لينظر العالم اليوم إلينا ليرى أننا نعيش ولا نزال رغم أنف قوى السيطرة فتلك سنّة اللّه عبر التاريخ ولن تجد لسنّة اللّه تبديلاً، وهذا أوضح وأبلغ نداء نوجهه للعالم. لقد أراد نظام السيطرة دوماً أن يثبت عكس ذلك، وأن يظهر إرادته للعالم الثالث شعوباً ودولاً، وكانت هذه الإرادة هي التي تحدد مصير الجميع.
إننا رفضنا ذلك، لا شك أن نظام السيطرة لم يرد للجمهورية الإسلامية حياة واستمرارية، غير أن إرادتنا هي التي انتصرت في النهاية. نداؤنا الموجه إلى كافة الشعوب والحكومات التي تريد البقاء مستقلة وبعيدة عن إرادة قوى السيطرة العالمية الكبرى، لا تخافوا من هذه القوى، وثقوا في أنفسكم وشعوبكم. ... إن نداءنا الرئيسي يتلخّص في رفض نظام السيطرة في العالم، فعالمنا اليوم تمّ تقسيمه عملياً بين القوى المهيمنة الكبرى، التي تعتبر نفسها صاحبة القرار في العالم، وبتعبير أدق انقسم العالم إلى جزئين:
1- قوى الهيمنة.
2-الرازحين تحت الهيمنة.
ويعتبر الجزء الأول نفسه مالكاً للجزء الثاني وصاحب قرار في مصيره. هذه العلاقات غير العادلة، وغير المتكافئة بين الجزئين هي التي تشكل نظام التسلّط، الذي يرفض الثورات، ويخلق العقبات في طريق الأنظمة الثورية. إن نظام الهيمنة يقرر مصير الشعوب رغم إرادتها، وتعتبر فلسطين المظلومة نموذجاً كاملاً لهذا الواقع، كما تعتبر أفغانستان نموذجاً آخر من أن نظام الهيمنة يتلاعب بالمفاهيم والمعاني، فيحرّف الكلم عن مواضعه حسبما تقتضيه مصالحه، ويجنّد كل ما لديه من الإمكانيات لتكريس هذه المفاهيم المنحرفة، فأمامنا الإرهاب وحقوق الإنسان... كنموذجين من المفاهيم المنحرفة المتلاعب بها. إن نظام الهيمنة يهاجم الدول التي يغضب عليها حتى بشكل مباشر.
إن نظام الهيمنة يسمح لنفسه أن يتخذ القرارات للعالم بأسره، ونيابة عن جميع الشعوب، بالأمس كان النموذج هو الغارة الأمريكية على "هيروشيما" ويأتي الرئيس الأمريكي ريغن ليعتزّ بالعمل الرهيب الذي ارتكبه أسلافه، مبرراً ذلك بأنه لو لم تقتل هذه الألوف من البشر لكان من المحتمل أن يقتل أكثر من هذه المجموعة في العالم كافة!! وبهذا يمنّ على الجميع بالحرص الأمريكي على العالم بأسره، وكأن أمريكا هي الوصية على جميع العالم!!
إن نظام الهيمنة يدعم ويحمي الأنظمة العنصرية الغاشمة كالكيان الإسرائيلي، ويسخّر هذه الأنظمة ضد الشعوب المظلومة كأذرع مسلحة سفّاكة له... إن نظام الهيمنة يسمح لنفسه أن يمارس الضغوط على المنظمات الدولية والضغوط الأمريكية على كل من مجلس الأمن ومنظمة اليونسكو تمثل النموذج الحي لذلك. إن نظام الهيمنة يعتبر مصالح أصحاب الهيمنة مصالح مطلقة دون قيد ولا شرط، ويمكن من أجلها تجاهل مصالح الآخرين، والنموذج هو تواجد السفن الحربية الأمريكية في الخليج الفارسي بشكل يخلق التوتر ويهدد بالخطر، هذا التواجد الذي تمّ تبريره بحجّة "الحفاظ على المصالح الأمريكية" دون أن تؤخذ مصالح دول المنطقة بعين الاعتبار. وأخيراً يسيطر نظام الهيمنة على الإعلام العالمي يظهر كل الحقائق مشوهة، ويظهر كل هذه الأعمال الشيطانية بمظهر الخدمة، فيسدّ الطريق بوجه كل معارضة له من قبل الرأي العام العالمي!!. "نداؤنا إلى دول العالم الثالث بأن يعملوا على التحالف والتلاحم مع بعضهم، ما دام الوضع على ما هو الآن، ونظام الهيمنة باق على حاله، هذه أحسن طريقة لكي يصبحوا أقوياء. إن قوى الهيمنة العالمية لا تعرف شيئاً سوى القوة والقدرة، لهذا وإزاء منطق القوة الذي يستخدمونه يجب التحدث بنفس المنطق. إن صحوة الشعوب ووعيها بطبيعة ودور نظام الهيمنة يشكلان أكبر رصيد لدول العالم الثالث، كما أن في ذلك عامل قدرة حقيقي أمام أصحاب الهيمنة، إن قادة هذه الدول ليست لديهم أية يد طولى، وكذلك ليست لديهم أية وسيلة إلا الفكر النيّر والإرادة القوية لشعوبهم.
إن التحالف الذي نقترحه على دول العالم الثالث ليس تحالفاً لمحاربة القوى العظمى، وإنما هو تحالف للدفاع عن أنفسنا، وللحيلولة دون إضاعة حقوقنا الثابتة. نداؤنا إلى كل شعوب دول العالم الثالث وكذلك إلى الشعوب التي تقيم حكوماتها نظام الهيمنة نداؤنا إلى الجميع هو أن العالم يجب أن لا يحتمل هذا الوضع غير المقبول أكثر من هذا، يجب أن يقول الجميع للدول الكبرى، اجلسوا في بيوتكم، واتركوا العالم لشعوب العالم، أنتم لستم بأوصياء على هذه الشعوب.... إن القوى المهيمنة هي أكبر عامل لتبرير الفساد ونشره، فالفساد في أنواعه الأخلاقية والجنسية والعقائدية يجد له المساندون والمؤيدون والمروّجون الرئيسيون من خلال الدوافع السياسية والاقتصادية والتجسسية لهذه القوى ولهذا السبب نرى اليوم بأن هذه الحياة المرّة المعتمة، والتي تطال هذه المرة، شعوب الدول العظمى أيضاً، قد سقطت فيها القيم الأخلاقية وتضعضعت الرابطة العائلية، وسيطر غول الإدمان على الكحول والمخدرات أكثر من قبل، كما أن التأثير المعنوي والأخلاقي أصبح أقل من أي وقت كان. يجب أن نقوّي بناء العائلة، وأن نجعل من العائلة التي هي أول مدرسة حقيقية للإنسان مركزاً للمحبة والصفاء والعاطفة والمعنوية. يجب التأكيد على الحفاظ على الحقوق والمثل الخاصة بالمرأة، يجب أن نعيد النظر في القيم والمعايير الحالية للمرأة والتي وضعتها نفس الأنظمة المهيمنة.
وتحرر المرأة بصورة جدية من كونها "أداة للاستمتاع" الأمر الذي فرضته الثقافة الغربية. المرأة هي العالمة والسياسية والمديرة والشخصية البارزة وأرفع من هذا كله هي الزوجة والأم، نعم ولكن أن تكون أداة لكسب اللذة والتسلية فلا، هذا ما يستطيع أن يُعطي لنصف البشرية هويته وشخصيته الحقيقية ويجعل العائلة بنياناً راسخاً ومقدساً.
هذه هي نداءات ثورتنا، ليست فقط لأولئك الذين لديهم الاستعداد لسماعنا، ولكن لكل أولئك الذين يستطيعون أن يزيحوا الحجب عن مسامعهم، ويُقبلوا على الحكم العادل!!".