تفتح مجلة بقية الله صفحاتها للقراء الأعزاء لطرح أسئلتهم في مختلف القضايا الإسلامية وتقدم الأجوبة عنها وفي مورد الأسئلة الخاصة نرجو ذكر الاسم والعنوان حتى يتم إرسالها إليهم.
* تنزيه الله عن كل وصف
س: من كلام لأمير المؤمنين عليه السلام: "... وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه". كيف يمكن القبول بكلام الذين يصفون الله، ويعددون صفته والله عز وجل يقول في كتابه الكريم:
﴿سبحان الله عما يصفون﴾
فهو نزّه نفسه عن الوصف، وأمير المؤمنين عليه السلام يعتبر أن قمة الإخلاص وأعلى درجاته هي أن ينفي الإنسان الصفات عنه تعالى؟
ج: للإجابة عن هذا السؤال نحتاج إلى فهم بعض المقدّمات الضرورية فبدونها تبقى الشبهة عالقة والالتباس حاصلاً، فالسائل العزيز لا شك أبداً في قوله تعالى:
﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾
فإذا عرفت معنى الاسم وإنه مشتق في اللغة من الصفة زال الالتباس، فإن الله قديرٌ بمعنى أنه ذو قدرة، وهو عليم بمعنى أنه ذو علم. وإن كانت قدرته وعلمه غير ما تتصوّره في أنفسنا. فالله تعالى يصف نفسه بأنه صاحب الأسماء الحسنى أي أنه تعالى صاحب الصفات الجمالية والجلالية، وليست الدعوات الكثيرة الواردة في روايتنا المستفيضة لمعرفة الله والوصول إليه في روايتنا المستفيضة لمعرفة الله والوصول إليه لا دعوة إلى معرفة صفاته وأسمائه. فالوصف فرع المعرفة وعندما نقول أنّ فلاناً يصف شيئاً ما فهذا دليل على معرفته به. ثمّ إننا إذا تأمّلنا في تتمة الآية الكريمة
﴿سبحان الله عمّا يصفون...﴾ لعرفنا
﴿إلاّ عباد الله المخلصين﴾
فإنّ الله تعالى ينزّه نفسه عن كل وصف إلاّ وصف المخلصين. وليست الآية محمولة على أن المخلّصين هم الذين لا يصفونه بل أنّ هذا الاستثناء راجع إلى التسبيح الذي هو تنزيه للذات الإلهية التي يطلق عليها الناس الأوصاف لما يتصورونه في عقولهم أو أوهامهم، إلا المخلصين فإنهم قد وصلوا إلى تلك الدرجة السامية من المعرفة الحقيقية بحيث يعرفون الله حق المعرفة.
وأما كلام أمير المؤمنين عليه السلام فإنه يشير إلى حقيقتين الواحدة أصعب على الفهم من الأخرى. فقد جعل قمة الإخلاص في نفي الصفات التي تنطلق من أوهام الناس حتى ولو كان اللسان ينطق بالقرآن. فربما يقول قائل إنني لا أصف الله إلا بما وصف نفسه في كتابه الكريم وهو يظن أنه قد أصاب حقيقة الوصف. ولكن حتى لو كان اللسان يلهج بذكر القدير والعليم والحي والقيوم، فما يحمله الذهن من تصور حول هذه الأسماء المشتقة من الصفات يدل على عدم الوصف الصحيح. والحقيقة الثانية تشير إلى أن الصفات حدود والذات الإلهية المقدسة فوق كل حد ورسم وأسم. ورغم ذلك فإن أمير المؤمنين عليه السلام قد بدأ كلامه السابق: "أول الدين معرفته".. فالدعوة إلى معرفة الله هي أول الدين ونفي الصفات هو الاعتراف بالعجز عن الوصول إلى حقيقة المعرفة، وما أروع ما ورد عن زيد العابدين وسيد الساجدين الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "سبحان من لم يجعل طريقاً إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته".
ويمكن اختصار الإجابة بالشكل التالي:
1- لا يوجد نهي عن وصف الله تعالى، لأن الإنسان مأمور بمعرفته.
2- الوصف فرع المعرفة.
3- نفي الصفات يعني نفي الصفات الموهومة (الخاطئة).
4- نفي الصفات يعني نفي الحدود عن الذات الإلهية المطلقة.
5- أولئك الذين يصلون إلى المعرفة الحقة هم الذين يعترفون: "إلهي ما عرفناك حق معرفتك" كما جاء عن سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.