نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا

السيد علي عباس الموسوي


امتاز المخلوق الإنسانيّ عن سائر المخلوقات الكونيّة بأنّه مخلوق مكلَّف مسؤول، فضريبة التشريف الإلهيّ لهذا الإنسان بما وهبه الله من عقل يُدرِكُ به الأشياء ويتمكَّن من تمييز الحسن من القبيح منها، أن يكون موضع حساب وعقاب عن كلِّ فعل يقوم به في حياته.

وبحكم العدالة الإلهيّة كان لا بد للإنسان من أن يُترك مدّة من الزمن لكي يكتمل هذا العقل، فكان للبلوغ حد محدود، إذا بلغه الإنسان صار مسؤولاً وقد رُفع قلم التكليف عنه قبل هذا العمر.

فمتى حلّت ساعة التكليف أصبح مسؤولاً عن كلِّ صغيرة وكبيرة، ترتبط بنفسه أو بالآخرين، فلا يقبل منه ما يخالف ما أراده الله منه، وليس له أن يتكلَّم في موضع ينبغي فيه أن يصمت، وليس له أن يصمت في موضع ينبغي له أن يتكلّم، كما تقع عليه مسؤوليّة اختيار الكلمات التي تخرج من بين شفتيه.

والناس في ذلك أصناف، فمنهم من لا يبالي بالتكاليف إطلاقاً، فلا تشغل حيزاً من اهتماماته في حياته، ومنهم من يرعى الدقة في الكبيرة والصغيرة، فيشعر بحسّ المسؤوليّة في أعلى درجاته ومستوياته، وثمة صنف ثالث بين الصنفين تكمن مشكلته بالتواني والتهاون وعدم المبالاة إزاء بعض التكاليف فتجده حريصاً على بعض التكاليف يؤديها على أحسن وجه، ولكنه يتعامل مع بعض التكاليف الأخرى في تصنيف الدرجة الثانية أو الثالثة مع أن مخالفة الأوامر الإلهية واحدة في الصغائر والكبائر.

إن هذا الصنف من الناس قد لا يكون ملتفتاً إلى ما يقع فيه، لأنه ونظراً لاستصغار بعض المعاصي يتجاوز حدود الله وينظر إلى حجم المعصية ويغفل عن أنه يعصي جبار السموات والأرض.

وأكثر الأشياء ابتلاءً في هذا المجال معصية اللسان، فالكلمة يستصغرها الكثير من الناس، مع أنهم يستعظمون الكثير من الأفعال التي قد تكون في تأثيرها السلبي أهون من بضع كلمات بسيطات ينطق بها لسان هذا الإنسان.

لا يرى الإنسان نفسه مسؤولاً أمام كلمة ينطق بها وإن أوصل ذلك سامعه إلى ارتكاب جريمة أو اعتداء على إنسان أو ظلم مؤمن، والسبب في ذلك أنّه يرى النتيجة ويغفل عن السبب، فهو قد يستنكر على سامعه ما قام به ويعتبره عملاً مذموماً، ولكن يغفل أن كلمته التي نطق بها هي أشد استنكاراً وأقبح.

يرشدنا القرآن الكريم إلى أنّ التقوى هي العامل الذي يواجه به الإنسان مثل هذه الذنوب، فمن نال درجة التقوى تمكّن من اجتناب هذه الآثام، فالتقوى تجعل الرادع الذاتي عن المعصية في مستوى يمتنع معه الإنسان حتّى عن الوقوع في الشبهات فكيف بصغائر الذنوب؟

إنّ الدواء المعالج لهذا الداء هو أن يفكر الإنسان في الكلمة التي ينطق بها هل هي في موضعها أو لا؟ وهذا ما أوصت به الآية الكريمة حيث حثت الناس على نيل درجة التقوى التي تجعل قولهم قولاً سديداً، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (الأحزاب: 70).

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع