مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

الافتتاحية | حُسن الظنّ بالله كفيل بالنصر

الشيخ بلال حسين ناصر الدين


الصبر، الإرادة، الثبات، الأمل، الرجاء، والتوكّل، كلّها صفات ترشح من بركات حُسن الظنّ بالله تعالى، ذلك أنّه نابع من الإيمان والمعرفة اليقينيّة بأنّ الله تعالى يفي بما وعد به عباده، وأنّه يمتلك الصفات الحسنى التي يدبّر بها أمر خلقه؛ فهو قادر على استجابة دعاء الداعي، وعلى نصرة الناصر لدينه والمجاهد في سبيله، وعلى غفران ذنوب من استغفر بين يديه وأناب إليه. فإذا كان المرء على ذلك، وكان موقناً به في قلبه وعقله، وترجمه في سلوكه وعمله، فإنّه ممّن أحسن الظنّ بربّه، فيستحقّ بذلك أن ينال ما يرجوه ويطلبه، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (البقرة: 218). وفي الحديث القدسيّ عن الإمام عليّ الرضا عليه السلام أنّ الله قال: "أنا عند ظنّ عبدي المؤمن بي، إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشرّاً"(1). وقد شدّدت الأحاديث الشريفة على أنّ الله تعالى لا يُخلف ظنّ عبده به، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "والذي لا إله إلّا هو، لا يَحسن ظنّ عبدٍ مؤمنٍ بالله، إلّا كان الله عند ظنّ عبده المؤمن، لأنّ الله كريم بيده الخيرات يستحيي أن يكون عبدُه المؤمن قد أحسن به الظنّ ثمّ يخلف ظنَّه ورجاءه، فأحسنوا بالله الظنَّ وارغبوا إليه"(2).

في المقابل، إنّ سوء الظنّ بالله، مدعاة للجحود برحمته الواسعة وقدرته العظيمة سبحانه، ويُترجم ذلك في سلوك الإنسان حين ييأس من رحمة الله، ويشعر في داخله أنّ الأمر قد قضي ولا حيلة له البتّة في الخروج منه، وكذلك عند التغافل عن وعود الله تعالى التي وعد بها عباده، فإنّ هذا كلّه يُعدّ من سوء الظنّ به سبحانه. ومن أساء الظنّ فهو كمن أوكل نفسه إلى نفسه، ومن أوكل نفسه إلى غير الله تعالى، سوف يبوء بالفشل والإخفاق والخذلان حتماً.

وإنّ لنا في قادتنا العظماء أسوة، في أنّهم كانوا على حُسن ظنٍّ بربّهم، فجزاهم الله ما كانوا يرجون، كما هو الحال مع الإمام الخمينيّ قدس سره الذي فجّر الثورة الإسلاميّة، في ظلّ تهافت قوى الاستكبار العالميّ على صدّها، ومع ذلك، كان يبشّر المؤمنين دوماً بأنّ الثورة ستنتصر، وانتصرت. وهكذا الحال مع سماحة الإمام الخامنئيّ دام ظله، وسماحة السيّد حسن نصر الله (حفظه الله)، اللذين يبشراننا دوماً بأنّ النصر قادم لا محالة، وأنّ الكيان الصهيونيّ سيزول ويندحر، وهذا في الواقع من حُسن ظنّهم بالله سبحانه.

إلّا أنّ شيئاً لا بدّ من أن يكون مقترناً بحُسن الظنّ، ألا وهو العمل، إذ إنّه مرآة ما في قلب الإنسان من إيمان ويقين. وبهذا، ندرك إقدام المجاهدين على الجهاد، والمحسنين على الإحسان، والتائبين على التوبة، قال سبحانه: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ (الأنبياء: 90).

إلى المجاهدين الأحبّاء: إنّكم اليوم تترجمون إيمانكم في الثغور، وتحسنون الظنّ بالله في أنّه سينصركم ويثبّت أقدامكم انطلاقاً من وعده: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمّد: 7)، فطوبى لكم على ما أنتم عليه.


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 72.
2- المصدر نفسه.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع