نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

تربية: وديعة الله بين يديك: سيد وعبد ووزير

الشيخ حسين قطايا

 



الولد الصالح نعمة إلهية كبيرة للإنسان، فهو يحمل اسمه ويساعده على متاعب الحياة، ويقضي عنه، ويدعو له، فهو كالريحانة التي تملأ محيطها عطراً وتريح النفس وتسرّ القلب. عن النبي صلى الله عليه وآله: "الولد الصالح ريحانة من الله قسمها بين عباده"(1).

* فريضة دينية:
يركز الإسلام على التربية الصحيحة للطفل، فيعتبرها فريضة دينية مقدسة وواجباً شرعياً لا يمكن الإفلات منه، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام: "... فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه، معاقب على الإساءة إليه"(2).

* قبل الحمل:
حافظ على غذائك قبل انعقاد النطفة... تناول الأطعمة السالمة والمفيدة كالرمان والسفرجل، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "من أكل سفرجلة على الريق طاب ماؤه وحسن ولده"(3). وحافظ على غذاء زوجتك أثناء حملها، فحثها على تناول بعض المأكولات كشرب اللبان وأكل السفرجل والبطيخ، فعن النبي عليه السلام: "أسقوا نساءكم الحوامل اللبان، فإنها تزيد في عقل الصبي"(4).

* أيام الولادة:
التزم بجملة المستحبات الواردة في الشرع الإسلامي، منها:
ـ الأذان والإقامة: إحرص على أن تكون أول كلمة يسمعها مولودك كلمة "الله"، فعن النبي صلى الله عليه وآله: "من ولد له مولود، فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة، وليقم في أذنه اليسرى، فإنها عصمة من الشيطان الرجيم"(5).
ـ اجعل زوجتك تهتم بنمو جسده وتقوية مناعته من الأمراض، فعن النبي صلى الله عليه وآله: "ليس للصبي لبن خير من لبن أمه"(6)، وأيضاً بنمو روحه لجهة تأثير حليبها ودوره بنقل صفاتها إليه، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "... إن الرضاع يغيّر الطباع"(7).
ـ تسمية الولد: اختر له اسماً إسلامياً حسناً، فقد ورد أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسأله: ما حق ابني هذا؟ فأجاب صلى الله عليه وآله: "تحسن اسمه وأدبه وتضعه موضعاً حسناً"(8).
ـ العقيقة: عبِّرْ عن شكرك وامتنانك لله تعالى فعقَّ عن مولودك في اليوم السابع من الولادة، فعن النبي صلى الله عليه وآله: "إذا كان يوم سابعه، فاذبح عنه كبشاً"(9).
ـ ختان الصبي: لا تهمل وتؤخر ختنه إن كان ذكراً، فقد ركز الإسلام على ختن الذكر واستحبابه في اليوم السابع من الولادة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "اختنوا أولادكم لسبعة أيام فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم"(10).

* مراحل التربية:
قسّم الإسلام المراحل التربوية للطفل إلى ثلاث، فعن النبي صلى الله عليه وآله: "الولد سيد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين"(11). وعن الإمام الصادق عليه السلام: "دع ابنك يلعب سبع سنين ويؤدَّب سبع سنين وألزمه نفسك سبع سنين"(12).

* سيد سبع سنين
ذكر أهل البيت عليهم السلام جملة أمور لهذه المرحلة عليك مراعاتها مع طفلك، منها:
ـ اتركه يلعبْ ويلهُ.
ـ أنظر له بمحبة.. أعطف عليه.. عبّر له بلسانك بكلام الأبوة.. فلذلك أثر كبير في تغذية روحه وتنمية شخصيته وبناء مستقبله، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "قال موسى عليه السلام: يا رب، أي الأعمال أفضل عندك؟ قال: حب الأطفال..."(13).
ـ إصبر عليه بما يسببه لك من إرهاق وشغل بال.. تحمَّل بكاءه أو مرضه أو مشاغبته، فعن النبي صلى الله عليه وآله: "لا تضربوا أطفالكم على بكائهم.."(14).
ـ لا تمارس أمامه العلاقة الخاصة مع زوجتك، فإن في ذلك فساد مستقبله، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبي، فإن ذلك مما يورث الزنا"(15).
ـ اعدل بين أطفالك بالمحبة.. ساوِ في الهدايا أو القبلات، فعن النبي صلى الله عليه وآله: "اعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف"(16).
ـ لا تفضِّل الذكر على الأنثى.. لا تتشاءم بالمولود الأنثى.. فعن النبي صلى الله عليه وآله: "من كان له أنثى فلم يبدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة"(17).
ـ أفِ له بوعدك.. كن صادقاً معه، فإنه يراقب تصرفاتك بدقة ويتأثر بها، بل ويقارنها مع أقوالك، فعن النبي صلى الله عليه وآله: "وارحموهم، وإذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم"(18).

* عبد سبع سنين
في هذه المرحلة (7-14 سنة) كن أكثر حزماً معه لأن قدراته العقلية وطاقاته الفكرية قد زادت عن السنوات السبع الأولى. ذكر أهل البيت عليهم السلام جملة أمور لهذه المرحلة يجب أن تعلمها لولدك، منها:
ـ إبدأ بتعليمه قيم الأخلاق ومبادئ الإسلام..طبقها أمامه عملياً.. شجعه على تطبيقها في السر والعلن.. ربِّ في نفسه قوة الضمير وحب الناس وتجاوز الذات باستمرار. فعن النبي صلى الله عليه وآله: "أكرموا أولادكم وحسنوا آدابهم يغفر لكم"(19).
ـ علمه القراءة والكتابة، فعن النبي صلى الله عليه وآله: ".. من حق الولد على والده.. ويعلمه الكتابة.."(20).
ـ عوِّده على الصلاة معك إن كنت تصلي.. عود نفسك على الصلاة قبله.. قدم باستمرار لمن يصلي من أبنائك عطاءاً رمزياً، وفضّله على غيره لتشجعه على عمله، فعن الإمام علي عليه السلام: "علموا صبيانكم الصلاة وخذوهم بها إذا بلغوا الحلم"(21). اربط الصلاة أولاً بالأجرة وبعد ذلك بالأجر لتصبح بعد ذلك عملاً خالصاً لوجه الله.. علمه قراءة القرآن والعقائد الحقة وأحكام الحلال والحرام.. عرّفه أن في ذلك رضا لله وتودداً وحباً مطلقاً له تعالى.
ـ علمه الجهاد في سبيل الحق حتى ينتزعه من بين أنياب الظلم والتسلط.. رَبِّ فيه ملكة الصبر على تحمل آلام الجهاد والتضحية.. علّمه أن أكبر رصيد للمؤمن عزته وكرامته وعدم خضوعه لغير الله، يقول تعالى: "لله العزة ولرسوله وللمؤمنين" (المنافقون: 8).

* وزير سبع سنين
إنها المرحلة الثالثة: 14-22 التي وصفه خلالها النبي صلى الله عليه وآله بالوزير، لأنه يرغب باتخاذ قراراته والقيام بأعماله منفرداً، لذا عليك بملازمته في هذا العمر لحفظه من الانحرافات الخطيرة كما أرشدك الإمام الصادق عليه السلام: "وألزمه نفسك سبع سنين"(22). وقد ذكر أهل البيت عليهم السلام جملة أمور لهذه المرحلة يجب عليك أن تراقبها في ولدك، منها:
ـ انتبه له من وسائل الانحراف.. راقب المجلات والصور التي تدخل بيتك.. تحكم بجهاز التلفزيون.. امنعه من دخول مواقع الإنترنت الفاسدة.. إسأله عن أوقات وأماكن غيابه خارج البيت.
ـ راقب نوعية الكلام التي يتعلمها ولدك في الشارع.. شجع الصحيح منها وحارب الفاسد.. لاحِقْ ذلك باستمرار، فما أسرع عودة السوء وانتشاره!
ـ حثه على مقاطعة رفقاء السوء.. قوّ علاقاته بأصدقائه الجيدين.. عرفه بأصدقاء جدد ممن ترتاح إليهم إذا دعا الأمر.
ـاعمل على توعيته.. لا تجعله يقع ضحية غريزته الجنسية.. عرّفه إلى الحرام الجنسي وخطورته ومساوئ الزنا في الدنيا والآخرة، فعن النبي صلى الله عليه وآله: "في الزنا ست خصال: ثلاث منها في الدنيا وثلاث منها في الآخرة: أما التي في الدنيا: فيذهب البهاء ويعجل الفناء ويقطع الرزق، وأما التي في الآخرة: سوء الحساب وسخط الرحمن والخلود في النار"(23).
ـ انقل إليه تجارب أهل البيت عليهم السلام.. علّمه إياها كنموذج لينفتح في قلبه باب إلى العلم ويقترب نحو الحقيقة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "وفي التجارب علم مستأنف"(24).
ولدك بروحه وجسده قبل الحمل به وأيام ولادته وفي مراحل تربيته هو وديعة الله في يديك لتربيته على الإيمان، وإعداده لخوض معركة الحياة بإيمان ونبل، والسعي لتأمين سعادته ووصوله إلى كماله اللائق به.


(1) الكافي، للكليني، ج6، ص2
(2) أمالي الصدوق، ص451.
(3) جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج26، ص491.
(4) مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج15، ص127.
(5) شرح اللمعة، الشهيد الثاني، ج5، 441.
(6) الحدائق الناضرة، المحقق البحراني، ج23، ص377.
(7) المغني، عبد الله بن قدامة، ج9، ص228.
(8) الكافي، الكليني، ج9، ص48.
(9) مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج15، ص140.
(10) شرح اللمعة، الشهيد الثاني، ج5، ص441.
(11) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج21، ص476.
(12) جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج26، ص23.
(13) مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص227.
(14) التوحيد، الشيخ الصدوق، ص331.
(15) شرح اللمعة، الشهيد الثاني، ج5، ص95.
(16) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج101، ص92.
(17) مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج15، ص118.
(18) الكافي، الكليني، ج6، ص49.
(19) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج101، ص95.
(20) مستدرك الوسائل، الميرزا نوري، ج15، ص166.
(21) مستدرك الوسائل، الميرزا نوري، ج15، ص169.
(22) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج21، ص473.
(23) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج20، ص311.
(24) الكافي، الشيخ الكليني، ج8، ص22.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع