مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الصحة والحياة: ضغط الدم القاتل الصامت


د. حسام حيدر*


إنه ضغط الدم أو ما يُطلق عليه الأطباء اسم "القاتل الصامت"، إذ إنه وفي كثيرٍ من الحالات يتسبَّبُ للمريض بموتٍ فجائيٍ يقضي على حياته. ونظراً لأهمية التوعية المطلوبة في التعرف إلى هذا المرض وطرق الوقاية التي تؤخر عملية الإصابة به، أو تساهم بنسبةٍ كبيرةٍ في الشفاء منه عند المصابين به، نضع بين أيديكم تفصيلاً شاملاً عن كل ما يتعلق بهذا المرض.

ما هو ضغط الدم؟
المقصود بضغط الدم هو ارتفاع في نسبة الضغط الشرياني لدى جسم المريض نتيجة ازدياد كمية الدم التي يضخها القلب، والوافدة إلى الشرايين والأوعية الدموية في الجسم. والمتعارف عليه من قبل منظمة الصحة العالمية في الرقم المحدَّد عند البالغين في قياس ضغط الدم أن يكون كحدٍّ أقصى 9/14 أي 140 على 90 ملمترٍ من الزئبق، فإذا زاد عن هذا الحد يكون ذلك مؤشراً على ارتفاع في نسبة ضغط الدم.

* العوامل المُسَبِّبة لهذا المرض
1ـ ضغط الدم بشكل عام مرض وراثي، وحوالي 95% من حالات الإصابة تعود لهذا العامل. لذلك كل شخص كان أحد أبويه أو أقربائه قد أصيب بهذا المرض هو معرّض للإصابة به.
2ـ هناك عوامل أخرى تسبّب حدوث ضغط الدم كأمراض الغدد الدرقية والغدد الكظرية الموجودة فوق الكلى، وأمراض الكلى المزمنة.
3ـ استخدام بعض أنواع العقاقير، كالأدوية المُنحِّفة التي ترفع هرموناً معيناً في الجسم، ما يؤدّي إلى ارتفاع الضغط الشرياني.
4ـ عدم اتباع النظام الغذائي السليم، ووجود وزن زائد عند المريض يؤهلانه للإصابة بهذا المرض، إذ إن القلب الذي يضخُّ الدم إلى أنسجة جسم يزن 60 كلغ ليس كالقلب الذي يضخ دماً إلى جسم يزن 100 كلغ، حيث يضطر إلى أن يزيد في عملية ضخ الدم كي يصل إلى كل الأنسجة، وبالتالي يؤدي إلى زيادة الضغط.

* عوارض المرض
إن أهمّ العوارض التي يشعر بها مرضى ضغط الدم هي:

1ـ آلام في الرقبة.
2ـ الشعور بالانحطاط وخاصةً في فترة الصباح.
3ـ الإحساس بالدوار وفقدان التوازن.
4ـ حدوث زيغان في الرؤية.
5ـ ضيق في التنفس وخفقان سريع في القلب لدى القيام بجهدٍ معين.

والنقطة الشديدة الأهمية التي يجب الالتفات إليها مع ذكر هذه العوارض التي يشعر بها المريض هي أنه قد لا يشعر بأيٍّ من هذه العوارض إطلاقاً، ثم يرتفع الضغط عنده بنسبةٍ مرتفعةٍ، فيكون أوّل عارضٍ لارتفاع الضغط الحاد جلطةً دماغيةً قاتلة. ولهذا السبب يسميه الأطباء بـ "القاتل الصامت"، لأن الخطورة فيه تكمن أحياناً بارتفاعٍ حادٍ دون الشعور بأيٍّ من الحالات التي ذكرناها، ممّا يؤدّي إلى وفاته.

* الأعضاء الأكثر عرضةً للإصابة
1ـ الدماغ: يؤدي ارتفاع الضغط الحادّ إلى حدوث جلطاتٍ دماغيةٍ عبر انسدادٍ في الشرايين الدماغية. وهذه الجلطات نسبة حدوثها التقريبي 30%، أو حدوث نزيفٍ دماغيٍّ، وهذا نسبة حدوثه التقريبي 70%.
2ـ القلب: يؤدي ارتفاع ضغط الدم الحاد إلى تضخم في عضلة القلب حيث لا تقوم بوظيفتها بشكلٍ كافٍ وذلك يساعد على الإصابة بمرض تصلب الشرايين الذي غالباً ما يؤدّي إلى الإصابة بجلطات قلبية.
3ـ الكِلَى: ارتفاع الضغط المزمن يؤدّي إلى ارتفاع الضغط الشرياني في الكلية، فيُصاب المريض بقصورٍ كلويٍّ.
4ـ نزيف أو تصلُّب في شبكة العين يؤدي إلى حدوث جلطة في العين أو خلل في الرؤية.

موروثات شعبية خاطئة
يعتقد بعض الناس أن ارتفاع ضغط الدم ينشأ بسبب حصول أزمة نفسية حادة تسبق حصول المرض، وهذا ليس صحيحاً، لأن العامل النفسي لا يسبب المرض بحد ذاته، إنما المصاب بهذا المرض يرتفع ضغطه عندما يتعرض لعاملٍ نفسيٍ يؤثر على صحته. كذلك الأمر بالنسبة للحلويات، فهي لا تسبب ارتفاع ضغط الدم إنما المعرضون للإصابة بالبدانة جراء تناول الحلويات هم أكثر عرضةً للإصابة بهذا المرض.

* ضغط الدم وأمراض أخرى
لا بد من الإشارة إلى علاقة هذا المرض بأمراضٍ أخرى، إذ إنّه لا بد لما يقارب الثمانين في المئة من مرضى السكري أن يصبح لديهم ارتفاع ضغطٍ مزمنٍ في يومٍ من الأيام. وهناك نسبة كبيرة من المرضى الذين يعانون من وجود الكوليستيرول في الدم يصبح لديهم ارتفاع ضغط مع الأيام، وكلا المرضين يؤدي إلى تصلُّب الشرايين التاجية. كذلك الأمر بالنسبة لمن يعانون من مشاكل في الغدد فإنهم عُرضة لأن يُصابوا مع الوقت بارتفاعٍ في ضغط الدم.

* نسبة الإصابة
إن الرجال هم أكثر عرضةً للإصابة بهذا المرض حيث يبدأ عندهم بعد سن الأربعين، فيما يبدأ عند النساء بعد سن الخمسين، مع الإشارة إلى أن الوقاية الصحيحة يمكن أن تؤخر عملية الإصابة في هذا العمر المحدد حتى ولو كان المرض وراثياً.

* الوقاية
الغذاء: إنّ أوّل ما يجب أن ينتبه إليه المريض هو الملح، فهو عدو المريض الأوّل نظراً لاحتوائه على نسبة عالية من الصوديوم التي تزيد في ارتفاع ضغط الدم. ولذلك نحن نشترط على المريض منذ اللحظة الأولى قطع المملحات كالمكسرات والجبنة وإلخ...
ـ يجب الإكثار من تناول الخضار والفواكه والحبوب والاستعاضة عن اللحم الأحمر بالأبيض.
ـ اعتماد الطرق الصحية المناسبة كتناول الطعام مسلوقاً أو مشوياً وليس مقلياً.
الرياضة البدنية: ننصح باتباع نظام يومي على هذا الصعيد والرياضات المسموح بها هي السباحة أو الهرولة البطيئة أما رياضات كمال الأجسام وحمل الأوزان الثقيلة فهي تزيد في خطورة مضاعفات المرض. وكلما أنقص المريض من وزنه كلما تراجع مستوى ارتفاع الضغط.

* العلاج
ارتفاع الضغط المتكرر يصبح مرضاً مزمناً مع ازدياد عمر الإنسان، فلذلك على المريض مراجعة طبيبه بشكلٍ دَوْريٍّ، وإجراء مراقبة يومية لحالة الضغط عنده عبر الماكينات المخصصة لقياس الضغط. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن بعض المرضى يتوقفون عن أخذ العلاج بمجرد أن يشعروا بالتحسن بعد أشهرٍ على العلاج لتُحدث الأزمة بعد هذه الأشهر جلطاتٍ قاتلة.

الفارق بين ارتفاع وانخفاض ضغط الدم
انخفاض ضغط الدم ليس مرضاً بحدّ ذاته يُعالَجُ كما ارتفاع ضغط الدم، إنما هو عارضٌ نتيجة أمراضٍ وعوامل معينة. وبمجرد أن يعالج الإنسان الأمراض والعوامل المسببة لانخفاض ضغط الدم تزول الحالة تلقائياً. والفارق بين الحالتين أنه في حالة ارتفاع ضغط الدم نعالج المرض بحدِّ ذاته.

(*)أخصائي أمراض قلب وشرايين

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع