عرّج بي فؤادي إلى قلب فلسطين!! خذني إلى زواياها العتيقة، وسرْ بي على دروبها المنسيّة... قفْ بي عند كلّ حجر، وتفيّأ معي كلّ زيتونة... ابحث عن عبق القداسة في أرض ولادة السّلام، واتركني أغرق في بحور همّها، أغصْ في ثنايا عذاباتها، وتجاويف آلامها، وألثم جراحاتها، علّي أستطيع لأمَها... دعني أغرف من بحر عروبتها ماءً، نيمِّمُ به شطرنا العربيّ المكسور، وأقتبس من شمسها شعاعاً، يُدفئُ برودة نخوةِ هجرَتنا، وأستعرْ من أطفالها حجراً، أو سكّيناً، يُحيي عزيمتنا، فنُعلن موقفاً أو نُطلِقُ صرخة!!!... أرني جسدها المعذّب، لأُصلّي لأجل بقاياه، وأخضّب بنجيع طاهرٍ زاكٍ، مشيبَ ماضٍ قَفَلَ، لأقلع بيدي المُرتعشةِ خَجَلاً، رصاصات الغدر المغروسة في أحشائها المُلتهبة، وأُبعِدَ سياج الظلّم وقهر الزنازين عن الحريّة المأسورة... خذني إلى أرض العروبة كلّها، لأوقظ الأنفس النائمة، وأفجّر بركان الغضب المُشتعل في صدري، وأقول أمام الملأ؛ إنَّ حمائم السّلام لا ترفرف في سماءٍ أعماها غُبار قنابل الموت، ولا تبني أعشاشها في أرض تميدُ على الرياح بعد أن باعها زيف الكلام، ولا يأتي السلام لأمّةٍ، أطبقتْ جفونها عن مجازر واستسلمت للضّعف!!!
فاطمة كامل إبراهيم