نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

كيف يتخلّص الطفل من الخوف؟ (2)

سكنة حجازي‏


أمي! لا تتركيني وحيداً، فتلك الجنيّة، تقف أمامي كلما دخلت الحمّام وحدي. وذلك العفريت يلاحقني إذا ما دخلت غرفتي لأدرس أو أنام. أما تلك الحقنة في يد الطبيب فإنها تجعلني أرتجف كلما رأيت طبيباً.

أبي! لا تصرخ بي ولا ترعبني، فذلك السكين لا يزال أمام ناظري منذ صرخت أول مرة مهدّداً متوعدّاً وأنت تحمله! أما الليل فإنه يتحوّل إلى كابوس كلما أويت إلى فراشي. والبحر أراه فاتحاً فمه كأنه يريد ابتلاعي إذا ما اقتربت منه لأنك قلت لي يوماً إن فيه حوتاً يمكن أن يبتلعك!

معلّمتي! أرجوك إرفقي بنا ولا تطلبي منا المسابقات أو الامتحان بهذه القسوة، فأنا أشعر وكأن شللاً يصيبني من رأسي حتى أخمص قدمي كلما أعلنتِ ذلك، فلا أستطيع الدرس ولا النوم حتى أني أفقد شهيتي للطعام. وتسألونني، لِمَ أخاف؟ وأنا أسألكم كيف أتخلّص من الخوف؟! بل ألا يمكن الوقاية منه وعدم الوقوع فيه؟!


* علاج الخوف:
للخوف أنواع وله درجات وأسباب، كما ذكرنا في حلقتنا السابقة، لذا لا بد من معرفة نوع الخوف وسببه ودرجته قبل البدء بعلاجه، وذلك حتى يتسنى لنا المعالجة النافعة والمؤثرة، ولئلا نزيد الأمور تعقيداً وسوءاً. فأي مرض يحدد نوعه وطبيعته، وأسبابه ودرجة تفاعله ليتم تحديد العلاج المناسب له.

1 - علاج الخوف الطبيعي:
حتى لا يتحول هذا الخوف إلى مرض أو حالة عصابية مستعصية لا بد من معرفة طبيعة هذا الخوف وسببه.
أ - عدم التخويف:
فإذا كان ناتجاً عن تخويف الآخرين له (أهل أخوة كبار...) فلا بد من عدم تخويفه مجدداً وعدم استغلال مخاوفهم وبالتالي توعية الطفل إلى حقيقة الشي‏ء الذي يخاف منه وهو ما يعرف بالتوعية والإفهام فالكلب حيوان يهرب من الإنسان فهو بالتالي يخاف منا لا نحن والظلام لا يحمل أموراً مؤذية كأن ندخل معه إلى غرفة مظلمة ونطلب إليه إضاءتها ليرى أن ليس فيها شي‏ء مؤذٍ. تبصير الطفل بالأشياء المؤذية (العلة والمعلول) إذا كان الطفل قد شاهد بعض المشاهدات المخيفة فلنشرح له (بمستوى إدراكه ووعيه) أن لكل شي‏ء سبباً فلا يمكن أن يحدث الأمر تلقائياً ثم نبين طرق الوقاية من المخاطر مثلا الابتعاد عن النار لأنها تحرق والأماكن المرتفعة حتى لا نسقط إذا تجاوزنا الخط المطلوب.

ب - التشجيع والاعتماد على النفس:
عند نقل الخوف من الآخرين (في التقليد) وذلك بأن لك شخصية قوية وأنت تستطيع تجاوز أو التغلب على هذا الأمر فهذه الحشرة الصغيرة يمكن أن يمسكها ويرمي بها خارجاً أو أن نضع مصباحاً قرب سريره يضيئه ساعة ينهض ليلاً (ويتعلم ذلك) - الخ. كذلك تدريب الأهل أنفسهم على عدم إظهار الخوف أمام أطفالهم ليكونوا المثال الايجابي في التقاليد.

ج - المناقشة والمساعدة:
في كل ما يحدث مع الطفل من أمور تؤدي إلى خوفه لا بد من مناقشة ذلك وبيان أسباب الحدث والمساعدة للتغلّب على هذه الأسباب لإزالتها وأثر هذه الإزالة حل الصراع داخل نفس الطفل.

د - المراقبة العلمية التربوية:
المراقبة الدائمة (من بعيد بدون أن يشعر الطفل بها) لكل ما يقع أمام ناظري الطفل من برامج (مخيفة، رعب جرائم...) وصحف ومجلات وصور وغير ذلك حتى نجنبه الأضرار النفسية وأهمها الخوف. وهذا ما يستدعي الانتباه الدائم.

هـ - مراقبة الأسرة نفسها:
- بالتقليل من الاضطراب الداخلي والمشاجرات والمشاحنات الأسرية. عدم توجيه اللوم العنيف وتحقير الطفل خصوصاً أمام الآخرين أو ضربه وإهانته. التقليل من قلق الأهل على الطفل (اهتمام ومبالغة في التحذير) من الجوانب الصحية والخوف والحذر الزائد. عدم تركه وحيداً لمدة طويلة بل إحاطته بالرعاية والحمية الكافيين.

2 - علاج الخوف المرضي (العصابي):
وذلك إذا تأصلت الحالة وقد يسبب أذى لنفسه ولغيره فلا بد من استخدام علاج نفسي يتلخص ب:

أ - العلاج بالاستبصار:
وهو يقوم على الكشف عن صراعات الطفل وتبصيره بها ومساعدته على حلها، لإعادة الثقة بنفسه وبمن حوله. وذلك بتعديل مفهومه واتجاهاته نحو الآخرين كذلك إفهام المشرفين على تربيته (أهل ومربين...) إخراج المكبوت إلى الظاهر.

ب - العلاج السلوكي:
ويهدف إلى تعديل السلوك وذلك عن طريق تحديد السلوك المطلوب تعديله والظروف التي يحددُ فيها وتغير العوامل المسؤولة عن استمراره ويتم ذلك بإضعاف استجابات الخوف وتقوية استجابة عدم الخوف. كأن نعرف أن الطفل يخاف من الكلب ومجرّد سماعه صوت الكلب يسيطر عليه الرعب ويبول في ثيابه. ليرافقه أحدهم إلى كلب صغير أولاً ويعطيه قطعة خبز ليرميها له سيجد أن الكلب يلتقط الخبز ولا ينبح وهكذا رويداً رويداً ويرضى الطفل، (أو إسماعه الصوت المخيف وإعطائه شيئاً يحبه طعاماً ألعاباً...). - وهذا ما يعرف بخفض الحساسية للإحساس بالخوف. وكذلك بالعلاج السلوكي يمكن جعله يلاحظ نماذج من الشجاعة مع التشجيع والشرح اللفظي: كأن يرى ما يخافه في أفلام كرتونية مع أطفال لا يخافون ووجود الأهل الذين يشرحون ذلك بهدوء وكلمات لطيفة حنونة عند ذلك يلجأ إلى الكف عن الخوف أو التقليل منه شيئاً فشيئاً.

3 - الإيحاء الذاتي:
وهو تعليم الطفل التحدث مع الذات بشكل صامت لأن التفكير في الأشياء المخيفة تبدو أكثر خوفاً وعندما يهمس الطفل لنفسه: "أستطيع أن أواجه ذلك" إنني الآن أكثر شجاعة "إنها مجرّد تخيلات"... الخ وإذا ما فكر في أمر مخيف يجيب نفسه "توقف" ويكرر العبارات الإيجابية بذلك يمكن إبعاد الخوف عن نفسه.

4 - إيجاد البديل:
إذا كان الطفل يخاف من الحيوان قد نضع له آخر من قماش ليعتاد عليه تدريجياً وبعدها يعرف أن بإمكانه لمس الحيوان الحقيقي.

5 - الوعد بالحماية:
وذلك بأن يشعر الطفل أن هناك من يحميه إما الأهل وأحياناً بل غالباً نوحي ونعلمه بأن اللَّه موجود ويمكن أن يحمينا من المخاطر ﴿َلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. ولا بد من الإشارة بأنه إذا لم تنفع العلاجات الوقائية أو التدبيرية فلا بأس بمراجعة الطبيب النفسي لأن الأمر قد خرج من أيدينا وهذا غير مألوف لكنه ممكن.

* توصيات للوقاية من الخوف:
1 - الاستعانة والارتكاز إلى الدين:
إن غير المتدينين يعرفون هذا الأمر ويقرون به وهو اللجوء إلى الإيمان والدين. وذلك بالاعتماد على اللَّه والثقة والتوكل عليه. وهذا يعطي العزم ويعزز الثقة بالنفس فلا يعتبر الإنسان نفسه وحيداً بلا ملاذ أو مراقب فأنَّى ذهب فإن اللَّه تعالى معه فلا يتركه في الملمات ويغيثه عند المهمات والضيق. حتى أنه يتقبل فكرة الموت لأنه سيلاقي وجه اللَّه تعالى وينعم برحمته فهو أرحم الراحمين وكما قلنا ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. ومنها الاستسلام للقدر لارتياح القلب ومنع الخوف فالأضرار لا تحصل إلا بمشيئته تعالى ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

2 - استصغار المسألة:
وذلك بتخفيف الخوف وإقناعه بأن الموضوع لا أهمية له وأنه أمر بسيط لا يكاد يذكر من حقن الإبرة أو قلع الضرس أو ما إلى ذلك.

3 - تمجيد الشجعان:
بذكر قصصهم وتفوقهم وسيطرتهم على مخاوفهم بقتل الحيوانات المفترسة وتسلق الأعالي والتغلب على المصاعب. كذلك بيان أهمية الطبيب ودوره الإنساني في شفاء الإنسان من المرض والألم.

4 - تقوية الطفل:
تقوية نفسية روحية بالإيمان والثقة بالنفس والاعتماد عليها. تقوية صحية جسدية بنية قوية يمكن مواجهة الصعاب والآلام. تقوية فكرية توعية معلومات ثقافة (مهما كان عمر الطفل).

5 - المرافقة والحضور وتنمية العلاقات:
- بالجلوس معه عند النوم وقص القصص عليه مثلاً.
- مداعبته خصوصاً عند النوم أو في أوقات الراحة والاسترخاء.
- مرافقته إلى غرفة مظلمة وتركه لمس الجدار أو أرض الغرفة.
- مرافقته إلى الطبيب مثلاً وجعله يقوم بفحصكم أمامه دون ألم أو تأوه.
- إنشاء علاقات مع الآخرين (الطبيب، الشجعان، الأطفال الأقوياء..) واللعب والتحرك معهم وبينهم.
- إشغال الطفل بعمل ما لطرد التفكير بالخوف.
- توسيع النظرة الكونية لدى الطفل، جعله يرى العالم بمنظار أوسع قليلاً.
- إعطاء أدوية حلوة المذاق.
- استخدام الملاطفة والمزاح التي تعطي الجرأة.
- إعطاؤه مجالاً وفرصة كي يبحث هو عن المسألة ويكتشف بنفسه.
- ضرورة القدوة (الأهل المربين الأصدقاء) بشجاعة الأئمة المعصومين عليه السلام..

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع