آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص مجتمع | "الأمّ بتلمّ" مناسبة | من رُزق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حُبّها

مع الإمام الخامنئي: بهذا انتصر الإمام


نحمد الله تعالى أن منحنا الفرصة والعمر لنستطيع تكريم إمامنا الخميني العزيز، ونعلن عن حبّنا وإخلاصنا له (رضوان الله عليه). مع أنّ ذكرى الإمام الخميني هي حيّة بين أبناء شعبنا دائماً.

*معتقدات ثلاثة
كان إمامنا الخميني الجليل قدس سره يحمل ثلاثة معتقدات منحته الحزم، والحسم، والشجاعة والاستقامة:
1 - الإيمان بالله.
2 - الإيمان بالشعب.
3 - الثقة والإيمان بنفسه.

هذه المعتقدات الثلاثة نفسها تجلّت في وجود الإمام الخميني قدس سره، وقراراته وكلّ تحرّكاته. تحدّث الإمام الخميني قدس سره مع الناس بقلبه، ولبّى الناس نداءه بأرواحهم. نزلوا إلى الساحة، وقفوا وصبروا برجولة. وسارت الحركة التي لم يُنظر لها بحنوّ، ولم تُمدّ لها يد العون من أيّ مكان من العالم، سارت نحو الانتصار تدريجياً إلى أن وصلَت إلى النّصر والظفر في نهاية المطاف.
أريد أن أقف قليلاً عند هذه المعتقدات الثلاثة التي حملها الإمام الخميني قدس سره. هذه أمور وأفكار مهمة، وإذا وجدت مكانها في قلوبنا فستنير طريق حركتنا.

*مؤمناً بالله
كان الإمام الخميني قدس سره في إيمانه بالله مصداقاً لهذه الآية الشريفة:﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ (آل عمران: 173). كان الإمام الخميني يعمل بـ﴿حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل ﴾ من أعماق وجوده وكيانه، ويعتقد بها من صميم روحه. كان يثق بالله سبحانه وتعالى، وعلى يقين من الوعد الإلهي، وقد تحرّك وعمل وتكلّم وبادر لله. وكان يعلم أنّه ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ﴾ (محمد: 7) وعدٌ إلهيّ حتميّ لا يخلُف.

*مؤمناً بالشعب

وفي إطار إيمانه بالشعب، كان الإمام الخميني الجليل يعرف الشعب الإيراني بالمعنى الحقيقي للكلمة. كان يعتقد أنّ هذا الشعب يتحلّى بالإيمان العميق والذكاء والشجاعة، وإذا ظهر فيه قادة لائقون بإمكانه أن يتألّق في الميادين المختلفة كالشمس. هذا أمر كان الإمام الخميني قدس سره يثق ويعتقد به.
فالشعب أعزّ شيء في عين الإمام الخميني الجليل، وأعداء الشعب كانوا أكثر المبغوضين إليه.

*مؤمناً بالذات
وفي نطاق الإيمان بالذات - الثقة بالنفس - علّم الإمام الخميني قدس سره الشعب "نحن قادرون". وقبل أن يلقّن الإمام الشعب هذه الفكرة ويعلّمها له، أحيا "نحن قادرون" في وجوده هو، وأبدى اعتقاده بقدراته الشخصيّة بالمعنى الحقيقي للكلمة.
يوم عاد الإمام الخميني قدس سره من منفاه، هدّد حكومة بختيار في "بهشت زهراء" بصوت عال فقال: "إنني أصفع حكومة بختيار على فمها، وسوف أُعيّن حكومة". هكذا كانت ثقته بنفسه. كان الإمام قدس سره يؤمن بنفسه، وبطاقاته وقدراته. هذه الثقة بالذات انتقلت إلى أعمال الإمام الخميني وأقواله وانتقلت إلى الشعب.


أعزائي.. لقد تمّ تلقيننا أنكم غير قادرين، ولا تستطيعون إدارة بلدكم، ولا تستطيعون صيانة عزّتكم، ولا تستطيعون البناء والعمران، ولا تقدرون على السير في درب العلم، ولا تقدرون ولا تقدرون، ونحن صدّقنا ذلك وآمنا به.

*الإمام أعاد لنا ثقتنا
من الأدوات المؤثرة للأعداء في الهيمنة على الشعوب. هذا الإيحاء والتلقين أنكم "لا تستطيعون ولا تقدرون"، حتى تصاب الشعوب باليأس وتصدق أنها غير قادرة على فعل شيء. وقد عكس الإمام الخميني الفكرة، وسلب القوى العظمى هذه الأداة من أدوات هيمنتها، وقال للشعب: "إنكَ قادر وتستطيع". لقد أعاد لنا شجاعتنا، وأعاد لنا ثقتنا بأنفسنا، وبهذا انتصرنا في كل الساحات.

هذه المعتقدات الثلاثة عند الإمام الخميني: الاعتقاد بالله، والاعتقاد بالشعب، والاعتقاد بالذات، كانت محور كلّ قراراته وكلّ تصرفاته ومبادراته وسياساته. في بداية النهضة هي التي منحت الإمام الخميني القدرة. وكذا الحال خلال فترة المنفى، وكذلك حينما انتقل إلى باريس، وعندما جاء إلى إيران، كانت هذه المعتقدات الثلاثة هي التي منحت الإمام الخميني القوة حين دخل طهران.

في مثل تلك الظروف، وفي إعلان "لا شرقية ولا غربية"، وفي الحرب المفروضة، وفي كل قضايا وأحداث تلك الأعوام العشرة الزاخرة بالأحداث من عمر الإمام الخميني، تجلّت هذه المعتقدات الثلاثة في الإمام الخميني قدس سره، وإلى الأيام الأخيرة من حياته.

*قلبٌ شاب وروحٌ حيّة
لم يجد أحد في أقوال إمامنا الخميني الجليل وأعماله مؤشراً على كآبة أو تردد أو تعب أو انهزام أو استسلام. الكثير من الثورات في العالم حينما تخرج عن فترات شبابها وتصل أطوار شيخوختها، تصاب بالتردد والشكوك والنزعة المحافظة، بل تتخلّى عن شعاراتها الرئيسية. نداءات الإمام الخميني قدس سره في السنوات الأخيرة من عمره، كانت أكثر ثورة وشدة وقوة. كان يشيخ لكن قلبه كان شاباً وروحه حيّة. وهذه هي الاستقامة التي قال عنها القرآن الكريم: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾ (الجن: 16). ويقول في آية كريمة أخرى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ (فصلت: 30).


(*) كلمته دام ظله في مراسم الذكرى الرابعة والعشرين لرحيل الإمام الخميني قدس سره في مرقده الطاهر 04/06/2013.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع