مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نور روح الله : لا تنكر عظيم الثواب

إن الله سبحانه قد خلق عالم الآخرة وخلق إرادة الإنسان بصورة لو أراد الإنسان شيئاً لتحقق ذلك الشيء بنفس إرادته. فلا استبعاد لمكافأة كثيرة وكبيرة في ذلك العالم على أعمال بسيطة وجزئية. والنعم التي منحها سبحانه لعباده والتي تبعث على عجز العقول عن إحصاء مفرداتها ـ، بل على العجز عن إحصاء كلياتها، هذه النعم تكون من دون طلب واستحقاق، فما هو المانع أن يتلطف الحق سبحانه على عباده، انطلاقاً من تفضّله البحت ومن دون أيّ سبب، أضعافاً مضاعفة من الأجر والمثوبة؟! هل نستطيع أن نستبعد المكافأة العالية والكثيرة في عالمٍ قد قيل فيه ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ (الزخرف: 71) موضوع تحت تصرّف إرادة الإنسان، رغم عدم وجود حدّ محدود لمشتهيات الإنسان؟

* إنكار الثواب الكثير من ضعف الإيمان:
إن الأخبار والأحاديث الشريفة التي تتحدث عن مثل هذه المثوبات الكثيرة لا تتحدّد بالواحد والاثنين والعشرة حتى نستطيع أن نناقش فيها، وإنما هي فوق حدّ التواتر، فإن جميع الكتب المعتبرة المعتمدة مشحونة بأمثال هذه الأحاديث، وتكون هذه الأخبار الكثيرة بمثابة ما إذا كنا قد سمعنا الحديث بآذاننا من المعصومين عليهم السلام، ومن دون حاجة إلى التأويل والتفسير.

إذاً، إنكار موضوع المكافأة الكثيرة على العمل البسيط الموافقة للنصوص المتواترة، والتي لا تصطدم أيضاً مع البراهين بل تتطابق مع سلسلة من الأدلة إنكار ذلك يكون من جرّاء ضعف في الإيمان ومنتهى الجهالة. لذا، يجب على الإنسان أن يكون منقاداً لأقوال الأنبياء والأولياء عليهم السلام، ولا يوجد شيء في سبيل تكامل الإنسان أفضل من التسليم والطاعة أمام أولياء الحق، وخاصة في الأمور التي لا مجال للعقل للتطرُّق إليها ولا يوجد سبيل لإدراكها واستيعابها، إلا بواسطة الوحي والرسالة. ولو أراد الإنسان أن يتطرّق بعقله الصغير وأوهامه وظنونه إلى الأمور الغيبية الأخروية والتعبدية الشرعية، لانتهى أمره إلى إنكار الضروريّات والمسلّمات، لأنه ينجرّ من القليل إلى الكثير رويداً رويداً، ومن البسيط إلى الأعلى، حتى يفضي به الأمر إلى جحود الأوليات البديهية من الدين. ولو فرضنا أن الإنسان ناقش في الأخبار وسندها رغم أنه لا مجال لمثل هذه المناقشة لما استطاع أن يناقش في الكتاب الكريم والقرآن السماوي المجيد، حيث نجد فيه أيضاً ذكراً لأمثال هذه المثوبات، مثل قوله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (القدر: 3) وقوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ (البقرة: 261).

* العجب بالعمل والثواب الكثير:
بل وحسب زعم الكاتب أن من عوامل هذا الرفض والاستبعاد للمكافأة الكبيرة على العمل الصغير، العُجب واستعظام العمل. مثلاً إذا صام شخص يوماً واحداً، أو أحيى ليلة واحدة بالعبادة، فلا يستكثر الثواب الكثير إذا سمع بأن جزاءه ثواب عظيم، ولكنه إذا عرف بأنّ هذا الثواب ثمن عمله استبعد عظمة الأجر والثواب، وبعد أن يستعظم عمله ويُعجب به، يتلاشى الاستبعاد ويُصدّق الثواب العظيم ويؤمن به.

إذا فرضنا بأننا إذا كنا طيلة حياتنا التي نعيشها خمسين أو ستين عاماً، من الملتزمين بكل الوظائف الشرعية، ثم ارتحلنا عن هذه الدنيا مع إيمان صحيح وعمل صالح وتوبة مقبولة فماذا نستحق من الجزاء لهذا القدر من الإيمان والعمل؟ مع أنّ هذا الإنسان حسب القرآن الكريم والسنّة النبوية واتفاق جميع الأمم، تشمله رحمة الحق سبحانه، وتدخله الجنة الموعودة، هذه الجنة التي يخلَّد الإنسان في نعمها ورفاهها، ويعيش إلى الأبد في الرحمة والروح والريحان، ولا مجال لإنكار ذلك أبداً، مع أنه إذا أردنا أن نقارن الجزاء بالعمل على فرض أن يكون لعملنا مكافأة لما استحق هذا القدر من الجزاء الذي يعجز العقل عن تصوّره كمّاً وكيفاً. فيظهر أن القضية لا ترتبط بمقارنة المكافأة مع العمل، بل تكون منوطة بشيء آخر الرحمة الواسعة الإلهية وعليه لا يبقى مجال لاستبعاد هذه المكافأة العظيمة على عمل صغير، ورفضها.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع