لما كانت الفتاوى الفقهية لدى الفقهاء، مجهولة المدارك والاستدلالات بالنسبة للعوام، كان لا بد من طريقة نحاول من خلالها فهم روح الأحكام الشرعية ومبانيها الفقهية. لذلك، كانت هذه المحاولة المتواضعة والتي نسأل اللَّه عز وجل لها التوفيق، ولنا القبول.
● إلى كم قسم تنقسم الأحكام الشرعية؟
الأحكام الشرعية على خمسة أقسام: وجوب، حرمة، استحباب، كراهة، إباحة.
● على أي أساس يكون الشيء محرماً أو واجباً أو مكروهاً أو مستحباً أو مباحاً؟
يتصف الشيء بالوجوب إلى الحرمة أو غيرهما من الأحكام على أساس اشتماله على المصلحة أو المفسدة أو خلوه منهما.
● هل هذا يعني أن الشيء متى ما اشتمل على المصلحة كان واجباً أو على المفسدة كان محرماً وهكذا؟
لا ليس صرف وجود مفسدة أو مصلحة في الشيء تجعله محرماً أو واجباً بل الذي يجعله محرماً أو واجباً كونه مشتملاً على المفسدة أو المصلحة الغالبة - الملزمة - أما مع فرض كونهما ضعيفتين فالشيء يكون مستحباً أو مكروهاً، وعلى فرض خلوه منهما يكون مباحاً، مثلاً الجهاد في سبيل اللَّه واجب لأن فيه مصلحة قوية والزنا حرام لأن فيه مفسدة شديدة والصدقة مستحبة لأن فيها مصلحة غير قوية وأكل لحم الحمير مكروه لأن فيه مفسده ضعيفة والتنزه مباح لأنه خال عن المصلحة والمفسدة في نفسه.
● يفهم من هذا أن الشيء الواجب قد يكون فيه مفسدة ضعيفة وأن الشيء المحرم قد يكون فيه مصلحة ضعيفة؟
طبعاً قد يكون ذلك وخير شاهد عليه ما في قوله تعالى عن الخمر والميسر ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيم﴾ُ (البقرة: 219)، وفي هذا دلالة واضحة على أن الخمر والميسر فيهما منفعة لكنها ضئيلة والضرر فيهما أكبر بكثير.
* فتاوى الإمام الراحل
س: امرأة لا تهتم بالمسائل الشرعية كالصلاة والمسائل الأخرى ولم تقم لصلاة الصبح في أي يوم، ما هو تكليف زوجها شرعاً؟
ج: يجب أن يأمرها بالمعروف ويحملها على الصلاة (الإمام الخميني قده).
س: ما هو حكم المعاشرة مع الأشخاص الذين يرتكبون حراماً مثل شرب الخمور؟
ج: انهوهم عن المنكر مع رعاية الشروط المقررة، وترك المعاشرة إحدى درجات النهي عن المنكر (الإمام الخميني قده).
فتحريمهما تم على أساس الغالب من المفسدة والمصلحة.
● إذاً ما دامت الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد فلماذا نجد شيئاً واجباً في الأساس يصير محرماً في بعض الحالات أو محرماً يصير واجباً أيضاً؟
عندما يقال أن الحكم الشرعي يتبع المصلحة أو المفسدة فأن هذا لا يعني عدم زوال إحداهما في بعض الحالات فمثلاً الصوم فيه مصلحة غالبة ولذا جعله المولى تعالى واجباً ولكن عندما يكون فيه ضرر على الصائم كما لو كان مريضاً فأن المفسدة تكون هي الغالبة في هذه الحال ولذا يكون الصوم محرماً فهنا نجد أن المصلحة التي كانت موجودة في الصيام ذهبت وحلت المفسدة محلها وهذا ما أدى إلى تبدل الحكم الشرعي.
● إذاً نستطيع القول أن الأحكام الشرعية غير ثابتة؟
لا هذا ليس صحيحاً فأن الأحكام الشرعية من جهة مبادئها المصالح والمفاسد ثابتة، ولو لوحظ تبدل في الحكم الشرعي فإنما هو لأمور أخرى كمزاحمة المصلحة بأهم منها أو حلول المفسدة محلها مثلاً لو أخذنا الصلاة فهي واجبة في نفسها لكن لو فرضنا أن المصلي لاحظ شخصاً ذا نفس محترمة يغرق وكان قوت الصلاة ضيقاً فلو صلّى لغرق الشخص ولو أنقذه فات وقت الصلاة فما العمل؟
طبعاً المصلحة في إنقاذ الغريق أهم من مصلحة الصلاة ولذا يقدم الإنقاذ على الصلاة وهذا ما يسمى بالمزاحمة.
● لو اكتشف العلم الحديث أن شيئاً ما يضر بالإنسان مثلاً فهل يفيد هذا في إثبات حكم شرعي له باعتبار أن الضرر مفسدة؟
قد يؤدي العلم الحديث بعض الخدمات في هذا المجال لكنها تنحصر في إطار تحديد موضوعات أو عناوين لها أحكام ثابتة في الشريعة الإسلامية.
فلو اثبت العلم أن التدخين يضر بالإنسان وحصل قطع بصحة ما أثبته العلم وكان ذلك الضرر مما يهتم به العقلاء تعين الحكم بحرمة التدخين حينئذ لكن على من يتضرر به لا على مطلق المكلفين.
● هناك بعض الأشياء تم تحريمها في الشريعة الإسلامية وهذا يعني وجود مفسدة فيها مع أن العلم اثبت أن لا مفسدة فيها فكيف نفسر ذلك؟
أولاً: ليست جميع النتائج العلمية ثابتة وصحيحة حتى يتم الاعتماد عليها.
ثانياً: أن العلماء لم يكتشفوا الضرر فيما حرمه اللَّه تعالى لا أنهم اكتشفوا عدم الضرر فيه وواضح الفرق بين الأمرين:
ثالثاً: أن بعض الأمور المحرمة (كالرياء) لا تخضع للتجربة والقوانين العلمية فكيف يمكن القيام بدراستها لتحديد أضرارها.
والحق أنه لا يوجد أي تناف بين التقدم العلمي والدين ولو ادعى أحد المنافاة بينهما فهو واهم وعليه مراجعة حساباته علّ اللَّه يهديه ويرشده إلى الصواب.
● هل يفهم من هذا الكلام أن القوانين الوضعية والتي وضعت لرعاية مصالح الناس غير سليمة وساقطة من الأساس؟
القوانين الوضعية تنطلق على ضوء الرؤية البشرية لظواهر الأمور ومن الطبيعي أن هذه الرؤية مهما بلغت فلن تتجاوز سطح القضية التي يراد وضع مادة قانونية لها وهذا يعني أن المادة القانونية تساوي ظاهر القضية وهو خطأ فادح لأن المادة القانونية لن تكون موضوعة للقضية نفسها كما يدعى وهذا بخلاف الأحكام الشرعية التي تثبت للأشياء على ضوء المصلحة أو المفسدة الواقعيتين هذا من جهة ومن جهة أخرى أين هي المواد القانونية التي ترعى مصالح الفرد بتنظيم سلوكه الشخصي وإرشاده إلى السعادة والحياة الحرة التي تنادي بها القوانين الوضعية. فالأحكام الشرعية الإلهية هي القانون الأوحد الصالح الذي يكون في تطبيقه بناء الأمة على الصعيدين الفردي والجماعي.
* فتاوى الإمام القائد (حفظه اللَّه)
س: هل يجوز الرقص في أفراح الأعراس في وسط النساء فقط؟
ج: لا يجوز الرقص لو كان بشكل يهيج الشهوة أو مستلزماً لارتكاب حرام.
س: ما هو حكم حلق اللحية لو كان إبقاؤها يستدعي الإهانة؟
ج: يحرم على الأحوط إلا إذا كان في تركه حرج عليه.