نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع الإمام الخامنئي: الحج.. لنعبدَ الله معاً (*)


إنّ مسألة الحجّ هي مسألة مهمّة؛ فبالإضافة إلى ما يحتويه من المعنويّات والآثار البنّاءة، فإنّ هذا السفر المعنويّ، بحدّ ذاته، هو فرصة كبرى في الحياة. وإنّ أيّ شعب، يثبت وعيه وفطنته من خلال الاستفادة بشكل كامل من الفرص واغتنامها بأفضل ما يكون.

*مقام الأنس بالله
الحجّ هو فرصة بالغة الأهميّة، ويجب على المجتمع الإسلاميّ والشعب المسلم أن يغتنمها لأجل إصلاح أموره الدينيّة والمعنويّة، ولإنارة قلوبنا الغافلة والالتفات أكثر إلى الألطاف الإلهيّة. يجب الاستفادة من معنويّات الحجّ؛ فهو مقام أنس بالله تعالى. فذكر الله تعالى، وإحساس الحضور في المحضر الإلهيّ، كلّها أمور تتوفّر في أيام ومناسبة الحجّ أكثر من أيّ وقت آخر: في الحرمين الشريفين، في مِنَى، في عرفات والمشعر، في نداء "لبّيك اللّهم لبّيك"، في الإحرام، وفي شعور الإنسان أنّه يلبّي الدعوة الإلهيّة ويستجيب لها، كلّ هذا بحدّ ذاته فرصة عظيمة كي تقوّي القلوب الواعية والذكيّة علاقتها بالله تعالى، ولنعرّف قلوبنا أكثر إلى الله.

*كونوا مؤثّرين
عل المسؤولين أن يشعروا بالمسؤوليّة في تلبية الحاجات الماديّة للحجّاج والزوّار المحترمين، والأهمّ منها تلبية الحاجات المعنويّة، وذلك من خلال نفخ روح الخشوع وروح التضرّع والإعراض عن الملاهي، حيث إنّنا في الأيام العاديّة مبتلون بملاهٍ تجعلنا غافلين. يجب أن نتجنّب هذه الملاهي في أيام الحجّ ونبتعد عنها، وأن يكون همّنا في أيام الحجّ التوجّه والتقرّب إلى الله. وبهذا الشكل يمكن للحاجّ أن يستشعر في نفسه تغيّراً حقيقيّاً بعد سفر الحجّ. فالكثير من الحجّاج، ببركة سفر الحجّ، يغيّرون أسلوب حياتهم الخاطئ السابق بشكل كلّي ويرجعون إلى الطريق الصحيح، طريق الاستقامة والعبادة والطاعة للحقّ.

* المستقبل منير ومشرق
كذلك في مجال القضايا العامّة للعالم الإسلاميّ والأمّة الإسلاميّة، توجد واجبات ووظائف ثقيلة. يمرّ العالم الإسلامي اليوم بمرحلة خطيرة. لا يمكن القول إنّه زمن أصعب من الأزمنة السابقة، الأمر ليس بهذا الشكل. في الأزمنة السابقة، شهد العالم الإسلاميّ وشعوبه المسلمة أحداثاً ووقائع صعبة، وخاض امتحانات قاسية، وتعرّض لمشاكل متعدّدة. العالم الإسلاميّ اليوم في وضع خطير، ولكن الغد سيشهد مستقبلاً منيراً مشرقاً، ويشاهَد ذلك من بين أمواج البلاءات. يجب رؤية هذا المستقبل، ويجب حساب الأخطار وتحليلها ومقارنتها، وإلى الحدّ الممكن الذي تستطيعونه.

فليسعَ المبلّغ، والناشط، والناطق باللغات الأخرى، الحاج العادي، فليسعَ الجميع أن يكونوا مؤثّرين في رفع مشاكل العالم الإسلامي؛ من خلال الحوار وإقامة اللقاءات وتبادل الآراء وتبادل المعلومات.

*اعملوا على إنقاص الخلافات والأحقاد
إنّ من أهمّ أساليب ومكائد أعداء الأمّة الإسلاميّة اليوم إيجاد الاختلاف والتفرقة بين المسلمين. إذا وافق الإنسان على أنّ الحركة الإسلاميّة والصحوة الإسلاميّة تمثّل تهديداً للقوى الكبرى، فإنّه سيدرك بشكل طبيعيّ وبديهيّ أنّ القوى الكبرى تركّز كل جهودها لتفرّق بين المسلمين وتزرع بينهم الشقاق والاختلاف، كي تشغلهم ببعضهم البعض وتسلبهم فرصة التفكير.

اعملوا وحاولوا في الحجّ، بمقدار استطاعتكم، أنْ تحدّوا من سوء التفاهم ومن هذه الأحقاد الاصطناعيّة التي يبثّها أعداء الإسلام والأمّة الإسلاميّة داخل الأمّة. قلّلوا من هذا الجوّ. إنّ المصلحة الكبرى للعالم الإسلاميّ اليوم، هي في أن يسود الصفاء والمودّة في قلوب الأخوة المسلمين. المسلمون لديهم مشتركات، ويريد العدوّ أن يزيل هذه المشتركات، وأن يقضي عليها. اعملوا قدر استطاعتكم كي تبطلوا ما يروّج له الأعداء من عدم التفاهم وعدم الانسجام وسوء الظنّ وهذه الأكاذيب.

* قادرون على التأثير
نحن لا نريد السيطرة على العالم، إنّما نريد رفع الظلم ونحن قادرون على أن نقوم بهذا العمل. كلّ الحجّاج، فرداً فرداً، معنيّون في اغتنام هذه الفرصة الكبرى. ويمكن لكلّ منهم أن يقوم بدور مهمّ. كلّ منكم يمكنه أن يؤدّي دوراً. أنتم قادرون على التأثير؛ عالم الدين يؤثّر بشكل والطبيب بشكل آخر، وكذلك مدير الحملة والحاجّ العاديّ، لكلٍّ منهم دوره وتأثيره.

إنّ اجتماع المسلمين في الحجّ هو فرصة كبرى. ينبغي عدم إضاعة هذه الفرصة، بل اغتنامها بأحسن ما يكون، من خلال تأليف قلوب المسلمين وتقوية محبّتهم لبعضهم بعضاً؛ في اللقاءات: فليشارك الجميع معاً، وفي المراسم العباديّة والصلاة: ليتشارك الجميع؛ فليسجدوا معاً لله تعالى وليعبدوا الله في مقابل بيت الله، ولينزعوا هذا السلاح من يد العدوّ.


(*) من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء مسؤولي ومشرفي الحجّ - الحادي عشر من ذي القعدة - ذكرى ولادة الإمام الرضا عليه السلام 7/9/2014.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع