مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مقابلة: حزب الله والدولة في لبنان مع النائب د. حسن فضل الله


حوار: نجوى ياسين


"حزبُ الله" أو "شعبُ المقاومة" بذرةٌ طيّبة نمَت وكبرت في المجتمع اللبناني إبّان الاحتلال الإسرائيلي عام 1982م، ورويداً رويداً كبُرت مسؤوليّات الحزب وصار عرضة لكثير من التساؤلات، طرحها بعضهم كإشكاليّة ومسائل شائكة بينه وبين الدولة اللبنانيّة.

حول إشكاليّة علاقة حزب الله بالدولة منذ نشأته حتى اليوم، وتطوّر هذه العلاقة قدّم الدكتور حسن فضل الله طرحاً فكريّاً في كتابه (حزب الله والدولة في لبنان - الرؤية والمسار). وللاطّلاع أكثر على محتوى هذا الكتاب كان لمجلّة بقيّة الله مع الدكتور فضل الله الحوار التالي.


- بدايةً، هل يمكن، بإطلالة سريعة، مَعرفة أهمّ ما تناوله هذا الكتاب؟ وما هو الدافع إلى تأليفه؟
تُطرح على حزب الله إشكاليَّات عدَّة، منذ نشأته، خاصّة على ضوء تطوّر دوره وتوسّعه. وهذه الإشكاليات، بعضها له طابع فكريّ مرتبط برؤاه، المستندة إلى إيمانه بمبدأ ولاية الفقيه، وبعضها الآخر سياسي مرتبط بأدائه. وقد تكون إشكاليّة العلاقة بالدولة واحدة من أبرز ما يطرح على حزب الله، لذلك وجدتُ من الضروريّ التصدّي لهذا الأمر من خلال تقديم الرؤية الفكريّة - السياسيّة لحزب الله حيال الدولة والوطن اللذين يعيش فيهما، وعرض المسار العام لحزب الله اتّجاه الدولة والوطن. قد يكون الدافع الأساسيّ هو الإجابة عن الكثير من الأسئلة المطروحة أمام حزب الله، لكن الكتاب بحدّ ذاته حاجة لتبيان الواقع كما هو، لأنّ الكثير من الوقائع المرتبطة بهذا الموضوع غائبة أو مغيّبة بفعل المواقف السياسيّة والإعلاميّة المسبقة من حزب الله... من هنا، جاء تقسيم الكتاب في سبعة فصول تجيب عمّا هو مطروح من إشكاليّات فيقدّم الرؤية ويعرض بين طيّاتها المسار.

الفصل الأوّل: طغى عليه البعد الفكريّ والثقافيّ، وتمّ فيه تحديد معاني الوطن والدّولة في الفهم الإسلاميّ، الّذي يستقي منه حزب الله ثقافته، وعالج موضوع العلاقة البينيّة في مجتمع متنوّع انطلاقاً من إيمان حزب الله بمبدأ "ولاية الفقيه".

الفصل الثاني: استقرأ التاريخ الحديث للدّولة في لبنان، ومدى انتظام نشأتها، وعلاقتها بالجماعات التاريخيّة، المشكّلة للشعب اللبنانيّ.

الفصل الثالث: عالج إشكاليّة العلاقة وصولاً إلى نشأة حزب الله ورؤيته لدولة ما قبل -الطائف- وبعده.

وعالج الفصلان الرابع والخامس أداء الدولة نفسها في محطات تاريخيّة كثيرة، وعلاقة حزب الله بسُلُطاتها المتعاقبة.

الفصل السادس: تناول حرب تموز العام 2006م.

الفصل الأخير اهتمّ بمعالجة المرحلة التي تلت الحرب، وخاصّة بعد اندلاع الأزمة في سوريا ودور حزب الله فيها.

- إلى أيّ درجة كانت الموضوعيّة حاضرة في الكتاب؟ فهل تحدّثتم مثلاً عن إخفاقات سابقة في العلاقة مع الدولة؟
لا بدّ من التفريق بين الحياديّة والموضوعيّة، الحياد ينبع من فكرة اللاموقف، أمّا الموضوعيّة فهي تقديم المعطيات ومعالجتها بأسلوب علميّ. وقد حاولت، بقدر كبير، أن أكون موضوعيّاً في تقديم الرؤية وعرض المسار، حتّى حين معالجة خطاب حزب الله وتطوّره، وعلاقته بالكثير من الأحداث محلّ البحث.

- إلى أيّ حدّ استفاد حزب الله من تاريخ الشيعة مع الدولة في تطوير تجربته؟
لا شكّ في أنّ التجارب التاريخيّة تغني رؤية ومسار أيّ جماعة لها جذورها وانتماؤها إلى بيئة تاريخيّة. لقد كانت تجربة الإمام السيّد موسى الصدر والعلماء الذين قادوا الحراك الفكريّ والاجتماعيّ حاضرة في تطوّر النشاط السياسيّ والثقافيّ الذي أوصل إلى نشأة حزب الله. لكنّ الحزب بحدّ ذاته هو تجربة خاصّة تختلف عن سواها من التجارب التاريخية، فهو امتداد لبيئة وثقافة دينيّة، ولتراث غنيّ. لكنّه، في الوقت ذاته، نشأ نتيجة ظروف وعوامل انصهرت في مرحلة تاريخيّة، فكان مقاومة ضدّ الاحتلال، وصار مع الوقت حزباً سياسيّاً، فاعلاً في لبنان والمنطقة.

- ذكرتم إيمان حزب الله بولاية الفقيه، ألا يعني هذا تعارضاً بين الانتماء إلى وطن ودولة واتّباع تعاليم خارجية؟
لقد أفردنا، في صفحات الكتاب، بحثاً خاصّاً بهذه المسألة يتناول بشكل أساس مبدأ ولاية الفقيه وانعكاسه على سلوك الأفراد، ولا سيّما في شؤون الحياة العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفي ظلّ دولة غير إسلامية، كما يسلّط الضوء على مرونة ولاية الفقيه وفقاً لضوابط عامّة، وتفاصيل تلائم أنظمة وأنماط المجتمعات.

وفيما يخصّ تجربة حزب الله بشكل خاص، فإنّ الإيمان بولاية الفقيه والتمسّك بها قد قاد حزب الله إلى التعايش مع الآخر، في المجتمع اللبنانيّ، وإلى الإيمان بفكر الدولة، والالتزام بقوانينها، وضرورة الحفاظ على النظام. تماماً، كما قاده هذا الإيمان إلى ثغور المقاومة، لمقاومة المحتلّ وتحرير الأرض والدفاع عنها.

إنّ التوجيهات التي كان يعطيها الوليّ الفقيه من خلال فتاويه الدينية ومواقفه وإرشاداته هي التي جعلت حزب الله قادراً على العيش في دولة متنوّعة متعدّدة الطوائف، متقبّلاً للصيغة العامّة لهذه الدولة.

- كيف ترجم حزب الله التزامه بولاية الفقيه وتعايشه مع المجتمع والدولة؟
ينبع إيمان حزب الله بالوطن والدولة، من فهم معنى التكليف لدى الأفراد، وهذا التكليف يحدّده المرجع الصالح؛ أي الفقيه العادل، ومن خلاله يتمّ الالتزام بالتوجيهات والإرشادات.
وفي مراجعة لفتاوى الوليّ الفقيه نجد أن احترام نظام الدولة العام الذي يعود بالنفع على المجتمع دون أن يمسّ بعقائد الأفراد وشعائرهم الدينيّة -حتّى لو لم يكن إسلاميّاً- واجب شرعاً. وبالتالي، التزام حزب الله بولاية الفقيه جعله مُلزماً بالحفاظ على النظام العام. وقد ترجم هذا الالتزام سلوكاً وفي حملات متكرّرة مثل حملة "النظام من الإيمان" التي شارك فيها سماحة السيد حسن نصر الله (حفظه الله).

- نلاحظ أنّ الكتاب يتناول الكثير من الأحداث والوقائع التاريخية في الفصول اللاحقة، ولا سيّما عند الحديث عن نشأة الدولة ونشأة المقاومة ومسيرة التصادم والتلاقي بينهما، فهل يمكننا القول إنّه كتاب تاريخيّ، توثيقيّ، أم إنّه كتاب تحليليّ فكريّ؟
يتّبع الكتاب منهجية البحث العلميّ في طرح الإشكاليات، من خلال العودة إلى المصادر في تحليل الوقائع والخروج باستنتاجات.
الهدف هو تبيان بعض الأحداث والوقائع. والوقائع ليست للتوثيق بقدر ما هي للاستدلال على الفكرة الرئيسة للكتاب وتأكيدها وتبيانها حتّى لا يبقى الكلام مجرّد نظريات. ويمكن القول، إنّه كتاب يمزج بين النظريّة والتطبيقات العمليّة.

-هل يتناول الكتاب معلومات جديدة من مصادر خاصّة، ولا سيّما أنّكم أحد نوّاب حزب الله؟
حاولتُ قدر الإمكان أن أعود إلى المصادر الأساس حسب المراحل التي أعالجها، ولئن كان بعض هذه المصادر مدوّناً، كتلك التي تتناول نشأة الكيان والدولة في لبنان، أو كتلك التي سبق وكتبتها عن تاريخ حزب الله وأدواره في ميداني المقاومة والسياسة، فإنّ بعضها الآخر لا يزال غير متداول، وليس في متناول الجميع، ومنه محاضر الجلسات التأسيسيّة لحزب الله، ومداولات اللقاءات والاجتماعات خلال حُقَب زمنية متنوّعة. ومنها ما اطّلعت عليه بحكم عملي في الميدانين الإعلاميّ والسياسيّ، وكنائب في مجلس النوّاب اللبناني. ومنها ما عُدت فيه إلى المستندات والوثائق والرسائل واللقاءات، كما هي الحال في الفصل الذي يتناول حرب تموز 2006م، ومن بينها محاضر جلسات مجلس الوزراء فضلاً عن المعايشة المباشرة لأيّام الحرب ولياليها.

- ختاماً، ما هي الرّسالة التي أردتم إيصالها من خلال هذا الكتاب؟
آمل أن يكون هذا الكتاب مساهمة مفيدة لتبيان بعض الحقائق وأن يلبّي حاجة الأجيال القادمة في تبيان رؤية حزب الله والإجابة عن التساؤلات التي تُطرح حول موقفه من الدولة، وعلاقته بها في وطن متنوّع.


(*) يقع الكتاب في 237 صفحة من الحجم الكبير، وكان الكتاب الأكثر مبيعاً في معرض الكتاب العربي للعام 2014م.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع