مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تربية: صفات المعلِّم الناجح‏

إعداد: زينب البزال‏



"... إذا تقطعت السبل، ولم تحظَ بالوظيفة التي ترغب بها فما عليك إلا أن تحترف التعليم مهنة...". هذا من جملة ما قيل وما يُقال عن التعليم، بحيث قد ينظر إليه البعض على أنه مجرد مورد رزق، متجاهلين أن هذه المهنة تفترض في من يُقدم عليها وجود مجموعة من المؤهلات والصفات لنجاح مهمته وتأديتها على أكمل وجه. إن أهمية هذا الموضوع تحمل المعنيين على الاستفسار حول "صفات المعلم الناجح". فمن هو المعلم الناجح؟

* متى أكون معلماً ناجحاً:
أكد المعلمون ممن التقينا بهم، على دور المعلم في التأثير سلباً أو إيجاباً على شخصية المتعلِّم بأبعادها كافة. وقد نسج كل منهم، وانطلاقاً من تجربته الشخصية في ميدان التعليم، خصائص المعلم الناجح: بعضهم أعطى الأولوية في نجاح المدرِّس لما يختزنه من ثقافة ولما يتزود به من وسائل وأساليب، تساهم في إيصال الأفكار، بطريقة مبسطة إلى أذهان طلابه. وآخرون اعتبروا إن حب المعلِّم لمهنته هو مقدمة لنجاحه، وتطوره في ميدان عمله. وغيرهم اعتبروا أنّ قدرات المعلم المهنية وحدها لا تكفي كأساس لنجاحه إذا لم تقترن بعلاقة ودية، يقيمها المعلم مع طلابه. ومنهم مَن أكدّ أن المعلم الناجح هو الذي يشرك طلابه في العملية التعلمية، ومنها إيلاؤهم مهمة كتابة المفاهيم على اللوح.

* من وجهة نظر التربويين:
عندما اختار اللَّه من بين خلقه رسلاً وأنبياء وأوكل إليهم مهمة هداية البشر، عُرف هؤلاء بالمعلمين، وقد أطلقت عبارة معلم على الفلاسفة والعلماء الكبار، ولا أخال الشاعر قال عبثاً في صدد مدحه للمعلم:
 

قم للمعلم وفِّه التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا


انطلاقاً من خطورة الدور الذي يلعبه المعلِّم، أكدت السيدة أميرة برغل مشرفة الإرشاد والتوجيه في مدارس المصطفى صلى الله عليه وآله على مجموعة من الضروريات اللازمة له في ساحة عمله:
أ- الكفاءة المهنية: ربطت السيدة برغل بين التربية والتعليم، معتبرة أن الإجازة الجامعية، أو الشهادة التي يحصل عليها الفرد من المعهد، لا تكفي وحدها، ليكون حاملها مؤهلاً لتوّلي مهام المعلم المربي:
فالمعلم المربي ينبغي أن يكون:
- متقناً لمادة اختصاصية، بتشعباتها كافة.
-محيطاً بشؤون الحياة اليومية وطروحاتها وتطوراتها كافة.
- متزوداً بأساليب تُسهِّل وصول المعلومة إلى أفهام الطلاب بدون تكلف وبأبسط الوسائل، ويتحقق ذلك بامتلاكه كفاءة عرض الأفكار، وترتيبها ومنهجيتها وتنظيمها وحسن التحضير...

ب- الاستعداد لمهمة ذات طابع إنساني: على المعلم أن يدخل خفايا شخصية المتعلم، ليقوم بتنميتها بأبعادها النفسية والروحية والاجتماعية والانفعالية كافة، آخذاً بعين الاعتبار تأثير كل منها على الآخر، وتفاوت الحاجات لدى التلامذة باختلاف المراحل العمرية، من هنا ينبغي أن يلم بأصول التحفيز ومواقع العقاب، فكل هذه مبادئ لها أصولها وقوانينها التربوية. وفي دراسة أجريت في هذا السياق، تبين أن 95% من الطلاب يبدون تجاوباً مع المفاهيم الدراسية، ويقوَّم اعوجاجهم السلوكي متى كان المعلم بهم رحيماً: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (آل عمران: 159) والقلة الباقية، يكفي لتدارك مشاكلها التعلمية والسلوكية أن تعاقَب ولكن في إطار الاحترام وحفظ اعتبار لشخصية المعاقَب. وفي مطلق الأحوال لا ينبغي أن يتم اللجوء إلى العقاب ابتداءً.

ج- حب المهنة: لما كانت التربية عملية تعامل مع بشر، ولما كانت أقدس مهنة وأخطر المهن على الإطلاق، فمن الطبيعي أن لا يصلح لها إلا من كان مفعماً بمشاعر حب الناس من جهة، وحب المهنة من جهة أخرى، لذا يعتبر إجراماً اختيار التدريس التربوي بعيداً عن التوجه القلبي، وبإيعاز من اعتبارات الكسب المادي.

د- صبر المعلم وقدرته على التحمل: خطورة مهنة التعليم تفترض تفاوتاً بين الطلاب سواء لجهة سلوكهم، أو لقدرتهم على الاستيعاب. ومعالجة الحالات السوية ليست انجازاً لا بل هي من البديهيات، وتبرز كفاءة المعلم في مراعاة الفروقات الفردية التي تظهر في صفوف الطلاب، واستيعابه لبعض المواقف الحرجة، وعليه فالأستاذ لا يغضب وغير مقبول تنفيس غضبه بأي طالب كان، فكل ما عليه هو أن يستوعب التلميذ بسعة صدره، وأن يعالج المشاكل بالتعاون مع المؤسسة التربوية المنضوي تحت لوائها.

هـ- الضمير المهني والرسالية: فحينما يضع المعلم نصب عينيه رضا الباري وثوابه، متزوداً في المهنة التي يقدم عليها بتقوى رب العالمين، لا بد ستتهاوى المصاعب والمشقات، ويتنحى الدافع المادي لصالح غيره الإنساني، فيغدو همّ المعلم هو تنشئة الأجيال وإعطاؤها من مخزونه الثقافي بكل ضمير ومسؤولية، وهو المعبر عنه ب"نفسه منه في عناء والناس منه في راحة".

و- السعي الدائم لتطوير القدرات: فأصول التربية الحديثة ومستلزماتها في تطور مستمر، ومن تبنّى الخطوات السالفة الذكر هو بحاجة لمواكبة كل جديد وحديث في هذا السياق، سواء في مجال علم النفس التربوي أو الطرائق التعليمية والوسائل وغيرها. ولا يسعنا في هذا المنحى إلا أن نورد ما قاله بعض التربويين: يفترض أن يعاد امتحان بعض الاختصاصيين كل عشر سنوات، فإذا تبين إلمامهم بالتقدم العلمي والتقني سمح لهم بمتابعة ممارسة عملهم وإلا أوقفوا عن العمل. إلى جانب الكفاءة المهنية، واستعداد المعلم لتحمل مسؤولية إنسانية، وحبه للمهنة، وصبره وتطوير قدراته، بعض الصفات الذاتية تلعب دوراً لا يُستهان به في مجال نجاح المعلم ومنها:
1- الصحة الجسدية، والعقل السليم والإتزان العاطفي.
2- المظهر الأنيق، الذي يسترعي انتباه الطلاب لا نفورهم.
3 - التعبير الحسن الجذّاب والخالي من التكلف والتشدق.
4 - النفسية المتفائلة والأخلاق الشخصية المثيرة لمحبة الطلاب لمعلمهم، فيكون لهم قدوة حسنة.
5 -الشخصية المتزنة، التي تفرض هيبتها من دون عنف، بل لين في حزم، وشدة في رحمة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع