نور روح الله | دور الشعب في انتصار الثورة* الشهيد على طريق القدس علي ناصر الدين بياناتنا هي التي تقتلنا! حديث الانتصار | شيفـرة المقاومة رحلة إخلاص تكلّلت بالشهادة "إنّا على العهد يا والدي" شيخ المجاهدين مجـاهدٌ فـي كـلّ الميـادين اخرج إلى الضوء | عندما يكون القائد والداً للمجاهدين مهارات | المساندة النفـسيّة في الأزمات والحروب الملف | كيف نواجه إشاعات الحرب؟

شيخ المجاهدين مجـاهدٌ فـي كـلّ الميـادين

من حياة سماحة الشيخ الشهيد نبيل قاووق
حوار مع عائلته


في تلك الليلة التي تاهت فيها القلوب، ما إن حلّ السحر حتّى مدّ سجّادة صلاته، وحمل المصحف الشريف، وقام يتلو آياته. أقام صلاته مشرق القلب والوجه بإشراقة الشهادة التي تنبّأ بها لنفسه، فلاقاها بعد سويعات قليلة .

إنّه سماحة الشيخ الشهيد نبيل قاووق الذي نطلّ في هذا المقال على نبذة من حياته الشريفة التي كرّسها خدمةً لهذا النهج المقاوم من خلال ما زوّدتنا به عائلته الكريمة وأبناؤه.

* الطفولة
ولد الشيخ الشهيد في بلدة الصبّار والزيتون والجهاد، عبّا -جارة قرية الشيخ راغب حرب- لوالدٍ كادحٍ شجاع عالي الهمّة وأمٍّ صبورة، ونشأ في منطقة المصيطبة من بيروت، حيث أتمّ دراسته، وكان من الشباب الملتزمين بالحضور في المسجد وحلقات الدرس، إلى أن التحق مع رفيق دربه الشهيد السيّد هاشم صفي الدين بالمعهد الشرعيّ الإسلامي.

* الدراسة الحوزويّة
تأثَّر الشيخ الشهيد في شبابه بالإمام الخمينيّ (قدّس سره) وبالسيِّد الشهيد محمّد باقر الصدر قدس سره. وفي عام 1981م، قرَّر الذهاب إلى طلب العلم في قم المقدَّسة حيث بقي هناك 10 سنوات، تتلمذ خلالها على أيدي مجموعة من العلماء والفقهاء أمثال آية الله الميرزا جواد التبريزي، والشيخ محمّد رضا فاضل اللنكراني، والميرزا نور الله الشاه آبادي (الشاه آبادي الابن). وحضر كذلك في مجالس آية الله المرعشي النجفي، وآية الله الشيخ بهجت، وآية الله بهاء الديني. ونال بركة اعتمار العمامة على يد المقدَّس السيِّد محمّد رضا الكلبايكاني. وكان لسماحته علاقات وثيقة مع عدد من العلماء كآية الله الشيخ محمّد تقي مصباح يزدي وآية الله الشيخ محمّد علي ناصري. كما حضر في جبهة الحرب المفروضة على الجمهوريَّة الإسلاميَّة مبلغاً ومجاهداً.

* شخصيّة شاملة
سنوات الدراسة انتهت بعد عشر سنوات استجابة لرغبة سماحة سيِّد شهداء الأمَّة السيِّد حسن نصر الله، الذي طلب منه العودة إلى لبنان لتولّي بعض المسؤوليّات، حيث عكف شيخنا الشهيد على العمل التبليغيّ والجهاديّ في جنوب لبنان. وكان حاضراً في كلّ محطّات المقاومة الأساسيَّة في قيادتها وغرف عمليَّاتها وميادينها وبمسؤوليَّات متعدِّدة تشمل الجهاد والسياسة والأمن والإعلام والثقافة، إلى أن ارتقى شهيداً في بداية حرب 2024م بعد أكثر من أربعين عاماً صادقة في خدمة الله.

إنّ أوَّل ما يلفت النظر هو توازن هذه الشخصيَّة؛ فهو المجاهد الميدانيّ، والسياسيّ البصير، والعالم المحقِّق، والمتعبِّد القرآنيّ، صاحب تزكية النفس، طيب الأثر في العلاقات الاجتماعيَّة، الولائيّ القائم على تكليفه.

* ارتباطه بالعلم والعلماء
لم يزل ملازماً للعلم والعلماء حتّى أواخر أيّامه، فلم يترك الدرس والتدريس والتأليف والمباحثة مع انشغالاته الجهاديَّة والقياديَّة، وحضر على منابر التدريس الحوزويّ والتثقيفيّ، وأقام مباحثة قرآنيّة وجلسة حفظ قرآن أسبوعيّة، وكانت له مؤلّفات تحقيقيّة حول بلال الحبشيّ وولائه لأهل البيت عليهم السلام . ومع الهجمة التكفيريّة لتشويه عقيدة أهل البيت عليهم السلام، وما حملته من افتراءات وتجنٍّ، عمد الشيخ الشهيد (رضوان الله عليه) إلى تأليف كتاب "عقائد الشيعة الإماميَّة"، حيث بيّن بوضوح عقيدة المسلمين الشيعة معتمداً الأدلّة المعتبرة من القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الشريفة. وقبيل شهادته، كان قد خصّص وقتاً لتأليف كتاب في فقه الأخلاق.

وقد حرص الشيخ الشهيد على توأمة الأخلاق مع العلم والجهاد، فكان يرى في العلم الحجاب الأكبر إن لم يكن مقروناً بالعمل؛ لذا، رافقه بالتهذيب والتزكية من شبابه إلى شهادته.

* الالتزام بالبرامج العباديّة
كان (رضوان الله عليه) أقدر ما يكون على نفسه، إذ روّضها بالطاعة وهذّبها بالتهجّد في الأسحار وتلاوة القرآن والقيام في جوف الليل. وقد التزم ببرنامج عباديّ لسنوات طويلة. وكان ملتزماً بقراءة زيارة عاشوراء ودعاء العهد بشكلٍ يوميّ. وكان يتلو يوميّاً ثلاثة أجزاء من القرآن قياماً إجلالاً للقرآن وتعظيماً له مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد واظب على ذلك في أصعب لحظات عمره الشريف.

* خصاله الشخصيّة
عُرف بالسهر وقلّة الأكل والالتزام بخلوة السحر والذكر. لم يُشهد له كلام لا طائل منه أو في أمور دنيويّة. وكان حريصاً على الأخذ من علماء الأخلاق والارتباط بهم، بدءاً من درس الأخلاق الذي طلبه برفقة السيِّد حسن نصر الله والسيِّد هاشم صفي الدين من آية الله بهاء الدينيّ، وانتهاءً بالارتباط الخاصّ مع آية الله ناصري. كما حضر بانتظام عند آية الله بهجت قدس سره. وشهد له المؤمنون جلسات أخلاق عابقة بهذه الروحيّة والتزكية. 

من بين جميع الصفات التي تميّز بها الشيخ (رضوان الله عليه)، لا بدّ من ذكر زهده وعدم تعلّقه بالأمور الماديّة وعدم تكلّفه، فلم يتغيّر نمط عيشه بتغيّر المسؤوليّات والظروف، فغرفته الخاصّة به في مكان عمله لا تتجاوز الخمسة أمتار، وكذلك ظهر تواضعه في طعامه ولباسه وطريقة كلامه العفويّة واختلاطه بالناس وحبّه للحضور بينهم.

كما تميّز بنظمه الدقيق، وعدم تسويفه للأمور، وقوّة إرادته، وعزمه، وحُسن ظنّه بالله وتفاؤله في أحلك الظروف، وكان مهتمّاً بقضاء حوائج الأيتام.

* اتّباعه التامّ لسماحة الأمين العام
عُرف سماحته بوقوفه الدقيق والكامل عند كلام سيّد شهداء الأمّة سماحة السيِّد حسن (رضوان الله عليه) وتكليفه، وكذلك احترامه الشديد له ووقوفه عند رغباته.

وكان يشهد على ذلك أدبه الشديد حين التكلّم معه، وتعظيمه له، وتغيّر لحنه وألفاظه حين الحديث عنه.

* رجل إلهيّ
إنّ التوازن في شخصيَّة الشيخ الشهيد في الأبعاد المختلفة، مع الإنجاز في كلٍّ منها، وعدم إغفال أيّ جانب أمر جدير بالملاحظة. وما يثير الإعجاب أنَّ سماحته كان ذا بركة في عطائه وجهاده ووقته وشؤونه، فكان على سبيل المثال في اليوم الواحد يستطيع متابعة شؤون العمل والجهاد، بالإضافة إلى حرصه على صلة الرحم، وبرّ الوالدين، ومتابعة المشاكل الاجتماعيَّة، وتلاوة القرآن والأدعية، وأداء الصلوات في أوقاتها. ولعلّ هذا من التوفيقات الخاصَّة بالرجال الإلهيِّين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع