مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص مجتمع | "الأمّ بتلمّ" مناسبة | من رُزق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حُبّها أذكار | شهر رمضان المبارك آخر الكلام | الأوراق المغلّفة الافتتاحية | ما أفضل أعمال شهر رمضان؟ القرآنُ مشروع حياة

الأثر الهدام للإعلام المعادي

في رحاب الوصية السياسية الإلهية

الشيخ محمد خاتون


في هذا الفصل من الوصية الخالدة يتابع الإمام قدس سره كلامه عن الإعلام ويشير إلى بعض الآثار الهدامة للإعلام المعادي ومنها انقطاع ثقة البعض بالنظام الذي تعرضت له وسائل الإعلام المادية بالدعاية الكاذبة وهذه هي الغاية المرجوة لمن يقف وراء وسائل الإعلام، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك مسؤولية يتحملها الكثيرون من الذين أخذوا بظاهر الأمور فتجاوزوا الحدود وأساؤوا كثيراً للإسلام والثورة والنظام وقدموا خدمة كبيرة للاستكبار العالمي.

يقول الإمام قدس سره:
"وإن الناس قد ابتلوا بنظام أسوأ، لقد أصبح المستكبرون أكثر استكباراً والمستضعفون أشد استضعافاً السجون مليئة بالشباب أمل البلد في المستقبل، وأنواع التعذيب أسوأ مما كانت في النظام السابق وأكثر لا إنسانية.. كل يوم يعدمون عدة باسم الإسلام ويا ليتهم لم يطلقوا اسم الإسلام على هذه الجمهورية، والحق أن كثيراً من الذين يسمعون هذه المسائل ويصدقون بها لا اطلاع لهم على وضع الدنيا والثورات في العالم وحوادث مرحلة ما بعد الثورة ومشاكلها العظيمة التي لا يمكن تجنبها، كما أنهم لا اطلاع لهم على التحولات الصحيحة التي هي جميعاً لصالح الإسلام، فيصغون إلى هذه المطالب مغمضين أعينهم جاهلين ويلتحقون بالمتآمرين غفلةً أو عامدين.

إنني أوصي أن لا تهبّوا لاختلاق الاعتراضات والانتقاد المدمر والسب، قبل التأمل في الأوضاع الحالية للعالم، ومقايسة الثورة الإسلامية في إيران بسائر الثورات، وقبل معرفة أوضاع الدول والشعوب أثناء الثورة وبعدها ماذا كان يجري عليهم، وقبل الانتباه إلى مصائب هذه الدولة التي أصيبت بنكبة الطاغوت على يد رضا خان والأسوأ منه ـ ابنه ـ محمد رضا والإرث الذي تركاه لهذه الدولة... وقبل التحقيق في طريقة عمل الدولة وجهاد البناء في القرى المحرومة من كل المواهب حتى ماء الشرب والمستوصف والمقايسة مع النظام السابق رغم طول مدته مع الأخذ بنظر الاعتبار مشكلة الحرب المفروضة ونتائجها.

أضيفوا إلى ذلك فقدان العدد الكافي من المبلغين الواعين وقضاة الشرع ومحاولات زرع الفوضى من قبل أعداء الإسلام والمنحرفين وحتى الأصدقاء الجهلة وعشرات المسائل الأخرى.
طلبي هو أنه ينبغي معرفة الواقع أولاً، وارحموا حال هذا الإسلام الغريب الذي هو اليوم بعد مئات السنين من ظلم الجبابرة وجهل الشعوب طفلٌ حديث عهد بالمشي ووليد محفوف بأعداء الخارج والداخل.. وأنتم أيها المختلفون للإشكالات فكروا، أليس من الأفضل أن تنصرفوا بدلاً من الإحباط إلى الإصلاح والمساعدة وبدلاً من تأييد المنافقين والظالمين والرأسماليين والمحتكرين غير المنصفين الجاهلين باللَّه إلى نصرة المظلومين والمضطهدين والمحرومين وبدلاً من الاهتمام بالفئات المشاغبة والقتلة المفسدين ودعمهم غير المباشر، انصرفوا إلى الاهتمام بالمقتولين من الروحانيين المظلومين والخدام الملتزمين المظلومين..

إني لم أقل أبداً ولا أقول أنه يعمل اليوم في هذه الجمهورية بالإسلام العظيم بكل أبعاده وأنه لا يوجد أشخاص يخالفون القوانين والضوابط جهلاً أو بسبب عقدة ما أو لعدم انضباطهم... إلاّ أني أقول أن السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية تبذل جهوداً جبارة لأسلمة هذه الدولة، والشعبُ بعشرات ملايينه يؤيدها ويمدها... وإذا بادرت هذه الأقلية المختلفة للاعتراضات إلى المساعدة يصبح تحقق هذه الآمال أسهل وأسرع.
أما إذا ـ لا سمح اللَّه ـ لم يثب هؤلاء إلى رشدهم فلأن الشعب بملايينه قد استيقظ وأدرك الأمور وهو حاضر في الساحة فإن الآمال الإنسانية الإسلامية ستحقق ـ بإرادة اللَّه ـ بشكل ملفت ولن يستطيع أصحاب الأفهام المعوجة المفتعلون للاعتراضات أن يصمدوا في وجه هذا السيل الهادر».

إن هذه المقتطفات من كلمات الإمام من شأنها أن توقظ في الإنسان مجموعة من الأخطار والقوى الكامنة، فمن جهة هناك مسؤولية الإنسان تجاه الثورة وقدرته على القيام بدور فعال، ومن جهة أخرى هناك البصيرة التي ينبغي أن تكون نافذة للإنسان على مختلف شؤون الحياة، ومن جهة ثالثة هناك الخسران الذي ينتظر أولئك الذين لم يكونوا على درجة من الإيجابية في علاقتهم مع الثورة، ويمكننا أن نحدد عدة حقائق مستفادة من هذه النصوص المباركة.

1 ـ إن المصلحة الشخصية والأنا التي ينطلق الإنسان من خلالها هي التي تحجبه عن الحقائق وتمنعه من الوصول إليها، فليس هناك حقيقة ضائعة وإنما هناك أشخاص ضاعوا في متاهات المصلحة الزائلة، وإلاّ فكيف يمكن للإنسان الذي يمتلك عقلاً راجحاً أن يقارن بين النظام الإسلامي الذي يُعمل فيه على رفع القيمة الإنسانية للإنسان وبين النظام الكافر، الذي كان لا يُراعى فيه للإنسان مصلحة ولا تحفظ له فيه قيمة أبداً.
إن المصائب التي حلت بمختلف الطبقات الشعبية في ظل نظام الشاه هي فوق التصور وأكبر من قدرة الإنسان على إحصائهما قد ورثت الثورة الإسلامية ميراثاً هائلاً من المشاكل التي تحتاج إلى حل سريع، وفعلاً قامت هذه الثورة بدورها على أكمل وجه... إلاّ أن وجود المشاكل أمر لا بد منه وهذه المشاكل إما من المشاكل القديمة الموروثة التي تحتاج إلى وقت طويل ليتم إصلاحها، وإما مشاكل طارئة عارضة ناشئة عن ظروف صعبة تمر بها البلاد... ومع الأخذ بعين الاعتبار كل ما واجهته الثورة الإسلامية من صعاب.. من الداخل والخارج على السواء.. فإننا نرى أن هذه المشاكل المعترضة هي قليلة بالقياس إلى ما يمكن أن نراه في بلد آخر تعرض مما تعرض له هذا البلد الإسلامي الكبير.

2 ـ إن هناك مقياساً يجب وضعه لنحكم على أساسه بمصداقية النظام وحقانيته أو عدمها ولا يجوز الحكم على أساس ظواهر الأمور التي قد تبعدنا كثيراً عن الحقيقة مع إنها في المتناول..
إن مصداقية النظام تكمن في محافظته على الأهداف التي قامت الثورة على أساسها لا يمنع وجود بعض المعوقات... فإن المهم هو الكون في الطريق إلى الهدف..
وعلى هذا الأساس فإن نظرة منصفة إلى ما يجري على مستوى الساحة يجلنا أمام حقيقة تبرز من خلالها هذه المصداقية، وذلك لأن تحويل النظام إلى نظام عادل والذي كان ولا يزال الهدف الأول للثورة... يسير في الطريق الصحيح... وهذا الحكم لا يعتمد فحسب على مجموعة من التغييرات في أشكال ومظاهر هذا النظام بل يرتكز على الأسس التي يقوم عليها.
فأين كانت حرية الرأي في الماضي وأين صارت بعد الثورة، وكيف كانت القوانين التي كانت تتغير وفق مصلحة الحاكم، وكيف صارت بعد الثورة، حيث صار الالتزام بها هو المقياس لصلاحية الحاكم وليس العكس.

3 ـ إن أي ثورة لا يمكن أن تقضي على كل عناصر الفساد بمجرد أن تنتصر، بل أن هناك أموراً موضوعية لا يمكن إغفالها، فإن عملية التغيير تحتاج إلى وقتها وهي خاضعة لقوانين تحكم البشر، حتى لو أخذنا بعين الاعتبار كل المفاهيم التي نؤمن بها على مستوى المدد الغيبي والتوفيق والرعاية الإلهيين للأمة، فإن هذا أيضاً بحد ذاته لم يغفل عن الظرف الزمني الذي ثبت من خلاله أن الأمة تستحق العناية والتوفيق من قبل اللَّه سبحانه وتعالى.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن وجود العناصر الفاسدة لا يمكن إلغاؤه من الحساب... ولعل البشرية في مختلف المراحل التي كانت تسودها حاكمية اللَّه تعالى على يد الأنبياء العظام وحتى في زمن خاتمهم (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تخلُ من عناصر تقدم دنياها على آخرتها... ويصيب البلاء من جراء ذلك كل الأمة على أن هذه الحالة تبقى هي الاستثناء وتبقى القاعدة الأصلية للمجتمع الصالح هي السير نحو تحقيق العدالة وعدم إفساح المجال أمام المفسدين ليكون لم الحرية في أن يفعلوا ما يشاؤون، فإن في ذلك إجحافاً لكل مكتسبات المجتمع الصالح وهذا يعتمد بدرجة كبيرة على يقظة الجماهير وقيامها بمسؤولياتها ومد يد المساعدة قدر الاستطاعة لأولي الأمر ليقوموا بدورهم... بدلاً من توجيه انتقاد للمعنيين أو حتى الاكتفاء باللوم والعتاب والتذمر من بعض المظاهر... فإن كل هذا لا يقدم أي نفع للأمة وقيمها.

4 ـ إن الأصل في ثبات حكومة الإسلام وعدم قدرة الاستكبار على اختراقها، وتالياً أن الضمانة لإفشال كل المؤامرات التي تحاك تعود إلى يقظة هذا الشعب الذي استيقظ على صوت الإسلام فخرج إلى الساحة ليقود الحياة... إن هذا الشعب أصبح هو الحاكم من خلال حاكمية قوانين الإسلام التي يؤمن بها وبالتالي فإن دفاعه عنها ليس دفاعاً عن قيم مجردة كما هو الحال ف كثير من المجتمعات، حيث يمكن أن يقوم الشعب بعملية دفاع عن قيم مصطنعة، ولكنه بعد ذلك يفتقر الحافز والدفاع فعند ذلك يترك الساحة... أما الشعب المسلم في إيران فهو الذي يقوم بواجب الدفاع عن قيم النظام لأن هذه القيمة هي قيم الشعب نفسه ولا بد من الدفاع عنها.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع