نهى عبد الله
حدّد هدفه بدّقة، دفع قدمه للخلف، وضرب الكرة التي انطلقت بقوّة لتصيب المرمى محرزةً الهدف الذي حسم المباراة. «مرحى مرحى، سمير فزنا عليهم»، عانقه رفاقه فيما أخذ صبيان الفريق الآخر يكيلون لهم الشتائم. ودارت مباراةٌ أخرى، محورها الشتائم، انسحب منها فتيان لم يبلغا بعد الثانية عشرة، سمير صاحب الهدف وصديقه محمّد، اللذان أخذا يهدّئان الفريقين. قاطعهما شابٌّ طويل في عمر السابعة عشر، لقد لاحظاه يراقبهما خلال المباراة، سأل سمير: «لمَ لم تردّ على شتائمهم لك؟ هل تنقصك جرأة؟»، أجابه صديقه محمّد: «نحن لا نشتم، الجرأة لا تعني البذاءة». كانت هذه الجملة كافيةً لتلمع عينا الشابّ الطويل، وليُميّز الفَتيَين عن غيرهما. لقد وجد ضالّته.
«سيحين وقت صلاة المغرب والمسجد قريب، هل ترافقانني؟»، تبادل سمير ومحمّد النظر إلى بعضهما بعضاً وصفّقا بأيديهما وضحكا قائلَين: «كلّما حاولنا دخوله أخرجنا منه الكبار، ههههه». أمسك بيدِ كلٍّ منهما: «ستدخلان معي كما أنتما، لكن لا أحد يعرف كيف ستخرجان منه وإلى أين».
يقولون إنّ الشابّ الطويل ضمّ سمير مطوط ومحمّد حسّونة إلى مجموعة من الشباب، باتوا عشرة، تعاهدوا على الجهاد، وعلى أن لا يتركوا هذا الدرب حتّى الشهادة.
مرّ أربعون عاماً بتثاقل، حتّى وفى الشاب الطويل بعهده، كان آخرهم بعد مسيرة مشرّفةٍ من الجهاد والصبر.