في رحلتي إليه كنت أكتشف أسرار الوجود.
فذلك الحب العميق الذي جبل كياني يسوق دفة السفن التائهة إلى حيث المقصد. والأفلاك السبعة وما فيهن تظهر بمرائي الجمال وأنوار الحياة الأبدية.
ثم تختفي المرائي ليظهر الرائي، ففي كل وحدة كثرة وفي كل كثرة وحدة.
عجيب أمر ابن آدم فهو يسبر أغوار الأفلاك يبحث عن ذلك المجهول الضائع، يريد أن يصل إلى أعتاب المطلق؛ إلى حيث تختفي الحدود والعدميات، لأنه يكره كل نقص وقبيح ويمقت كل جهل وضعيف، والأعجب من ذلك أنه يراه ولا يلمسه ويشاهده ولا يدركه:
أتحسب أنّك جُرم صغير | |
وفيك انطوى العالم الأكبر |
عجيب أمر ابن آدم كيف يتيه في رموز الإشارات ويقع أسير العبارات والحق معه يجمع كل الأشياء في نور واحد ينطق بالحق ويدور معه حيثما دار. والأعجب من ذلك أنه حي مثله يمشي ويعبر الفلوات يمسك السماء والأرض أن تزولا ينتظر ذلك اليوم الذي يؤدي فيه الأمانة: يوم تبدّل الأرض غير الأرض.
فهناك ستظهر مدرسة الأسماء ساجدة. وترجع الكلمات تتراً، ويفور التنور بالستة والعشرين الباقية، وتبرد النيران سلاماً للأكوان وتخرج الناقة ويعود التائهون في الأربعين وتشفى الصدور: هناك ستتصل النبوة وحقيقتها والرحيمية ورقيقتها. هناك سيصلي وراءه آدم وأبناؤه البررة فيكبرون ويسبحون وتتم لهم الكلمة.
في رحلتي إليهم كنت أكتشف أسرار الوجود.