عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين سئل عن سبب تسمية شهر شوال قال صلى الله عليه
وآله وسلم: "سمي شوالاً لأن فيه شالت ذنوب المؤمنين" (أي ارتفعت).
وهو شهر حرام له عظمة وحرم خاصة وحق مقدس. وليكن دخولنا فيه دخول قلب معظم لمقامه
ولتكن جوارحنا داخلة على ساحة القدس، وفي هذا الشهر أعمال:
أ - الأعمال الخاصة:
1 - الليلة الأولى (ليلة العيد):
والعيد وقت اختاره الله من بين الأيام لإطلاق الجوائز والإنعام على العباد،
وأذن لهم للحضور بين يديه والاستغفار من ذنوبهم ووعدهم في ذلك كله الإجابة، والخائب
الخاسر من غفل عن معنى العيد وتزين فيه للناس فقط ورضي للاستئناس بأمثاله من العوام
كالأنعام، عن الأنس بمجالس الأطهار، ولا بد من العلم بأن ظهور آثار أعمال شهر رمضان
وإعطاء جزاء عباداتها يوم العيد. وأمر عبادة هذه الليلة عظيم جداً فعن السجاد عليه
السلام: أنه كان يوصي أولاده في حق هذه الليلة ويقول: "ليس بدون الليلة"
يريد ليلة القدر فلا بد من الجد الشديد فيها عن ليلة القدر فهي وقت الجزاء وآخر
العمل.
* من أعمال هذه الليلة:
أولاً: الاستهلال وقراءة دعاء الهلال من الصحيفة السجادية.
ثانياً: السلام والتضرع إلى المعصومين عليهم السلام والتوسل بهم ورفع
أعمال شهر رمضان إليهم لإتمام نواقصه وتوفيقه للعمل الصالح إلى شهر رمضان القابل.
ثالثاً: الغسل عند الغروب وهو من الأعمال المخصوصة بليلة الفطر.
رابعاً: إحياء الليلة بالصلاة والدعاء والاستغفار والبيتوتة في المسجد.
خامساً: أن يرفع يديه إلى السماء إذا فرغ من فريضة المغرب ونافلته ويقول: "يا
ذا المن والطول، يا مصطفى محمدٍ وناصره صلِّ على محمدٍ وآل محمد واغفر لي كل ذنب
أحصيته وهو عندك في كتاب مبين" ثم يسجد ويقول مائة مرة "أتوب إلى الله" ثم يسأل
حاجته فتقضى بإذن الله.
سادساً: يكبر بعد صلاة المغرب والعشاء والفجر والعيد ويقول: "الله أكبر،
الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الحمد لله على ما
هدانا وله الشكر على ما أولانا".
سابعاً: وردت صلوات لهذه الليلة:
أ - يستحب بعد المغرب صلاة ركعتين يقرأ في الأولى الفاتحة مرة والإخلاص مائة مرة،
وفي الثانية يقرأ الفاتحة والإخلاص مرة ثم يقنت ويركع ويسجد ويسلم ثم يخر ساجداً
لله ويقول في سجوده "أتوب إلى الله" مائة مرة.فعن الأمير عليه السلام: "والذي
نفسي بيده لا يفعلها أحد فيسأل الله شيئاً إلا أعطاه له، ولو أتاه من الذنوب عدد
رمل الصحراء".
ب - صلاة ركعتين بألف مرة التوحيد في الأولى ومرة في الثانية ثم يخر بعد التسليم ويقول في سجوده مائة مرة "أتوب إلى الله" ثم يقول: "يا ذا المن والجود، يا ذا المن والطول، يا مصطفى محمد صلِّ على محمد وآل محمد وافعل بي (كذا وكذا)" ويذكر حاجته فتقضى بإذن الله.
ج- عشر ركعات يقرأ الحمد مرة والتوحيد عشراً ويذكر في ركوعه "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" ويستغفر الله بعد الفراغ ألف مرة ويقول في سجدة الشكر: "يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما، يا أرحم الراحمين، يا إله الأولين والآخرين، إغفر لي ذنوبي وتقبل صومي وصلاتي". روي أن فاعل ذلك لم يرفع رأسه من السجود حتى يغفر له ويتقبل منه صومه ويتجاوز عن ذنوبه.
د - أربع عشرة ركعة في كل ركعة الفاتحة مرة والكرسي مرة والتوحيد ثلاثاً من صلى ذلك أعطاه الله بكل ركعة عبادة أربعين سنة وعبادة كل من صام وصلى في هذا الشهر.
هـ- ست ركعات يقرأ في كل ركعة الفاتحة مرة والتوحيد خمس مرات روي أنه من صلى ذلك شفع في أهل بيته وإن استوجبوا النار.
ثامناً: زيارة
الإمام الحسين عليه السلام وهي من أهم الأعمال في هذه الليلة.
تاسعاً: أن يدعو عشر مرات بالدعاء: "يا دائم الفضل على البرية يا باسط
اليدين بالعطية، يا صاحب المواهب السُنيَّة، صلِّ على محمد وآله خير الورى سجية
واغفر لنا يا ذا العلى في هذه العشية".
عاشراً: ومن الأعمال إخراج الفطرة وورد أن الصوم مردود إن لم يخرج الفطرة،
منزلة زكاة الفطرة من تمام الصوم كمنزلة الصلاة على النبي وآله في الصلاة كما لا
صلاة لمن لم يصل على النبي وآله في صلاة، فكذلك لا صوم لمن ترك الفطرة متعمداً.
أحد عشر: الاغتسال آخر الليل والجلوس في المصلى لطلوع الفجر ثم الاختتام
بتسليم الأعمال إلى المعصومين عليهم السلام.
2 - اليوم الأول (يوم
العيد):
عن الإمام الحسن عليه السلام: أنه نظر للناس يوم العيد يضحكون ويلعبون فقال
لأصحابه والتفت إليهم: "إن الله عزّ وجلّ خلق شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون
فيه بطاعته ورضوانه، فسبق فيه قوم ففازوا وتخلّف آخرون فخابوا، فالعجب كل العجب من
الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المقصرون، وأيم الله لو
كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه، ومسيء بإساءته".
ومن الأهم في هذا اليوم التوسل والاستشفاه من حامي اليوم أول الطليعة والمبالغة في
ذلك لعظيم ذاك اليوم وهو يساوي كل أعمال شهر رمضان لأنه وقت ظهور الثمرة وإعطاء
الجوائز، ورد الأعمال وقبولها فيمكنه تبديل كل ما قصر في شهره وكسبه من السيئات إلى
الألطاف الإلهية والحسنات.
* من أعمال هذا اليوم:
أولاً: الغسل وقته من الفجر حتى أداء صلاة العيد فإذا قمت بذلك قل: "اللّهم
إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، واتباع سُنَّة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم" ثم سم
باسم الله واغتسل فإذا فرغت من الغسل فقل: "اللّهم اجعله كفارةً لذنوبي، وطهر بدني
واذهب عني الدرن".
ثانياً: صلاة الفجر ثم الشكر.
ثالثاً: الدعاء بعد فريضة الصبح: "اللّهم إني توجهت إليك بمحمد إمامي..".
رابعاً: قراءة دعاء الندبة، وينبغي عدم الغفلة عن ذكره في غيبته عجل الله
تعالى فرجه الشريف وذكر
ما آلت إليه الأمور على أيدي الكفرة والفجرة من الشقاء وشدة الحال على شيعته
والتصديق بوعد الله به..
خامساً: الإفطار على تمرة أو تميرات قبل الخروج للصلاة بنية الامتثال لأمر
الله في الإفطار.
سادساً: دفع زكاة الفطرة.
سابعاً: تحسين الثياب والتطيب.
سابعاً: تحسين الثياب والتطيب.
ثامناً: أن يدعو إذا تهيأ للخروج للصلاة: "اللّهم من تهيأ في هذا اليوم..."
[مفاتيح الجنان/508]، ثم ينبغي الخروج للصلاة فإن الخروج للصلاة وفادة إلى الله عزّ
وجلّ فليكن عليه سمة الوفادة على الله وأن يتأدّب حق أدب مقام عظمة الله ومنّة الله
عليه في الإذن بالوفاة من الشكر والهيبة والاعتراف بالتقصير.
ومن آداب صلاة العيد أن
يجعل صلاته تحت السماء، إن استطاع مستظلاً بعناية الله وليحاول تحصيل روح التكبير
ولا ينبغي نسيان قول الصادق عليه السلام: "فإن الله إذا اطلع على قلب العبد
وهو يكبّر وفي قلب عارض عن حقيقة تكبيره قال: يا كذاب أتخدعني وعزتي وجلالي لأحرمنك
حلاوة ذكري ولأحجبنك عن قربي والمسرة بمناجاتي".
ولا بد من معرفة أن الصلاة هي لأخذ الجوائز وتكميل النواقص وإعطاء المواهب
وينبغي إحسان الظن بالله والرجاء لعظيم منح الله فبقدر حسن الظن بالله واللطف يزداد
فيه الجوائز وينبغي أن يصلي الصلاة المذكورة في الكتب الفقهية وتكون جماعة أولى من
الفرادى.
تاسعاً: الدعاء السادس والأربعين من الصحيفة السجادية.
عاشراً: الإكثار من الدعاء والصلوات على محمد وآله لطرد الشياطين الذين غلوا في شهر
رمضان ويتوسل بالمعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
3- الصوم:
ورد في الأخبار في شهر شوال (الصوم ستة أيام بعد العيد). وفي أخبار أخرى أنه لا
صيام إلا بعد ثلاثة أيام بعد العيدين، وروي أيضاً أن صوم شهر رمضان وشوال وكل
أربعاء وخميس بدل صوم الدهر ومن صامها دخل الجنة.
4 - اليوم الخامس
والعشرون:
فيه على بعض الأقوال وفاة الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في
سنة مائة وثمان وأربعين وفي رواية أنه في النصف من رجب فينبغي لشيعتهم إحياء أمرهم
صلوات الله وسلامه عليهم.