذا تربى طفل لا سمح الله تربية فاسدة في أحضانكنّ فقد يؤدي إلى حدوث فساد في المجتمع. الأمهات أساس الخيرات، وسوف يكنّ - لا سمح الله - أساس الشرّ فيما لو ربّين أطفالهنّ تربية سيئة. قد تربّي أم معينة طفلها تربية حسنة، فيقوم ذلك الطفل بإنقاذ أمه، وقد تربيّه تربية سيئة فيكون سبباً لهلاك أمَّة! لا تظنّن أنه طفل، فقد يصبح هذا الطفل في يوم ما على رأس المجتمع، ومن المحتمل أن يجرّ ذلك المجتمع إلى الفساد؛ إذ إن فساده لا يقتصر على نهب ذخائرنا، ولا يقتصر على تقديم بلادنا إلى الآخرين، وتقديم كل ما لدينا إليهم، بل الأكثر من ذلك هو أنه يفسد فئات عديدة في هذه البلاد.