صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

ماذا تسأل الفتيات: كيف كان حجاب الزهراءعليها السلام؟



في البداية لا بدّ من أن نعلم أنّ مسألة الستر والحجاب عند الصدّيقة الزهراء عليها السلام، لم تكن محدودة بستر اللباس للبدن فقط، بل كانت تحمل معنى أوسع، حيث كانت ترى أنّ علاقة المرأة بالرجل الأجنبي هي علاقة الضرورة والاضطرار، وليست هي القاعدة والأصل، فمهما أمكن للمرأة أن لا تختلط مع الرجال الأجانب كان هذا خيراً لها، إلّا في الموارد التي يكون لها فيها أمر ضروري، سواء على مستوى الدين أو الدنيا.


ومن هنا، ورد في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيّ شيء خير للمرأة؟ فلم يُجبه أحد منا، فذكرت ذلك لفاطمة عليها السلام فقالت: ما من شيء خير للمرأة من أن لا ترى رجلاً ولا يراها، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: صدقتْ، إنّها بضعة منّي"(1).

أمّا عن طبيعة حجابها عليها السلام بمعنى اللباس الخاص، فيمكن معرفة ذلك من خلال التوجيه القرآني العام الذي خاطب الله تعالى من خلاله أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبناته ونساء المؤمنين؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ (الأحزاب: 59). ولا شكّ في أنّ الزهراء بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم المطهّرة المعصومة هي خير من يلتزم بأوامر الله تعالى ويطبِّق تعاليمه.

والجلباب هو ثوب واسع يُغطّى به الرأس والبدن، يشبه العباءة أو (التشادور) وقد يسمّى بالملحفة أيضاً؛ لأنّه يشمل البدن ويغطّيه كاللحاف، وربّما يُطلق على ما يعرف بالملاءة أو الملاية - المعروفة عند أهل الشام- وهي عبارة عن ثوبين واسعين ترتديهما المرأة فوق ثيابها، أحدهما يغطّي الرأس مع نصف البدن الأعلى، والآخر يغطّي النصف الثاني الأدنى من البدن. ويكون تحته عادة ما يسمّى بالخمار أو المقنعة، أي ما يُغطى به الشعر والرأس، يشبه إلى حدّ ما الإيشارب أو المنديل المتعارفَين في زماننا، لكنّه قديماً كان يربط ويشدّ بشكل آخر.
وقد جاء في بعض الروايات وصف ما كانت تلبسه السيدة الزهراء عليها السلام وتستتر به، حسبما كان متعارفاً في تلك الأيام؛ ففي بعضها أنّها لبست الملحفة وقنّعت بها رأسها(2)، وفي بعض آخر أنّها أخذت عباءة تلفّ بها رأسها(3)، وفي بعض ثالث: تجلببت بجلبابها وتبرقعت ببرقعها(4).

وفي خبر خروجها للخطبة، أنّها: لاثت بخمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها(5). قال العلامة المجلسي قدس سره: لاثت خمارها على رأسها؛ أي عَصَّبته وجَمَعته، يُقال: لاثَ العمامة على رأسه يلوثُها لوثاً، أي شدّها وربطها(6). واشتملت بجلبابها: أي جعلت الثوب الواسع مشتملاً ومحيطاً بها.
وكذلك في رواية أخرى عن أبي ذر الغفاري رحمة الله عليه أنّه قال لها: يا سيّدة النسوان أجيبي أباك، قال: فلبست جلبابها وخرجت حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم...(7).
وهذا يوضح أنّ لباسها عليها السلام يشبه إلى حدٍّ ما، العباءة أو "التشادور" الذي تلبسه النساء هذه الأيام ويكون تحته خمار أو ما يُستر به الرأس عادة.


1- دعائم الإسلام، القاضي النعمان، ج 2، ص 215.
2- بحار الأنوار، المجلسي، ج 43، ص 62.
3- (م.ن)، ص 66.
4- (م.ن)، ص 147.
5- (م.ن)، ج 29، 216، و218، و220.
6- (م.ن)، ص 247.
7- (م.ن)، ج 36، ص 226.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع