مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

المعالم الرئيسيَّة لخط الإمام

لقد انطلقت الثورة الإسلامية في هذا العصر إثر الصرخة المدية، والقوية الخالدة التي أطلقها الإمام الخميني. لقد علت صيحة فقيه العصر هذا وحكيمه من قلب هذه الأمة المحكومة والمستضعفة والمهضومة... وبشرت باقتراب صبح الإنعتاق والحرية.
القائد الخامنئي دام ظله

في هذا الدرس، سنستعرض مجموعة من المعالم الرئيسية لخط الإمام الخميني محاولين إلقاء الضوء على أهم ما يتعلق بها.
 

* الثورية:
إن الجانب الثوري في خط الإمام يظهر بشكل جلي في كلمات الإمام قدس سره وخطبه وبياناته ووصاياه، لا سيما وصيته الأخيرة الخالدة. وللإمام قدس سره تعبيرات ومصطلحات مختلفة للتأكيد على هذا الجانب أمثال "النهوض"، "القيام"، "الثورة"، وقد خاطب قدس سره بها ليس الشعب الإيراني فحسب، وإنما سائر شعوب العالم الإسلامي وكل المستضعفين، ممّا يعني أن ثورية النهج الذي نادى به الإمام الراحل. خط قائم على أساس الجهاد في مقابل التقية بمعناها التطبيقي الخاطئ. والذي عنى لسنوات طويلة القعود والانهزام والسلبية في التعاطي مع قضيا الصراع. ولعل هذا المعلم لا يحتاج لشرح ففي صحيفة النور البالغ عدد أجزائها واحداً وعشرين جزءاً،

والتي تحتوي على كلمات الإمام وخطاباته وبياناته منذ خطابه في مدرسة الفيضيّة سنة 1963 وحتى وصيته الخالدة، يرى المتأمل لهذه الصحيفة بروز هذا المعلم بشكل واضح، لا سيما تثوير الشعب ضد الشاه وضد أمريكا، ونرى التلازم في كلامه قدس سره بين أمريكا بين "الإجرام" أو "الطاغوت والطغيان" أو "ناهبة العالم". حيث يقول مثلاً:
"يجب أن تعلم أميركا ناهبة ثروات الشعوب أن الخميني وهذه الأمة العزيزة لن يدعوها تستريح حتى يقضوا على جميع مصالحها، وحتى يقطعوا أيديها وهم سوف يتابعون جهادهم الإلهي".
لقد تجلّى الجانب الثوري في خط الإمام من خلال كلماته المختلفة، والتعابير التي كان يؤكد عليها مثل "النهوض"، "القيام"، و"الثورة".

* دعوة الشعوب إلى القيام والنهوض:
يرى المتتبع لكلام الإمام المقدس أن كلمة "إنهضوا" موجودة بوفرة في بياناته، وكان لا يرضى بالقعود والخمود والإنهزامية، ولا يريد إسلاماً في زوايا المسجد لأداء الصلاة وبعض الأوراد فقط، والتخلي عن التكاليف الإلهية الكبرى. أنّ مثل هذا الإسلام لا يؤمن به الإمام قدس سره لأنه ليس إسلام رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيت العصمة عليه الصلاة و السلام.

فالإسلام الذي يهتم بالجوانب الذاتية والشخصية فحسب هو محل اعتراف الإمام، لكنه ليس الإسلام التام والكامل ولذا كان يُذكّر دائماً ويقول بأنْ أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام كان من العرفانيين لكنه عمل وثار وجاهد وناضل وقائل، وكان حاكماً عندما قُدِّر له أن يحكم ويكون على رأس الحكومة الإسلامية بعد سنوات طويلة من اغتصاب حقّه. ونرى الإمام في الوقت نفسه، يركّز على هذا النهج يثقف الأمة والعلماء به، ويهاجم أولئك الذي يتعمدون عن سوء نيّة طرح صورة مشوهة عن الإسلام المحمدي الأصيل، برسمه إسلام القعود والسلبية.

* رفض فكرة، فصل الدين عن السياسة:
إن أهم الأفكار الاستعمارية التي تسربت إلى الأمة ووصلت إلى الحوزة العلمية وبعض أكابر الفقهاء والمراجع، والتي روّجت لها الوسائل الإعلامية والمحافل الثقافية حتى أصبحت من البديهيات، هي فكرة فصل الدين عن السياسة، وقالوا إنه لا يليق لفقهاء الإسلام أن يتدخلوا في الأمور السياسية، ولا يليق بالحوزات العلمية أن تهتم بهذه الشؤون أيضاً. يقول قدس سره
 

"المستعمرون أشاعوا في المناهج المدرسية ضرورة فصل الدين عن الدولة، وأوهموا الناس بعدم أهلية علماء الإسلام للتدخل في شؤون السياسة والمجتمع. وردد هذا الكلام أذنابهم وأتباعهم.
في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل كان الدين بمعزلِ عن السياسة؟ هل كان يومذاك مختصون بالدين وآخرون مختصون بالسياسة؟.. لقد تفوه المستعمرون وأذنابهم بهذه العبارات كي يبعدوا الدين عن أمور الحياة والمجتمع ويُبعدوا ضمناً علماء الإسلام عن الناس، ويبعدوا الناس عنهم، لأنّ العلماء يناضلون من أجل المسلمين واستقلالهم..".
وكان من تأثير الأفكار الاستعمارية أن اعتبر بعض الفقهاء اللباس العسكري لإمام الجماعة أو الجمعة، أو عالم الدين الفقيه، مسقط للمروءة.
 

وقد ناقش الإمام هذه المسألة في إحدى خطبه فقال: "هل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يلبس ثياباً عسكرية؟؟ هل علي بن أبي طالب عليه الصلاة و السلام لم يلبس ثياباً عسكرية؟؟ هل الإمام الحسين عليه الصلاة و السلام لم يلبس ثياباً سكرية؟
إن الأفكار الاستعمارية هي التي أملت على هؤلاء العلماء دم التدخل في السياسة وفي الشؤون العسكرية أيضاً، ووصل الأمر إلى مستوى أن الحوزة العلمية كانت تفسق العلماء الذين يتدخلون في السياسة؛ وهذا ما دعا الإمام قدس سره إلى اعتبار فكر فصل الدين عن السياسة من أخطر الأفكار على الأمة.
 

ونظراً لأهمية هذه الفكرة وخطورتها، قام الإمام بمناقشتها وتفنيدها في كتاب "الحكومة الإسلامية"، وذلك بالوقوف على خلفيات نشوئها، والمصدر الذي جاءت منه، ومن كان وراء الترويج لها.
اعتبر الإمام قدس سره أنّ هذه الفكرة باطلة، ووجوب إسقاطها من البديهيات الإسلامية التي لا تحتاج إلى دليل؛ وإلاّ فما كان دور النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ هل كان يقول للناس أعبدوا اللَّه ولا تعبدوا الأصنام فقط؟ فلو كان الأمر كذلك فلماذا قاتله أبو سفيان وأبو لهب، ولماذا قامت قيامة الطواغيت في مكة؟؟
لقد هاجم الإمام فكرة فصل الدين عن السياسة والمروجين لها بشدة، واعتبر أن المنشأ الأساسي لها هو الاستعمار.
 

والجواب واضح: لأن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم سعى لإزالة الظلم والعدوان ومواجهة الفساد والطغيان، ممّا دعا كل هؤلاء إلى الوقوف بوجهه والسعي في محاربته. وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد اهتم بالشؤون السياسية والعسكرية، فاللَّه سبحانه وتعالى يقول لنا في القرآن الكريم ﴿ولكم في رسول الله أسوة حسنة. ومن يخرج نفس عن الاعتناء بتلك المسائل، فماذا يعتبر مسؤولية العلماء؟ وما هو دورهم تجاه الأمة؟
 

هل هو التدريس، أم المباحثة، أم التذكير بالآخرة، أم قبض الحقوق، أم تعليم الناس المسائل الشرعية، أم تحمل مسؤولية الأيتام والقاصرين؟ وهل يعتبر أن العدل لا يجب أن يبسط على الأرض قدر المستطاع؟! إن مثل هذه الأفكار هي التي تجعل مثل هؤلاء يتقاعسون عن القيام بواجباتهم السياسية تجاه الأمة، والأسوأ من ذلك كله أنهم يقولون بأنهم ليسوا متأثرين بالفكر الاستعماري، ومستعدون لكتابة الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنا في عصر الغيبة مكلفون بالقعود، وعند ظهور الحجة عجل الله فرجه الشريف نقاتل معه ونحارب بين يديه.

* دور الفقهاء في عصر الغيبة:
إنتظار الفرج ليس معناه الجلوس في المسجد أو الحسينية أو المنزل، والدعاء للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف بالظهور فقط. وعلى عكس هذا الرأي الذي تبناه الإمام المقدس، فقد اعتبر البعض أن انتظار لفرج لا علاقة له بما يجري من حولنا وبما يحصل للشعوب، وأنه علينا القيام بالتكاليف الشخصية فقط أمّا بشأن إنقاذ الشعوب وتحقيق الأهداف الإلهية الكبرى، فهذه من مختصات صاحب الأمر عليه الصلاة و السلام، ودورنا يقتصر على ما ذكر، اللهم إلاّ بالإضافة إلى الدعاء بتعجيل الفرج.
 

وبعض هؤلاء تطرّف أكثر، فنادى بضرورة أن يمتلئ هذا العالم بالمعاصي حتى يظهر الإمام، ولذا لا يجب أن ننهى عن المنكر أو نأمر بالمعروف، بل ندع الناس يفعلون ما يريدون، لأن ذلك يقرّب من الظهور!! أما بعض هؤلاء فدعا إلى أكثر من ذلك، فقد ذبوا إلى أنه يجب علينا أن نفعل المعصية وندعو الناس إلى فعلها، حتى تمتلئ الدنيا بالظلم والجور، فنتشرف بعد ذلك بظهور الحجة عليه الصلاة و السلام ومما لا شك فيه أن من يقول بهذا إما منحرف أو ساذج بسيط.
 

وصحيح أن هناك بعض الروايات التي تقول إن كل راية ترتفع قبل ظهور الحجة عليه الصلاة و السلام هي راية باطلة، لكن أية راية هي تلك التي تتحدث عنها هذه الروايات؟
إنها راية أدعياء المهدوية، وأمّا الراية التي تدعو إلى الإسلام وإلى حكم أهل البيت عليه الصلاة و السلام فهي راية هدى من هنا نعود لنتساءل: هل معنى الفرج أن ندعو لأمريكا بطول العمر؟ وأن ندعو للإتحاد السوفياتي كذلك؟ لا شك أن هذه المسألة مرفوضة بديهياً وتخالف واضحات القرآن الكريم، لذلك يُفيد الإمام قدس سره أنه إذا كنا قادرين على رفع الظلم والجور عن العالم، فإن ذلك يصبح تكليفنا حتى مع غياب الحجة. وها هو يقول:
"آمل أن تستيقظ جميع الشعوب الإسلامية وتثور لأجل الإسلام، وأن تسعى الدول الإسلامية أيضاً لرفع البلاء عن الشعوب الضعيفة هذا البلاء الذي سببته أيدي الشرق والغرب".

إننا إذا كنا قادرين على فعل ذلك، فعلينا أن نسعى لبسط العدل ورفع الظلم في أية مساحة، ثم يأتي الحجة بعد ذلك ليوسع دائرة هذه المساحة حتى تشمل العالم كلّه: وهذا لا يتحقق إلاّ من خلال الحكومة الإسلامية. ومن يقول خلاف ذلك، معناه أنه يطالب بالفساد ووقوع الهرج والمرج، فلا يهمّه انتشار الظلم وعموم الفساد في الأرض، ويسلّم زمام أموره الكبيرة للسلاطين والملوك. إنّ مثل هذا الكلام مخالف لبديهيات الإسلام والقرآن الكريم، وعلينا ضرب الحائط به.
 

تكليفنا إذاً أن قف بوجه الظلم وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وننشر العدل، وبذلك نهيئ الأرض لقدوم الحجة المبارك عليه السلام:
"كيف نستطيع اليوم أن نسكت ونجلس بدون عمل ونرى قلّة من الخونة أكلة الحرام وعملاء الأجانب، وبمساعدة الأجانب وبرأس الحربة قد امتلكوا ثروة وثمرة أتعاب مئات الملايين من المسلمين ولا يدعونهم يستفيدون من أدنى حدّ من هذه النعم؟ إن واجب علماء الإسلام وكل المسلمين أن يضعوا خاتمة لهذا الوضع الظالم وأن يقضوا، في هذا الطريق الذي هو طريق سعادة مئات الملايين من المسلمين، على الحكومات الظالمة ويشكلوا الحكومة الإسلامية.
 

إذا كان التكليف هو القيام والنهوض، فإن عدم ضمان النتيجة لا يعني إسقاط التكليف أبداً، وعلينا أن نقوم به قدر استطاعتنا، وعملنا هذا هو التمهيد للظهور ولملء الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
"إنني مصمم على أن لا أهدأ حتى أضع هذا النظام الفاسد في مكانه المناسب أو التحق بجوار الرفيق الأعلى معذوراً".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع