السيد سامي خضرا
لأنَّ لصوت المرأة وطريقة كلامها دخالة مباشرة ومؤثِّرة
في تحريك الغرائز، حتَّى من دون قصد، كان اهتمام الإسلام الكبير بتحديد آدابٍ
وأحكامٍ، استمرَّت عبر تاريخنا الإسلامي، وبدأنا نفتقدها، وبعضهم يستغربها. قال
الله ربي جل جلاله:
﴿... فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ
فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ...﴾
(الأحزاب: 32). فإضافة للأحكام المختلفة في شأن الملامسة والنظر والسَّتر، ذكر
الإسلام أحكاماً وآداباً للمحادثة والاستماع بين الرجل والمرأة، في الشكل والمضمون.
والمقصود هنا محادثتها لسبب أو بدونه، لضرورة أو بدونها، لحاجة أو بدونها... أو
لتسلية وملاطفة، والتلذُّذ بصوتها ونُطقها "وخضوعها"! إلى ما هنالك من وقائع "وفنون"
وأساليب، يعلمها الأكثر، ويتجاهلها الجُلّ... وهي الأصل الآن في وسائل الإعلام غير
الملتزم!
* عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
"ومَن صافح امرأة حراماً، جاء يوم القيامة مغلولاً ثمَّ يؤمر به إلى النار. ومَن
فاكَهَ امرأة لا يملكها، حبسه الله بكل كلمة كلَّمها في الدُّنيا ألف عام"(1). وعن
الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله
في حديث المناهي قال:
"ونهى أن تتكلَّم المرأة عند غير زوجها وغير ذي محرم منها،
أكثر من خمس كلمات ممَّا لا بدَّ لها منه"(2). وعن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما
السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "أربع يُمِتن القلب: الذنب على
الذنب، وكثرة مناقشة النساء، يعني محادثتهنَّ، ومماراة الأحمق يقول وتقول ولا يؤول
(لا يرجع) إلى خير أبداً، ومجالسة الموتى، قيل: وما الموتى؟ قال: كل غني مترف"(3).
فأين نحن من هذه الأحاديث اليوم؟! والمفاكهة والمزاح أصبحا منتشرين بلا أدنى مانع
حتى في المجتمع المتدين وفي المدارس والجامعات وأماكن العمل بل وحملات الزيارة
والحج، بل حتى في عرفات ومنى والطواف... ومواسم العبادة!
* وماذا نقول بعد؟
ماذا نقول، خاصة لِمَن يعتبر نفسه أنَّه إذا صلَّى وصام وتصدَّق، فقد أدَّى واجبه
وأكثر، واستحق الجنَّة. عن أبي بصير، قال: "كنتُ أقرئ امرأة (أُعلِّمها القرآن)
فمازحتها بشيء، فقدِمت على أبي جعفر عليه السلام فقال لي: أي شيء قلتَ للمرأة؟ (فغطيت
وجهي) فقال: لا تعودنَّ إليها"(4).
(1) وسائل الشيعة، ج20، ص198.
(2) وسائل الشيعة، ج20، ص197.
(3) وسائل الشيعة، ج20، ص197.
(4) وسائل الشيعة، ج20، ص198.