ايفا علوية ناصر الدين‏


المؤلف: الشيخ مالك وهبي‏ / الناشر: دار الهادي‏: تكمن أهمية البحث عن الثبوت الشرعي للهلال في أنه في حدّ ذاته موضوعٌ لجملة من الأحكام الشرعية مثل صوم شهر رمضان وحرمة صوم يوم العيد والوقوف في عرفة والتي تتوقف معرفتها على معرفة أول الأشهر الهجرية. وتنطلق ضرورة البحث في هذا الموضوع من المستجدات التي تستوجب قراءة الأدلة الفقهية حول مسألة الهلال بعد التطور الحاصل في علم الفلك وما استتبعه من طروحات تستدعي البحث وبعمق في النصوص الشرعية لمعرفة ما إذا آن الأوان للاعتماد على علم الفلك أم الاصرار على اعتماد السبيل الوحيد لإثبات بداية الشهر شرعاً هو الرؤية.

يهدف الكاتب في هذا الكتاب إلى محاكمة كلتا النظريتين بموضوعية وإنصاف من خلال الحرص على تتبع جملة من المراجع الفقهية المتنوعة القديمة والحديثة في الفقه الجعفري الاثني عشري وبعض المراجع في علم الفلك كتبها مختصون في هذا العلم وقد أشار في مقدمة الكتاب إلى أن منطلقه لم يكن الدفاع عن وجهة نظر معينة وإن كان لا بد في بعض الأحيان من ترجيح رأي على آخر كنتيجة طبيعية للبحث والأدلة المتوفرة. وكان تركيز الاهتمام على استجلاء الحقيقة سواء بالنسبة للقول بالاعتماد على علم الفلك أو بالنسبة للقول بعدم صحة ذلك خصوصاً بعدما أخذ هذا الموضوع مأخذه داخل المذاهب الإسلامية حيث تمسّكت كل طائفة بقول من القولين وقد تطرّف البعض واعتبر من لا يزال يعتمد على الرؤية متخلفاً قابعاً في عصور الظلمة وقال آخرون أنه بالإمكان أن نُعلن من الآن بدايات الشهور إلى آخر الدهور معتبرين أن الرؤية قد أضحت وسيلة بدائية وفي قبال هؤلاء هناك من بالغ في إنكار أي قيمة لعلم الفلك معتبرين أن هذا الأمر مما أجمع عليه المسلمون عموماً واتّفقت كلمتهم فيه. والجدير بالذكر أن فصول هذا الكتاب بعضها تقليدي تم بحثه في الكتب الفقهية المطوّلة وبعضها مستجد وقد تحدّث فيه الكاتب بلغة فقهية علمية لتوقف بيان الموضوع على ذلك.

* الهلال، الاستهلال والرؤية:
قبل الدخول في فصول الكتاب يبدأ المؤلف بتمهيد يتضمن توضيحات يشرح فيها المقصود من الثبوت الشرعي ومعنى الهلال وكيفية ظهوره وحالة المحاق وتحديد الشهر الشرعي. وفي الفصل الأول يبيّن آراء العلماء في وجوب استهلال الهلال وترقّبه ثم ينتقل في الفصل الثاني إلى بحث علامات دخول الشهر وثبوته وأوّلها الرؤية الشخصية حيث يُقسّم البحث فيها إلى قسمين يتعرض في الأول إلى دليل علامية الرؤية الذي يبيّن فيه الحكم الشرعي في مسألة تفرد الرائي بالرؤية وفي مسألة الرؤية بالعين المجردة والرؤية بآلات الرصد. أما البحث الثاني فيشمل الحديث عن زمن الرؤية المعتبر وفيه عرض لأدلة العلماء ومناقشاتهم.

* هل يمكن الاعتماد على قول الفلكيين والأرصاد؟
يستعرض المؤلف في الفصل الثالث أقوال العلماء وكلماتهم في مسألة حجيّة قول الفلكي مع التعليق على كل رأي واستخلاص الأدلة المتحصلة من كلماتهم، وفيه مجموعة من الأبحاث التي تهدف للوصول إلى معرفة الحكم الشرعي في موضوع الاعتماد على الفلك وتُجيب على الأسئلة المطروحة في هذا الشأن وأهمها: هل يمكن تحصيل العلم من أقوال الفلكيين؟ حيث يعرض المؤلف اختلافهم في مسائل عديدة كعمر القمر ومقدار مكثه واختلافهم في ارتفاعه متحدثاً عما جرى في شهر شوال من عام 1419هـ كمثال واضح في هذه المسألة.

* كيفية ثبوت الرؤية:
في الفصول الباقية يتطرق المؤلف إلى موضوع ثبوت الرؤية بالشياع والبيّنة وثبوت الرؤية بالخبر الواحد وثبوتها بالعدد أو بحكم الحاكم حيث يشرح المقصود من هذه العبارات ويفسّر مضامينها ويعرض رواياتها وأقوال العلماء وآراءهم ويبحث في أدلتها وحجيتها للخروج بخلاصة منها ويتحدث الفصل الأخير عن اشتراط وحدة الأفق الذي يتضمن أيضاً مجموعة من الأبحاث والعناوين التي تبيّن مدى تأثير هذه المسألة على الصوم والإفطار في البلاد الإسلامية وقد تم الاعتناء بها بشكل بارز في هذا الكتاب لإعطاء كل التفاصيل اللازمة حولها. هذا الكتاب الذي يقع في 319 صفحة من الحجم الكبير أراده المؤلف أن يكون محاولة للإجابة عن جميع الأسئلة المتعلقة بمسألة الثبوت الشرعي للهلال وجمع كل المسائل المهمة المرتبطة بهذا الموضوع وبيان وجهات النظر المختلفة فيها واستخلاص النتائج من خلال الأدلة والمناقشات.