إذا كان هذا الكون الرحيب، من أقصاه إلى أقصاه، خاضعاً لإرادة اللَّه القدير المتعال ومشيئته وتدبيره، لا يخرج عن ذلك مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك ولا أكبر،﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ ..
وإذا كان اللَّه القدير المتعال قد جعل نظاماً من العلل والمعلولات الحقيقية وسلسلة من الأسباب والمسببات لا تعرف التغير والتبدل تنظم حركة هذا الكون والكائنات الموجودة فيه،﴿ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًاٍ﴾
فأين هو موقع الدعاء؟ وهل يستطيع أن يغير من القضاء والقدر الإلهي شيئاً؟.
عندما يُسأل الإمام المعصوم عن ذلك يجيب: "الدعاء من القضاء والقدر الإلهي". نعم، عزيزي القارئ، فالدعاء مخ العبادة، والعبادة هي التي تقرب العبد إلى اللَّه عز وجل وتجعل منه رجلاً إلهياً خالصاً يصدق فيه: أن اللَّه رجالاً إذا أرادوا أراد. وبهذا المعنى ينكشف لك بعض أسرار الولاية التكوينية للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين عليهم السلام الذين هم أحب الخلق إلى اللَّه وأكرمهم عليه.
عزيزي القارئ
لقد انقضى شهر رمضان ومضت معه ليلة القدر، ولكن بقي لدينا سلاح ماضٍ نافذ في القضاء والقدر ما لم يتقرر واقعاً، ألا وهو الدعاء، فلنتدارك ما سلف من تقصيرنا في ذلك الشهر العظيم، ومن يكثر قرع الباب يفتح له ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون﴾.