آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص مجتمع | "الأمّ بتلمّ" مناسبة | من رُزق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حُبّها

كربلاء في فكر القائد

ما هو جوهر النهضة الحسينية؟ وما هي حقيقة المظلومية الكبرى لسيد الشهداء عليه السلام؟
لماذا كان أصحاب الإمام الحسين عليه السلام رجالاً استثنائيين لم يظهر مثلهم في التاريخ قط؟
وكيف يجب أن نستفيد من هذه المدرسة العظيمة في حركتنا الجهادية وثورتنا الإلهية؟

من مدرسة الإمام القائد نستلهم دروساً للحياة ومنهجاً للجهاد وعقيدة للإيمان. كيف لا، وقد امتزجت روحه بروح جده الحسين عليه السلام ونهجه قد ارتوى من معين أستاذه الأكبر الخميني قدس سره فصار مرشداً وقائداً، ومربياً وولياً.

* آثار عاشوراء
الإمام القائد يرى أن حادثة عاشوراء كانت وما زالت، أعظم مؤثرٍ في المجتمع الإسلامي، وقد عمت بركاتها كل أرجائه. وبالأخص ما حدث بالنسبة لثورة شعب إيران، فهو يقول: "إن المجتمع الإسلامي وعلى مر التاريخ قد حصل على منافع كثيرة من بركات حادثة عاشوراء، وكذلك الأمر بالنسبة لثورة شعب إيران العظيمة، حيث كان لعاشوراء وذكرى الإمام الحسين بن علي عليهما السلام الأثر الأكبر فيها..".

* لماذا؟
وهنا يلفت القائد الأنظار إلى السبب الأساسي لهذه التأثيرات العظيمة. فهو: التضحية والإيثار والعطاء الذي لم يُرَ مثله عبر التاريخ. فالتاريخ شهد حالات عظيمة من التضحيات التي بذلها الرجال وخاصة تاريخ صدر الإسلام. ولكن ما ظهر في كربلاء لم يكن له مثيل في تاريخ البشرية جمعاء. فالتأثير تابع للتضحية. وكلما كانت درجة التضحية والفداء أعلى كانت التأثيرات والنتائج أرفع وأبقى..
يقول الإمام القائد حفظه الله: "إن الحروب.. والشهادات. والتضحيات كانت موجودة منذ بداية تاريخ الإسلام وحتى يومنا هذا. فقد رأينا أناساً كثيرين وهم يجاهدون، ويضحون، ويتحملون ظروفاً قاسية جداً.. كل هؤلاء الشهداء والمعاقين والأسرى، العوائل... وفي الماضي يوجد الكثير من الحوادث التي قرأنا عنها في التاريخ: ولكن لا يوجد حادثة واحدة من تلك الحوادث والوقائع يمكن أن تقاس مع حادثة عاشوراء والنهضة الحسينية..".
ويقول أيضاً: وقد نقل عن أئمتنا الأطهار عليهم السلام قولهم: "لا يوم كيومك يا أبا عبد الله".
فالسبب الأول والأهم لبقاء الأهداف والأفكار والنماذج الحسينية هو أن هذه الثورة كانت قمة في العطاء والتضحية.
وهذا أعظم درس نتعلمه من عاشوراء...

أولئك الذين يحاولون أن يصوروا لنا أن سقوط الشهداء أمام الآلة الحربية الإسرائيلية المدمرة هو خسارة، ينبغي أن يرجعوا إلى المدرسة الحسينية ليتعلموا سر الانتصار الذي عبر عنه إمامنا الراحل: "انتصار الدم على السيف".
فلو لم تكن واقعة عاشوراء ماثلة أمامنا بكل أحداثها ونتائجها وآثارها لكان يمكن القول أن العين لا تقاوم المخرز وأمثال هذا من الأقوال.
ولكن سيد الشهداء حفظ الإسلام بدمه، وحفظ كل التعاليم الربانية، وصان حدود الله، وأبقى على كل الجهود التي بذلها جده وأبوه وأخوه عليهم أفضل الصلاة والسلام.

* النصر القريب والنصر البعيد
يقول القائد: "من الخطأ أن يتصور أحد أن الإمام الحسين عليه السلام قد هُزم.. فالقتل في جبهة القتال لا يعني الهزيمة.. الذي لا يصل إلى هدفه هو المهزوم..
لقد كان هدف أعداء الإمام الحسين عليه السلام إزالة الإسلام ومحو آثار النبوة.. فهُزِموا لأنهم لم يحققوا ذلك وكان هدف الإمام احداث التصدّع في كل بناء أعداء الإسلام، الذين عملوا بكل ما يحلو لهم من الفساد..
وتحقق ذلك.. هذا على المدى القريب وانتصر الإمام الحسين على المدى البعيد أيضاً.. فانظروا وحققوا في تاريخ الإسلام، فسوف ترون كم قد أضاء نور الإسلام في العالم، وكم قد صار له نفوذ في الشعوب الإسلامية.. وراية الإسلام ترفرف فوق أعلى سطوح العالم..
".

* النصر يكون بحفظ الإسلام والأهداف الإلهية
وهكذا، فإن حقيقة النصر هي بقاء التعاليم الإلهية وحفظ الإسلام المحمدي الأصيل. وهذا درس عظيم ينقله إلينا الإمام القائد ليعلمنا إن قيمة الحياة تقوم على أساس مدى ارتباط الإنسان بالإسلام، والتصاقه بتعاليمه.. وإن المجاهد لا ينبغي أن ينظر إلى الهزيمة الظاهرية أو الانتصارات الخارجية بقدر ما ينبغي أن ينظر دوماً إلى المبادئ الكبرى المتمثلة بالإسلام.
إذا أدرك المجاهد هذه القضية، وعايشها في كل تفاصيل حياته فسوف يقف أمام أعتى القوى المتجبرة وهو لا يخشى أحداً إلا الله ويكون مستعداً لبذل الغالي والرخيص.. وعندئذ فإنه سوف يكون صادقاً في قوله: "كل يوم عاشوراء. كل أرض كربلاء".
فتستمر النهضة الحسينية، وتبقى المدرسة الكربلائية حتى يأذن الله لوليه الأعظم بالخروج ـ أرواحنا له الفداء.

يقول القائد: "يجب أن تعلموا أن كربلاء هي أنموذجنا الدائم، وهي مثال حي، لكي لا يتردد الإنسان في الوقوف بوجه ضخامة العدو".
"شعبنا فهم أنه يقف بوجه كل قوى الشرق والغرب، وكل المستكبرين، ولكنه لم يخف.. هذا ببركة روح الإمام الحسين عليه السلام، ببركة روح عاشوراء.. روح عدم الخوف من الأعداء.. روح التوكل على الله..
خذوا عونكم من الإمام الحسين عليه السلام.. حيث أن قلوبنا مع الحسين عليه السلام، تقترب من أهداف هذا العظيم وتتعرف عليها، نتعلم طريقه ونسلكه
".

* سيد الشهداء سلك طريقه بكل وعي
يقول القائد: "إن جوهر حادثة عاشوراء هو أنه في عالم عم فيه الظلام في كل مكان ثار الإمام الحسين بن علي عليه السلام من أجل إنقاذ الإسلام من دون أن يلقى مساعدة من أي شخص. حتى أن محبي هذا العظيم أيضاً من الذين اجتمعوا على وجوب قتال يزيد، كل واحد منهم وتحت عناوين مختلفة انسحب من الساحة وفر".
والآن في مثل هذا الوضع الذي تخيّم فيه أجواء القمع الشديد والتنكيل المستمر من حكومة يزيد وأعوانه، وبانسحاب الجميع من الساحة.
ماذا يفعل الإنسان المؤمن؟
هل ينسحب؟ هل يفر أم يهادن أم ماذا؟
هنا يظهر جوهر النهضة الحسينية: قيام رجل لوحده مع عدد قليل جداً من الأنصار لمواجهة أشد أعداء الله والإسلام.

يقول القائد: "هناك فرق بين ذلك المقاتل المضحي المندفع الذي يذهب إلى ميدان الحرب، والناس يهتفون باسمه ويمجّدونه، يلتف حوله رجال جريئون مثله، ويعلم أنه إذا جرح أو استشهد سيهرع الناس إليه، كم هو فرق كبير بين هذا وذلك الإنسان الإمام الحسين عليه السلام الذي وقف في تلك الغربة والظلمة وحيداً بدون نصير أو أمل في مساعدة الناس وقاتل راضياً بقضاء الله "الإمام الحسين عليه السلام كان يعلم إن العدو سيملأ كل محافل المجتمع حينذاك بالإعلام المضاد له.. لم يكن الإمام الحسين عليه السلام ذلك الإنسان الذي يجهل طبيعة زمانه أو يجهل عدوه. بل كان يمتلك الإيمان التام بحركة مظلوميته وغربته التي هزمت العدو في النهاية".

* أصحاب الإمام الحسين عليه السلام كانوا يدركون تكليفهم بدقة
وهناك وقفت ثلة قليلة جداً لم يتجاوز عددهم 72 رجلاً، ليقاتلوا مع الإمام الحسين عليه السلام وهم يعلمون النتيجة القريبة. فقد أنبأهم بها سيد الشهداء.. فلماذا استمروا وسطروا أروع دروس التضحية والفداء؟
يقول القائد: "هذه العظمة تكمن في إحساسهم بالتكليف الإلهي والجهاد في سبيل الله والدين..
لم يخافوا من كثرة العدو، ولم يشعروا بالوحشة في وحدتهم وقلة عددهم.. لم يتخذوا عذراً للفرار من وجه العدو.. فمثل هذه الأمة تستحق العظمة والخلود..
".

ولطالما قال إمامنا الراحل قدس سره إن المهم هو أداء التكليف وليس المهم النتيجة. فالنصر إذا جاء فهو من الله، وإذا قُتلنا فقد أدينا تكليفنا..
أي سعادة أعظم من توفيق الطاعة، وأي شيء أرقى من أن يكون الإنسان عبداً حقيقياً لله.
فمدرسة عاشوراء هي مدرسة العبودية الحقّة، التي لا يدخلها إلا من باع نفسه لله، وسار في طريق الصدق والإخلاص.

* دعاء
سأل الله أن يضيء قلوبنا ببركة أنوار عاشوراء بنور المعرفة، وأن يؤنسنا بمحبته ويوفقنا لمعرفته".
والحمد لله رب العالمين
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع