أكد ولي أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله أهمية مهمة التبليغ والدعوة إلى الدين، وأوضح في كلمة ألقاها الأساليب الصحيحة لهذه العملية، ودورها المؤثر في هداية المجتمعات البشرية، وضرورة أن يأخذ الدعاة والمبلغون بنظر الاعتبار مستلزمات واحتياجات عصرنا الراهن على مستوى البلد والعالم الإسلامي. وهنا نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
إن التبليغ والدعوة إلى الدين لا يقتصران على شهر رمضان، ولكن شهر رمضان هو شهر البركة وشهر الرحمة، والتبليغ هو إحدى البركات الإلهية، وإذا استطاع بعض الأشخاص أن يدعو في هذا الشهر إلى دين الله، وإلى الطريق الصحيح لحياة المجتمع، فإنه من المتيقن أن ذلك سيُعتبر من البركات الإلهية لهذا الشهر، ولذلك فإن من المناسب حقاً في شهر رمضان وبعض المناسبات الأخرى أن يولي المسؤولون في مجال التبليغ والمتصدّون له في كل مكان وخصوصاً في الحوزات العلمية، الاهتمام الخاص بهذه السنّة العريقة في المجتمع الشيعي.
وعلينا أن نقول قبل كل شيء في هذا المجال، أن هناك فرقاً أساسياً بين الشيعة وعلماء الشيعة وغيرهم، فالدعوة إلى الدين بواسطة العلماء ليست وظيفة حكومية مقرّرة، وليست مهمة رسمية جافة، ففيها تؤثر الدوافع الشخصية ومن جملتها الدوافع المعنوية والإلهية وكذلك الأذواق، وهذه الظاهرة تعدّ من جهة نقطة في سائر الأديان ومظاهر التبليغ.
ولكن جوهر الأمر بيننا نحن علماء الشيعة يعتبر جوهراً خاصاً، فالشعور بالواجب الإلهي هو الذي يدفع أكثر إلى مبادرتنا لأداء مهمة التبليغ، وبالطبع فإن هذا لا يعني أن الدوافع المادية لا وجود لها، أو أن الوظيفة الإلهية تتنافى- مثلاً- مع بعض الدوافع المادية. إن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى المبلّغ، فمبادرة عالم دين إلى القيام بمهمة التبليغ سوف تفتح المجال أمامه، فإن كان من أهل الإخلاص والتقرب إلى الله، والاهتمام بالثمار المعنوية للتبليغ وما إلى ذلك فإن مجال العمل سوف ينفتح أمامه، وهذا أمر مهم وفرصة تستحق الاهتمام، وهي تحت تصرفنا.
وعلى أي حال، فإن هذه السنّة تمتد إلى ألف عام، وإذا ما تأملنا أوضاع حوزة من الحوزات العلمية والأوساط العلمية الشيعية قبل تلك السنوات الألف، فإننا سوف نرى ظاهرة التبليغ محطّ اهتمام النخبة من علماء الشيعة، ولكننا نستطيع أن نذكر بالاسم والمواصفات ما هو واضح ومدوّن، ففي خلال هذه الفترة ظهرت الحوزات العلمية، ففي عصر السيد المرتضى رضي الله عنه، والشيخ الطوسي (رحمه الله تعالى) كان هناك فقهاء وعلماء كبار يتوجّهون من حوزات بغداد آنذاك، ومن حوزة النجف في ما بعد إلى المناطق الإسلامية المختلفة، وكانوا يسكنون هذه المناطق من أجل التبليغ وبيان الأحكام. وفي الحقيقة فإن منطقة حلب والشام، والعلماء الكبار الموجودين هناك، كل ذلك هو من بركات تلك البعثات التبليغية التي كان أولئك العظام يرسلونها من النجف وبغداد، وبذلك المستوى الرفيع من المجتهدين الكبار الذين ما زالت آثارهم ومؤلفاتهم العلمية متداولة.
وبالطبع فإن الشيعة وعلماءهم اجتازوا خلال ذلك العصر فترات مختلفة من مثل فترة التقية العسيرة، والاضطهاد الذي تعرضوا له من قبل الحكام الظلمة آنذاك، فقد حصل في فترة من الفترات أنهم إذا ظفروا بالدعاة والمبلغين الشيعة في مجتمع ذلك العصر، بل وفي مدن بلادنا الحالية نفسها، فإنهم كانوا يُعِدون لهم أقسى العقوبات. لقد كان الوضع على هذه الشاكلة، ولكن التبليغ لم يتوقف على الرغم من جميع الضغوط التي كانت تمارس ضده، وإذا ما راجع الإخوة الأعزاء التاريخ فإن مراجعتهم هذه ضرورية جداً لفهم الظروف الحالية، كما أنها تساعدنا على أن ندرك المرحلة التي وصل إليها اليوم الدعاة إلى الإسلام، والظروف التي يعيشونها.
لقد كانت توجه أقسى العقوبات إلى المبلغين، وخصوصاً أولئك المبلغين المهاجرين الذين كانوا يشدّون الرحال إلى المدن المختلفة من أجل القيام بعملية التبليغ وبيان الأحكام الإلهية والفقهية في المذهب الجعفري، وحقائق القرآن من خلال أساليب التقية التي كانوا يتبعونها، ومع ذلك فإن مسيرة التبليغ لم تتوقف ولم تنقطع. وأنا إنما أريد أن أتحدث عن ذلك بهدف أن يأخذ بنظر الاعتبار العلماء المشغولون بتلقي علوم الدين والحقائق الدينية، وفضلاء الحوزة والعلماء في الأقضية أن التبليغ يمثل الواجب الأول لعالم الدين، فالتبليغ هو هدف العلوم الدينية. صحيح أن تربية العالم وتربية المبلغ بحاجة إلى علماء كبار ومتخصّصين عليهم أن يجلسوا في موقع ما لكي يتوجه إليهم التلاميذ وفضلاء الطلاب وينتفعوا منهم، فليس من المتوقع أن يتعاملوا ويواجهوا بشكل مباشر عامة الناس والطبقات المختلفة، فعملهم هو- في الحقيقة- تربية المبلغين، وتربية العلماء والاختصاصيين، كل ذلك صحيح في موضعه، ولكن عندما ينظر الإنسان نظرة عامة إلى علماء الدين فإنه سيكتشف أن عدد المتخصصين في التربية قليل جداً، وأنهم لا يشكلون سوى عدد ضئيل.
إن أساس العمل بين علماء الشيعة عبارة عن التبليغ الديني، وإيصال الحقائق الدينية، وبالطبع فإن هذا العمل تتقاسمه مستويات مختلفة، فهناك مستوى عامة الناس، وهناك مستوى يتمثل في الأشخاص الذين يتمتعون بالمعرفة والوعي إلى حد ما، وهناك مستوى آخر هو مستوى المتميزين والزبدة في المجتمع، وهناك أشخاص قد لا يمتلكون وعياً ومعرفة في الدين، ولكنهم يعتبرون أشخاصاً بارزين في الفروع العلمية الأخرى أو فنون الحياة المختلفة، ويتمتعون بذهن متوقد وحس مرهف وتجربة، ووعي ومعرفة، وهم يعتبرون بطبيعة الحال جزءاً من الذين يخاطبهم مبلغو الدين، هؤلاء يحتاجون أيضاً إلى أن يُبيّن الدين لهم، وهذا هو أيضاً مستوى آخر.
وبناءً على ذلك، فمن خلال نظرة عامة نرى أن مبلغ الدين يواجه طبقات وشرائح مختلفة، فهو لا يتعامل مع الطبقة العامة المحضة فحسب، بل أنه يتعامل إلى حد ما أو إلى حدّ كبير مع الأشخاص الذين يتمتعون بالمعرفة والعلم والتجارب، وهذا موضوع يستحق الاهتمام، وهو أساس في اتخاذ القرار بهذا الشأن.
الملاحظة المهمة الثانية هي أن العالم هو الذي اختير لتبليغ الدين، وقد أشرنا سابقاً إلى أن تبليغ الدين هو من ضمن واجبات علماء الدين، وإلا لكان من الجائز أن نقول أن عملية التبليغ للدين من الممكن أن تقع على عاتق الأشخاص من غير العلماء، في حين أن الأمر على العكس من ذلك، فالتبليغ هو من اختصاص العلماء، فالأشخاص الذين يريدون أن يؤدوا مسؤولية الدعوة إلى الدين عليهم أن يتمتعوا بالنصيب الذي يحتاجون إليه في عملية التبليغ. فما معنى ذلك؟ إن ذلك يعني أن على مبلغ الدين أن يشمّر عن ساعد الجد من أجل أن يرفع الأشخاص الذين يخاطبهم من المستوى الذي يراهم عليه، وأن لا يتوقف عند نقطة معينة، ولا يُبقي مستمعيه عند مستوى واحد، فأساس عملية التبليغ هو دفع المخاطبين إلى الأمام، علينا أن نزوّدهم بالوعي، ونطورهم وننمّيهم فكرياً.
إذاً هذه هي الملاحظة الثانية، وهي أنه لا يكفي أن نمتلك مستمعين في عملية التبليغ وأن نبقيهم على مستوى محدود من المعلومات، كلا، بل علينا أن نقودهم باتجاه علم الدين، والوعي الديني، والتقرب إلى الخالق، وباتجاه الكمالات النفسية، حالهم في ذلك حال التلميذ الذي يتعهده الإنسان يوماً بعد يوم بالتربية، ويأخذ بيده إلى الأمام، وهذا هو واجب المبلغ.
الملاحظة الثالثة تتمثل في ما قيل مرات عديدة، وما قاله علماؤنا وما استند إليه الإمام رضي الله عنه مراراً، كلنا ذكّرنا بهذه الملاحظة وأنا نفسي محتاج إلى فهم هذا الموضوع، وهو أن مبلغ الدين ومبيّن المعارف الدينية عليه أن لا يكتفي بالكلام، بل أن عمله أيضاً يجب أن يشير إلى ذلك، فعمله يجب أن يثبت للمخاطب إيمانه وإخلاصه وخلوص نيته في إيضاح هذه الحقيقة، وما نراه من مسارعة أفراد الشعب في أداء أي عمل يكون علماء الدين سبّاقين إليه دليل على ذلك، فيجتمعون وينفذون سواء في الجبهات أو في القضايا السياسية، علماً أن الثورة هي كذلك عادة. فإن سبب ذلك أن هذا العمل استطاع بفضل الجهود التي بذلها الأخيار والصلحاء من قبلنا أن يوجّه ويجذب إيمان الشعب إلى الله، ولذلك فإن الشعب يمتلك الإيمان، وهذا بفضل إخلاصهم، إخلاص علمائنا وعظمائنا السابقين.
علينا أن نشعر بذلك، أنه رأس مال نفيس، وعندما يجسد علماء الدين مثل هذا الإيمان ومثل هذا الإخلاص في أنفسهم وبين أوساط الشعب ويثبتونهما له، فإنهم يسهّلون بذلك عملية هدايته، فيجد الطريق إلى الله، وما أعظم الأجر والثواب اللذان ينتظران الشخص الذي يستطيع أن يهدي الناس إلى صراط الله، وهذا يتوقف على العمل، وعلى الصدق في الحديث، كما هي الحال بالنسبة إلى التأثير الخارجي، فعندما يكون الإنسان صادقاً فسيُبارك له في كلامه وعمله وطريقه في عالم الواقع والخارج.
إن صدق شعب وأمة ومجتمع من شأنه أن ينصرها في الميادين المختلفة، وقد كان إمامنا العظيم صادقاً في طريقه، ولذلك استطاع أن يجذب إيمان الشعب، كما أن الشعب كان بدوره صادقاً بحيث تمكّن من إيصال هذه النهضة إلى هذا المستوى، وإلا فإن هذه النهضة كانت ستواجه الفشل لو لم يكن ذلك الصدق والإخلاص والإيمان. وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: "فلمّا رأى الله صدقنا أنزل بعدوّنا الكبت وأنزل علينا النصر"، لقد كانت الحال كذلك في صدر الإسلام، فالصدق واجب، وهو يعني أن يُؤيّد كلام المبلغ بواسطة عمله وسلوكه، ونحن إذا دعونا الشعب إلى الإعراض عن زخارف الدنيا، فمن المفترض أن يُرى هذا المعنى في سلوكنا، وإذا دعونا الشعب إلى أن يبذل الجهود الخالصة التي لا يتوقع منها أجراً ومنةً في المواضع التي يحتاج إليها النظام، فإن علينا أيضاً عندما نشعر أن النظام الإسلامي والبلد الإسلامي بحاجة إلى مساعينا، أي حاجة كانت، وبأي مقدار كان، فإن علينا أن نبادر دون تلكؤ إلى بذلها دون أن نمنّ على أحد.
وبعد، فهذه هي الأمور المهمة التي تؤثر على عملية التبليغ، وهناك ملاحظة أخرى أودّ أن أبيّنها في ما يتعلق بالتبليغ، وقد أوضحتها للفضلاء والنخبة في قم، وسأوضحها لكم خلال حديثي.
إن العصر الحاضر- يا أعزائي- هو عصر حكم الإسلام، عصر حاكمية الإسلام، وليس مقبولاً منا اليوم أي عذر، فإن كان عملنا متعثراً في موضع ما إننا كنا نعتذر في عهد الطاغوت بأننا لا نمتلك الوسائل والأدوات لأداء عملنا، أما اليوم فإن علماء الدين لا يمكنهم أن يقولوا ذلك، فإذا لم يؤد اليوم وسطنا العلمي والديني، أي هذا الوسط العلمائي، عمله حق أدائه في ما يتعلق بمقتضيات العصر وحاجة البلد والمجتمع والعالم الإسلامي، فإنه لا يمتلك عذراً أمام الله، كما أننا لا نمتلك عذراً أيضاً امام التاريخ، والأجيال القادمة سوف تضع علينا علامات استفهام جدية.
ولذلك فإن علينا أن ننتبه إلى هذه الأمور، علينا أن نُقدم، وبالطبع فإن كل شخص من الأشخاص قد لا يستطيع الإقدام، ولكن عندما يريد المجموع، فإن ذلك سيكون ممكناً، بل إن من المستحيل أن لا يكون، فالمهم أن يريد الجميع.
أما بالنسبة إلى الملاحظة التي ذكرت بها في قم، وسأفصّلها لكم، فتتمثل في أن التبليغ فنّ بحاجة إلى تعلم وتلقٍّ، وبحاجة إلى أن تبيّن ضروراته ومستلزماته للمبلغين بشكل متواصل وبتجدّد مستمر، وهذه هي الأشياء الضرورية، فالأوساط التبليغية يجب أن تكون قادرة على أداء عملها بشكل صحيح، ومن الواجب تعلم فن التبليغ، ومن الواجب أن يتعلم بعض الأشخاص هذا الفن ويعلموه، ويوصلوه إلى حد الكمال، وكما قلنا سابقاً فإن الإمكانيات يجب أن تكون تحت تصرفه يوماً بيوم.
إضافة إلى ذلك، ماذا يجب علينا أن نقول للناس اليوم، وما هو الموضوع الذي يتمتع بالأولوية؟ هناك بعض القضايا عامة- افترضوا مثلاً- بعض المسائل الدينية التي يجب أن يُتحدث عنها على صعيد عامة الشعب كالأخلاقيات والمعارف الدينية، فالجميع يحتاجون إليها، وكبعض المعلومات السياسية التي يحتاج إليها الجميع مثل القضايا المتعلقة بالنظام والقضايا الموسمية علماً أن موسم الانتخابات قريب، وفي هذا المجال على المبلغ- أينما ذهب- أن يوضح للشعب أهمية الانتخابات، وهذا واجب يتعلق بجميع أنحاء البلاد، ولا يقتصر على فئة معيّنة أو مكان معيّن، إلا أن هناك بعض الموضوعات يختص ببعض الفئات، مثل الأوساط المثقفة والوسط الطالبي والجامعي، فهناك أشياء معينة تحتاج إليها هذه الأوساط، ومن الممكن ان لا تكون هناك حاجة إلى هذه الأشياء في أماكن أخرى، وكل ذلك من الواجب أن يُبيّن.
وبناءً على ذلك، فإنه من الضروري أن يكون هناك مركز لتعليم التبليغ، والحوزة نفسها يجب أن تقوم بهذه المهمة، فالآخرون لا يستطيعون القيام بها، وهناك بعض الأوساط لا تؤمن على أدائها، فهذه المهمة هي مهمة الحوزة، وليس من المهم في هذا المجال أن تكون حوزة قم أو أي حوزة أخرى.
والنقطة الثانية هي تعيين الموضوعات العامة وتبيينها على مستوى عام، كأن يجتمع فريق من الفضلاء والعلماء الكبار ليعيّنوا ويحدّدوا المواضيع المهمة، علماً أننا لا نقصد من ذلك أن يُعد شخص ما كتاباً، بل أن يضعها تحت تصرف المخاطبين، وعلماً أن بعضاً من معلومات السادة قديمة لا منسوخة، إنها معلومات تعتبر جديدة بالنسبة إلى بعض الأوساط الدينية الخاصة، واليوم فإن هذه المعلومات والأحاديث لا تعتبر جديدة، فعلى المبلغين أن يبحثوا عن المعلومات التي لا يعرفونها أن يبينوها، وبالطبع فإن تكرار ما يعرفونه قد يكون ضرورياً في بعض الحالات، فهناك أشياء يجب أن تتكرر، وهناك أشياء يكون تكرارها مملاً، وبناءً على ذلك فإن الموضوع المهم بالنسبة إلى المبلغ هو تعيين المستوى اللازم للمعلومات.
لاحظوا- مثلاً- المادة الدينية التي تدرس في المدارس والجامعات؛ ما هي المفاهيم التي تبينها؟ عندما يتعامل مع مبلغ الدين مثل هؤلاء المستمعين، فليس من الصحيح أن يهبط مستوى موضوعه الديني عن مستوى تلك المادة التي تدرّس لهم، بل يجب أن يكون أفضل منه وأكثر تميّزاً لكي يستطيع أن يهديهم ويجعلهم يتقدمون إلى الأمام، وهذه هي إحدى الحاجات.
أعزائي، إن هذه الحقيقة الساطعة تحت تصرفكم، وطبيعي أنها سوف تضيء على الأقل أجواء العالم الإسلامي، وهذا هو الحدّ الأدنى من القضية، وليس بإمكان العدو أن يقوم بأي عمل، فعندما لا يكون هناك فراغ، وعندما تقدم الإجابة الفكرية بالشكل المناسب، وعندما تحل المعضلات الفكرية للمخاطبين بالشكل المناسب، وعندما تحل المعضلات الفكرية للمخاطبين بحكمة، فما هو الذي يستطيع أن يقوم به العدو؟! وما هو الأثر الذي سيتركه تبليغ ودعاية هذا العدو؟!
وعلى العكس من ذلك، فعندما يكون هناك فراغ فإن العدو يستطيع أن يفعل كل شيء، بل أنه سيستطيع أن ينفذ إلى عقر دارنا، يستطيع أن يخطف منّا شبابنا، ثم يكون من الواجب علينا بعد ذلك أن نلحق به، فعلينا أن لا نسمح بحدوث مثل هذا الوضع.
وعلى هذا، فإذا ما استثنينا الموضوعات التي نوضحها ونبيّنها عادة لهذه الأوساط، فإنني أؤكد أن وسطنا التبليغي يجب أن ينظر إلى عملية التبليغ على أنها عمل رئيسي، ومن المستلزمات الأكيدة للعلم، علم الدين، فالواجب الأول لوسطنا العلمي والديني، أي علماء الدين، هو التبليغ، فالتبليغ ليس واجباً من الدرجة الثانية، ولا يقتصر على فئة خاصة من علماء الدين، بل أنه يمتلك شروطاً ومستلزمات وحاجات، وهو بحاجة إلى مساعٍ، فيجب على المبلغين والدعاة أن يشمّروا عن ساعد الجد، وعلى الأشخاص المتخصصين في هذا العمل أن يقوموا بهذه الحركة وأن يدعموها ويؤيدوها، والله بدوره سوف يُعينهم ويجعلهم- بإذنه تعالى- موضعاً للاهتمام والعناية الخاصة لبقية الله الأعظم (أرواحنا فداه).
أرجو من الله تعالى أن يخصكم بذلك ويؤيدكم ويوفقكم لأداء هذا الواجب المهم المتمثل في التبليغ على أحسن وجه قولاً وعملاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته