مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أساليب ومحاولات إفساد المرأة وسبل المواجهة


بقلم هناء نور الدين


لقد أولى الإسلام المرأة عناية خاصة، وحمَّلها مسؤولية عظيمة وهي تربية الإنسان، والتربية هي من مهام وعمل الأنبياء عليهم السلام، والمرأة، الأم، أفضل مدرسة لتربية وإعداد وبناء الأبناء والأجيال إن تلقّت هي بدورها التربية المبنية على القيم والأخلاق والمفاهيم الرسالية ومعارف القرآن الذي هو بدوره أيضاً يربي الإنسان على التقوى والنهوض بأعباء الخلافة الإلهية، نرى ذلك بوضوح عندما نتأمَّل الآيات القرآنية التي خاطبنا اللّه تعالى بها في معرض الأوامر والنواهي والتكليف كذلك الأحاديث النبوية الشريفة التي حثت المرأة على الالتزام والقيام بواجباتها، كلّ‏ُ هذا من أجل صلاحها وصلاح المجتمع وانتظام البشرية. لكنّ الواقع الذي نعيشه يشهد غير ذلك، وإن أمواجاً من الفساد تطال المرأة تصرفها عن دورها الرئيسي، وتجعلها تعيش العبثية والضياع والتشرذم وعدم الالتزام بالقيم والأخلاق والآداب الإنسانية، وخصوصاً المرأة المسلمة التي عاشت سنين من الحرمان، والجهل، والتخلف، بسبب الفهم الخاطئ‏ للإسلام الذي أشاعه المغرضون في حين نرى أن الإسلام ينظر إلى المرأة كإنسانة تمتلك عدة جوانب وتتحرك في أكثر من بعد في المسألة الإنسانية. هذا الفساد الذي تغلغل واستشرى في مجتمع المرأة يكاد يفسد ويقضي على كل شي‏ء اللّهم إلا من فئة واعية من النساء أخذت على عاتقها الإلتزام الكامل وحملت همّ‏َ الدعوة والتبليغ وإصلاح ما فسد لأنّ صلاح أيّ مجتمع أو فساده في المنظومة الإسلامية نابع من صلاح وفساد النساء فيه.

وفي هذا الإطار نرى أن السبب الرئيسي لهذا الفساد يتمثل بالرياح الآتية من الغرب، قوى الاستكبار العالمي وأدواته في المنطقة، الصهيونية العالمية وأذنابها التي لم تكتفِ فقط بتقديم هذا اللون من العقائد المنحرفة، وإنما قدمته منمّقاً بطرق وأساليب مختلفة منها:

1- الإعلام المرئي والمسموع:
حيث وظفت الصهيونية بعض محطات التلفزة العالمية منها والمحلية من أجل تمييع الشخصية الإنسانية، وصرفها عن التفكير بقضايا المجتمع الكبرى، والهبوط بها إلى مستوى الحيوانية وخصوصاً المرأة من خلال ما تبثُه من أفلام إباحية وما تعرضه من إعلانات تُسوّق المرأة فيها من أجل بيع منتوجاتها مما يساعد على الإثارة والإندفاع وراء اللذة، والاستهتار بالقيم الأخلاقية هذا إضافة لما تعرضه دور السينما من أفلام العنف والسرقة والاغتصاب والإدمان على المخدرات و.. حيث تكون المرأة تحتل وجه الصدارة في كل ما تقدم أو هي محور الموضوع مما ينتج عن ذلك روح التمرد والانحلال الخُلقي وضعف الوازع الديني، والمتتبع لأخبار الصحف اليومية يقرأ حجم الحوادث والجرائم الفظيعة التي تمارس في المجتمع سواء في العلاقات المحرمة أو الإدمان على المخدرات والقتل والسرقة وغيرها الكثير الكثير، وللأسف مع غياب القيمين والمسؤولين عن كل ما يجري.

2- الصحف والمجلات التي تروّجها مؤسسات علمانية أو غيرها ت
دعو المرأة إلى التبرج والتخلي عن جميع أشكال العفة من خلال ما تنشره من صور فاضحة تُزين بها غلاف المجلة من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من الزبائن أو من خلال بعض المقالات التي تنشر وفيها إساءة إلى القيم والأعراف أو من خلال ما ترويه من قصص الفنانين والراقصات وعارضات الأزياء والقصص الغرامية هذا إضافة إلى عرض آخر مبتكرات الموضة الغربية ومصممي الأزياء، كما هو متعارف في أوساط النساء تحت شعار المدنية والحضارة وما إلى ذلك.

3- الترويج الإعلامي الكثيف لحفلات الطرب والغناء والموسيقى والرقص عبر جميع الوسائل الإعلامية،
والإنبهار بالفنانين والراقصات وما يرافق هذا الجو من استغلال للمرأة وتعطيل طاقاتها وتمييع شخصيتها يطال المجتمع بشكل عام.

4-التفنُّنْ في إخراج الدعاية أو الإعلان بشكل يُلفت الأنظار من أجل بيع سلعة..
أو بيع مشروب معيّن توظف المرأة لهذه الغاية.

5- التشجيع على ارتياد مراكز الفحشاء ودور البغاء
من خلال الترويج الإعلامي الكثيف بحجة إنماء البلد سياحياً أو اقتصادياً أو مجاراة المدنية الحديثة الكازينو، البارات الليلية، النوادي، المسابح المختلطة وغيرها وحصر اهتمام المرأة بجمالها فقط لا غير من خلال مسابقات ملكات الجمال، ومساحيق التجميل وما شابه.

6- تأثر بعض الأقلام المثقفة بثقافة الحضارة الغربية
تدعو النساء إلى التحرر من جوِّ العائلة وتدعوها إلى خلع الحجاب الذي يمثّل عائقاً في طريق انخراطها وعملها في المجتمع تحت عناوين مختلفة منها المساواة، التحرر، الحضارة، المدنية وغيرها من الشعارات.

7- تأثر بعض المناهج التربوية المدرسية منها والجامعية بأفكار بعض الفلاسفة والعلماء الغربيين،
والتي خطط لها من أجل تغيير منهجية وسلوك المرأة العربية المسلمة بل وطريقة تفكيرها على أساس التبعية الفكرية والثقافية والاجتماعية لقوى الغرب وأدواته في المنطقة وهذا التخطيط ينطوي على أبعاد سياسية خطيرة.. نحن لا نرفض التبادل العلمي والثقافي مع الغرب لأنه مطلوب في عصرنا ولكن بما يتناسب مع عاداتنا ومفاهيمنا وأدبياتنا الإسلامية، إلى الكثير الكثير من المحاولات والأساليب التي لا تعدُّ ولا تحصى نصادفها كل يوم ونلمحها في الشوارع والحوانيت والمدرسة والجامعة وأؤكد على الجامعة من خلال ما تبثه من آراء علماء وفلاسفة وأدباء لا تنسجم مطلقاً مع مفاهيم الإسلام، يزعمون أنها تصبّ‏ُ في إطار الحضارة والمدنية.

إذاً ما نراه الآن أن أمواجاً من الفساد بدأت تجتاح المنطقة، وألواناً من العادات والتقاليد تسربت، وأفرزت سمومها داخل مجتمع المرأة، حتى امتدت جذورها وللأسف إلى أوساطنا الإسلامية، نلاحظ ذلك جلياً من خلال التبرج الفاضح لدى بعض النساء، أجواء الاختلاط بين الجنسين والذي لا ينسجم أحياناً مع المبادئ الإسلامية لخروجه عن الضوابط الشرعية، إشاعة جو الموسيقى المحرمة في الموالد والأعراس والتي يرافقها الرقص والدبكة، إضافة إلى استهتار البعض وعدم مبالاته بالحجاب الشرعي واعتماده على الألوان المزركشة والموضة العصرية وإبراز مفاتن الجسد ناهيك عن الضعف في الثقافة الإسلامية لدى البعض وغياب السلوك التربوي الديني لقد بيّنت الجانب السلبي من الموضوع لأنني أتحدث عن الانحراف بشكل عام، طبعاً يوجد جوانب إيجابية لكنها محدودة إذا قيست بحجم التحدي في المرحلة الراهنة إن حجم التحدي الآن أكبر والمواجهة والمقاومة أخطر من أي وقت مضى وعلينا العمل على أكثر من جبهة دفاع وفي أكثر من إقليم لأن مسؤولية تربية وتعليم الأجيال هي من أولى مهماتنا وواجباتنا كي نربط واقع أمتنا بالزهراء عليها السلام وكي نرفعها إلى المدنية والحضارة على ضوء الإسلام.

* أما كيف نقاوم ونواجه هذا التيار؟ وما هي الخطوات المتبعة في هذا المضمار؟
سبل المواجهة:

العمل على خلق مناخات فكرية واجتماعية وثقافية وسياسية تساعد على تصقيل وتهذيب وإعداد المرأة للاضطلاع بدورها الرئيسي منها:
1- توجيه المرأة وتعليمها مبادئ‏ الإسلام وثقافته من خلال جذبها إلى حضور المحاضرات والندوات وإحياء المناسبات الإسلامية.

2- الترويج الكثيف للثقافة الإسلامية من خلال الإعلام المرئي والمسموع سواء في الأفلام لتكن أفلامنا إسلامية تروي قصص المسلمين وأخبارهم أو الإعلانات ونشرات الأخبار ليس المهم الكم من المعلومات وإنما يتم التركيز على نوعية الثقافة ومدى الاستفادة منها وتطبيقها.

3- إصدار صحف ومجلات إسلامية تعنى بقضايا المرأة والانفتاح على مؤسسات إعلامية أخرى بما يتوافق مع أهداف الإسلام ومبادئه وفتح قضية المرأة ومعالجتها في جميع أبعادها.

4- إنشاء جمعيات ومؤسسات اجتماعية تعنى بالمرأة وتثقيفها وتعليمها المبادئ‏ والأسس الدينية والاجتماعية وتؤهلها كي تكون زوجة وأماً ومربيّة، ولا يختص هذا الأمر فقط بالمرأة المسلمة ربما ينتسب العديد من النساء غير المسلمات إلى هذه الجمعيات والمؤسسات فيتعلمن المبادئ‏ وربما يدخلن في دين الإسلام.

5- شنّ‏ُ حملة واسعة من قبل القيمين والمشرفين والمسؤولين على جميع وسائل الإعلام التي تستغلّ‏ُ المرأة، إضافة إلى الرقابة الدائمة من قبل السلطة.

6- النقد ،الرد على الأقلام الداعية إلى التفلُّت مع تقديم الرؤية الإسلامية في هذا الجانب.

7- رورة إحياء المسرح الإسلامي والذي يعتبر وسيلة إعلامية مهمة لقدرته على إيصال الهدف والفكرة وليتخصص فريق في هذا المجال.

8- استغلال الفن والأدب بالمقاصد والأهداف الإسلامية وتاريخ أمتنا حافل وعريق وغني بالآداب والفنون ويروي الكثير من قصص النساء اللاتي غيّرت وصنعت الأمجاد، فلتكتب هذه القصص ولتمثّل بقالب وإخراج فني شيِّق.

9- دعوة العناصر النسائية الفعّالة في المجتمع والتي تهتم بقضية المرأة إلى تكثيف دورها في المرحلة الراهنة من خلال إعداد الكوادر والطاقات النسائية.

10- تعزيز التربية الإسلامية في المدارس على أعلى مستوياتها مع تأهيل كادر مختص في أساليب إعطاء المادّة.

11- دعوة النساء إلى إحياء المناسبات والشعائر الدينية والإسلامية مع الترويج الإعلامي الكثيف لها لأنها تعززّ من ثقافة الانتماء لخط أهل البيت عليهم السلام والسير على نهج الولاية.. وخصوصاً مجالس عاشوراء.

12- تصميم الثقافة الإسلامية على شبكة الإنترنت واستغلال التكنولوجيا الحديثة في نشر مبادئ‏ الإسلام.

13- التربية والتوجيه على أساس الإيمان والتقوى وخلق الوازع الديني يقول الإمام الخميني قدس سره: "أيتها النساء أجهدْن في تهذيب أخلاقكن، والإقتداء بالمرأة العزيزة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.. وينبغي استقاء أحكامنا الإسلامية من هذه الشخصية الفذّة ومن أبنائها.. أجهدْن في كسب العلم والتقوى".

إذاً يرى الإمام الخميني قدس سره ضرورة الرجوع والإقتداء بسيرة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام لأنها رسمت لنا في خطّ سيرها الجهادي والسياسي نظام حياة متكاملاً نستطيع من خلاله نحن النساء مقاومة سيل الانحراف والفساد وهنا لا بدّ من التركيز على مجموعة من الثوابت منها:

*إحياء المشروع العبادي وتوجيه المرأة إلى الارتقاء والسلوك في درب المعرفة والعلاقة مع اللّه تعالى عبر تحصين الذات بالخُلق والإيمان والصبر، وإحياء الروح بالعبادة والتقوى كي يتحصن المجتمع من الفساد وعلى الرجل أيضاً نفس الدور فقد ورد عن الإمام علي عليه السلام: "إن تقوى اللّه حمت أولياء اللّه محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته، حتى أسهرت لياليهم وأظمأت هواجرهم". وإذا رجعنا في حديثنا عن العبادة في حياة الزهراء عليها السلام نرى أن حياتها كلها كانت عبادة وقياماً للّه، إذاً علينا أن نجاهد أنفسنا كي ننمي ونعمق معرفة وحب العبادة في قلوب النساء والرجال كي يتحصن المجتمع من شتى أنواع الرذيلة.

*تبليغ رسالة الله
توجيه المرأة إلى العمل على تبليغ رسالة اللّه بعد الإعداد المسبق لهذه المرحلة من التربية الإيمانية والجهادية، ونشر ثقافة الإسلام كي تكون حاضرة للدفاع في جميع الميادين وعلى مختلف الجبهات، وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن المرأة بوعيها والتزامها تعتبر عنصراً مهماً في استنهاض الأمة.. عن الإمام علي عليه السلام: "لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولى عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم".

*القضايا الوطنية والسياسية
توجيه المرأة وإعدادها للاهتمام بالقضايا الوطنية والسياسية من فهم للواقع السياسي، وتحليل بعض المستجدات على الساحة ومعرفة حقيقة الصراع الدائر مع العدو الصهيوني إلى المؤامرات التي تحاك سراً ضد المسلمين ولفت الأنظار نحو القدس قضية المسلمين الأولى، ليكن الاهتمام بقضايا المسلمين في العالم، كيف نساعدهم؟ كيف ندعمهم؟ أيضاً الاهتمام بقضية المقاومة الإسلامية، تزويدها بالعناصر الفعّالة والطاقات وهكذا.. فالإسلام يشجع على انخراط المرأة في العمل السياسي وأعطى لها حق المشاركة في الشأن العام، مما لم تمنحه القوانين المدنية في كثير من بلدان العالم وأجحفت بحقها في هذا المجال. وأخيراً، ليس من اليسير علينا أن نحقق هذه الأهداف أو أن نقف للمواجهة والدفاع إن لم نتحلّ‏َ بالثبات والصبر والإيمان وقوّة الإرادة على التغيير والجهوزية الكاملة لمواجهة هذه الأساليب والمغريات انطلاقاً من رؤى الإسلام. وإننا إذ ندعوكِ أختي المسلمة وفي أجواء هذه المناسبة العظيمة ذكرى ولادة الزهراء عليها السلام ويوم المرأة المسلمة، للعودة إلى حياض الإسلام والانتهال من عذب القرآن والتعرف إليه جيداً، من أجل بناء غد مشرق ترتفع فيه رايات المهدي عجل الله فرجه، وترتع فيه أجيال نفوسها بذكر اللّه عامرة مقتدية بالسير على نهج الأئمة والأولياء عليهم السلام. جعلنا اللّه تعالى من شيعة الزهراء عليها السلام المتمسكين بولايتها وشفاعتها، ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع