مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نور روح الله: فــي أدب التعقيـب(*)


التعقيب هو من المستحبّات المؤكّدة، ويكره تركه أيضاً، ويتأكّد استحبابه في الصبح والعصر؛ لأنّهما وقت انقلاب الأحوال والشروع في أحوال جديدة.


•بعض التعقيبات المأثورة
التعقيبات المأثورة كثيرة، منها:

1. التكبيرات الثلاثة الاختتاميّة
يواظب المشايخ العظام على رفع أيديهم في كلّ تكبيرة منها إلى حذاء الأذن، ويبسطون باطن كفّهم حذاء القبلة كالتكبيرات الافتتاحيّة، وإثباتها مشكل، وإن أمكن استفادة رفع اليد ثلاث مرّات من بعض الروايات، ولعلّه يكفي رفع اليد والتكبير ثلاثاً وقراءة دعاء: "لا إله إلّا الله وحده"، إلى آخره.

وإذا كان رفع اليد مستحبّاً، كما يواظب عليه المشايخ، فهو تمكين للأسرار التي ذكرناها. ولعلّه إشارة إلى طرد صلاته وعباداته لئلّا يتطرّق العجب ورؤية النفس إلى قلبه. 

والتكبيرات الثلاثة لعلّها إشارة إلى التكبير عن التوحيدات الثلاثة التي هي مقوّمة روح كلّ الصلاة، فالأدب القلبيّ لهذه التكبيرات هو أن يكبّر وينزّه الحقّ جلّ وعلا عن توصيفات نفسه وتوحيداته، ويعرض عجزه وذلّته وقصوره وتقصيره في المحضر المقدّس للحقّ جلّ وعلا. 

2. تسبيحات الصدّيقة الطاهرة عليها السلام
قد علّمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتلك المعظّمة، وهي أفضل التعقيبات. وفي الحديث: "ولو كان شيء أفضل منه، لنحله رسول الله فاطمة عليها السلام"(1).

وعن أبي خالد القماط قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "تسبيح فاطمة عليها السلام في كلّ يوم، في دبر كلّ صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم"(2). 

والمعروف عند الأصحاب في ترتيبها: التكبير أربعاً وثلاثين مرّة، والتحميد ثلاثاً وثلاثين مرّة، والتسبيح ثلاثاً وثلاثين مرّة، ولا يبعد أن يكون هذا الترتيب أفضل لا المتعيّن، بل الإنسان مخيّر في التأخير والتقديم في التحميد والتسبيح، بل لعلّه مخيّر في تأخير التكبير وتقديم التسبيح أيضاً، ولكن الأفضل والأحوط هو الترتيب المشهور.

وآدابها القلبيّة هي؛ استحضار معاني هذه الأذكار وحقائقها، حيث إنّها وردت بعد الصلاة؛ فالتسبيح فيها يعني التكبير والتنزيه عن القيام بحقّ العبوديّة، وفي التكبير أيضاً تنزيه عن اللياقة وحُسن العبادة وتمامها كما تليق بمحضر قدسه تعالى، وأيضاً فيها تنزيهٌ وتكبيرٌ لحضرته تعالى عن تمام معرفته، وهي غاية العبادة. 

وفي تحميد تسبيحات الصدّيقة عليها السلام إثبات للهويّة الإلهيّة، فيعدّها السالك من تأييد الذات المقدّسة وحولها وقوّتها، ويوصل حقائق هذه الأمور إلى سرّ القلب، ويذيق الفؤاد سرّ هذه اللطائف؛ ليحيي القلوب بذكر الحقّ، ويجد القلب الحياة الدائمة بالحقّ. 

•أهمّيّة الدعاء صباحاً
وحيث إنّ الصبح افتتاح الاشتغال بالكثرات والورود على الدنيا، والإنسان مواجه لمخاطرة الاشتغال بالخلق والغفلة عن الحقّ، فينبغي للإنسان السالك اليقظان أن يتوسّل إلى الحقّ تعالى في ذلك الوقت الدقيق؛ للورود في هذه الدار المظلمة وينقطع إلى حضرته، فإذا رأى نفسه غير وجيه في ذلك المحضر الشريف، فيتوسّل بأولياء الأمر وخفراء الزمان وشفعاء الأنس والجانّ؛ أي الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة المعصومين عليهم السلام، ويتّخذ من تلك الذوات الشريفة شفيعاً وواسطة.

•أيّام الأئمّة عليهم السلام
وحيث إنّ لكلّ يوم خفيراً ومجيراً، فإنّ يوم السبت متعلّق بالوجود المبارك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويوم الأحد لأمير المؤمنين عليه السلام، ويوم الاثنين للإمامين الهمامين السبطين عليهما السلام، ويوم الثلاثاء للسجّاد والباقر والصادق عليهم السلام، ويوم الأربعاء للكاظم والرضا والتقيّ والنقيّ عليهم السلام، ويوم الخميس للعسكريّ عليه السلام، ويوم الجمعة لوليّ الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف. فيناسب أن يتوسّل الإنسان بعد صلاة الصبح تجنباً للورود في هذا البحر المهلك الظلمانيّ والمصيدة المهيبة الشيطانيّة بخفراء ذلك اليوم، ويسأل الحقّ تعالى رفع شرّ الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء بشفاعتهم؛ فإنّهم مقرّبون لجناب القدس ومحارم خلوة الأنس، ويجعلهم وسائط في الإتمام وقبول العبادات الناقصة والمناسك غير اللائقة، فالحقّ تعالى شأنه كما جعل محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام وسائط الهداية، وعيّنهم الهداة لنا، ونجّى الأمّة ببركاتهم من الضلالة والجهل، فيرمّم بشفاعتهم قصورنا، ويتمّم نقصنا، ويقبل طاعتنا وعباداتنا غير اللائقة، إنه وليّ الفضل والإنعام.

والتعقيبات المأثورة مذكورة في كتب الأدعية، فلينتخب كلّ ما يناسب حاله، ويتمّ هذا السفر الشريف بالخير والسعادة.

(*) مقتبس من كتاب الآداب المعنويّة للصلاة، للإمام الخمينيّ قدس سره، في آداب بعض الأمور الداخلة والخارجة للصلاة، الفصل الثالث.
1.الشيخ الكليني، الكافي، ج 3، ص 343.
2.المصدر نفسه، ج 3، ص 343.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع