مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مهمة حراسة الحدود العقائدية

1- طرق نفوذ العدو
2- ضرورة معرفة النفس ومعرفة العدو.
3- وجوب الاستعداد لحراسة الحدود العقائدية.

1- طرق نفوذ العدو
يمكن أن يتعرض أي بلد أو شعب إلى هجوم العدو عن طريقين: عن طريق الحدود الجغرافية، وعن طريق الحدود العقائدية والفكرية، ويجب في كلتا الحالتين الدفاع والحراسة، ويلزم الاستعداد وتتطلب المعرفة الكاملة. فالهجمات العسكرية واختراق الحدود الجغرافية، من الأساليب القديمة للاستعمار، حيث كان المستعمرون يتوسلون سابقاً بهذا الأسلوب للنفوذ إلى البلدان واحتلالها وفرض سلطتهم عليها، وتوسيع حدودهم. هذه الأمور كلها كانت في مقدمة برامج المستعمرين.

أما في العصر الحالي، وبعد ظهور الاستعمار الحديث، فقد تبدلت أساليب الاستعمار وراح يسعى إلى عدم مهاجمة البلدان عن طريق احتلال الأراضي عسكرياً، وإن كان يبادر إلى ذلك عند الضرورة... (مثلما نرى ذلك في الاستعمار الأحمر الروسي سابقاً، حيث أن الروس يفتخرون أمام الاستعمار الغربي بأنهم استطاعوا، وبدون الاستعانة بأسلوب الاستعمار القديم، أن يفرضوا إرادتهم وهيمنتهم على عدد من الدول مثل يوغسلافيا وألبانيا وكوبا و... إلاّ أنهم عندما عجزوا عن فرض هذه الهيمنة على أفغانستان وفق أساليب الاستعمار الجديد، لجؤوا إلى استخدام أساليب الاستعمار القديم، فحركوا ماكينتهم العسكرية نحو أفغانستان وعلى عكس الشعارات التي كانوا يطلقونها).

على أي حال، فإن المستعمرين يسعون في الوقت الراهن إلى تجنب النفوذ إلى الدول عن طريق الحدود الجغرافية، وأن يكون نفوذهم إليها عن طريق احتلال العقول والقلوب، والسيطرة على المراكز الثقافية ورجال الفكر، ونزع أسلحة الشعوب وعدم فسح المجال حتى برفع رأسها. وأن الغرب والشرق متفقان على هذا الأسلوب الاستعماري الجديد، وذلك للمشاكل التي يحملها معهُ الاستعمار القديم من قبيل:
1- الخسائر الكبيرة في الأفراد التي تحرك الرأي العام على المستعمرين.
2- القواعد العسكرية المهمة والمعقدة ذات النفقات الكبيرة.
3- الحروب الطويلة التي قد تؤدي إلى هزيمة المستعمرين.
4- النفقات العسكرية الهائلة.
5- تدمير الكثير من الأسلحة الضرورية.
6- التعبئة والمقاومة الشديدة للدول المعتدى عليها (المقاومة الشعبية) ومئات وآلاف المشاكل الأخرى التي لا يمكن التنبؤ بها في الحروب العسكرية.
ولهذا فإن الاستعمار الجديد يسعى إلى التعامل مع القلوب والعقول، يسعى إلى تحريك الشعوب لكي تحفر بنفسها قبر هلاكها، لكي تضمن الشعوب بنفسها مصالحه السياسية والاقتصادية، وأن تفتخر بهذه الذلة والعمالة.

فهو يسعى لأن تقيّد الشعوب يديها ورجليها بيديها، ليستطيع أن يمارس أعماله الاستعمارية بدون أية صعوبة ويحاولون ألاّ يتعرضوا إلى أي ضرر في هذا النوع من الاستعمار، وكما قال علي عليه السلام: "أَكبر الأعداء أَخفاهم كيدة".
والاستعمار الجديد ليس بالأمر البسيط وإنما يتحرك وفق أساليب وطرق خاصة مثل:
1- تعكير الأجواء ونشر الشائعات وبث الإعلام المسموم.
2- النفوذ إلى المراكز الثقافية والجامعات والمدارس... الخ.
3- إيجاد الأحزاب السياسية التي تنمو كالفطريات، وتوجيهها.
4- العمل على إضعاف الدين والأصول العقائدية.
5- نشر الفساد وترويج القضايا اللاأخلاقية، والتشجيع على تعاطي الخمر والمخدرات.
6- القضاء على ثقافة الأمم ونشر الثقافة الاستعمارية.
7- العمل على إزواء علماء الدين والمفكرين الواعين أو قتلهم.
8- طرح مسألة المثقف والثقافة.
9- إيجاد المسالك الكاذبة باسم "المدارس الفكرية" لإضلال الناس الجهلاء.
10- نشر أفكار المدارس المادية والسياسة المنافية للأخلاق لإفساد الشعوب من الداخل ومنح الحكام الفرصة لتوجيه عملائهم وفق الخطة التي تضمن مصالحهم وتهي‏ء للنفوذ إلى تلك البلدان عن طريق الحدود العقائدية للشعوب.

2- ضرورة معرفة النفس ومعرفة العدو

لمواجهة الاستعمار الجديد لا سيما الثقافي، يجب معرفة الطاقات الكفوءة والعناصر الجيدة وتشخيصها. وللتهيؤ والاستعداد علينا أن نعرف ماذا نملك، وماذا يجب أن نمتلك، وما هي استعداداتنا الخلاقة؟ وأين توجد؟ ومن هو الشخص أو الجماعة التي تتواجد فيها تلك الاستعدادات؟ وما هي القيم التي يقوم عليها عملنا وجهادنا وقيامنا؟ وإلى أيّ حد تتمتع قوات حزب الله والعناصر المتديّنة بالمعرفة والفاعلية؟ ومن هم الأشخاص الذين لهم القابلية على حراسة الحدود الجغرافية، ومن هم ذوو القدرة والكفاءة على حراسة الحدود العقائدية والدفاع عنها؟ وما هي المواقع والمجالات التي يمكن أن يعمل فيها علماء الدين، وما هو مقدار العمل الذي يجب أن يؤدوه و... الخ.
إن كل هذه الأمور يجب أن تكون في المرحلة الأولى من معرفة الذات لكي نستطيع أن نكسب العناصر الكفوءة وأن نبنيها، ومن ثم نزجّها في العمل.

بعد ذلك تبرز الحاجة إلى ضرورة معرفة الأعداء، فمن هم أعداؤنا وما هي أحزابهم وتنظيماتهم؟ وما هو حجم القوة التي لديهم؟ ومن أين ومتى يستطيعون العمل ضد ثورتنا وعقيدتنا؟ ومن هو العميل منهم ومن هو الجاهل والمغفّل؟ وما هي الضربات التي يمكن أن نتعرض لها عند مواجهتهم؟ وما هو الاستعداد الذي نحن عليه، وما هي إمكاناتنا الدفاعية؟ ولو كان عدونا لا يتميز بالعقيدة فكيف يجب أن نواجهه؟ ولو هاجمنا بالقلم والبيان وشهر علينا سيف العلم والعقيدة، فماذا نعمل؟ إن كل هذه الأمور مهمة جداً في الدفاع عن إنجازات الثورة ومعطياتها، ولقد كان لعدم الاهتمام بهذه الأمور دور كبير في الهزائم المرة التي وقعت في الفترات الزمنية السابقة، ولم يُعتبر منها، ولم يُعمل على بناء الذات.

3- ضرورة الاستعداد وحراسة الحدود العقائدية

قلنا أن الاستعمار يمكنه أن يشنّ هجماته عن طريقين: عن طريق الحدود الجغرافية وعن طريق الحدود العقائدية، فلندقق الآن في هذه المقارنة:
أولاً: لو استولى العدو على الحدود الجغرافية فإنّه لن يستولي على الأمة والبلاد، وذلك لأن العقول الواعية والعقيدة المحركة سيعملان على تعبئة الناس، وبالتالي على استعادة الحدود والأرض المغتصبة من يد العدو. لكن لو استطاع الاستعمار أن يغزو الحدود الفكرية والعقائدية وأن يستولي عليها وينشر فيها أفكاره، فإنه لا يمكن عندئذٍ الدفاع عن الحدود الجغرافية ذلك لأن مثل هذا الدفاع يحتاج إلى فكر وعقيدة وإيمان، وعقول سليمة نقية.

ثانياً: ليس النفوذ من خلال الحدود الجغرافية سهلاً لاحتياجه إلى تعبئة الجيوش والحرب والمنازلة. أما النفوذ من خلال الحدود العقائدية فليس بالأمر الصعب خاصة إذا كان أكثر الناس ممن يتميّز بالجهل واللامبالاة.

ثالثاً: إن تدريب القوات وإعدادها لمواجهة العدو والدفاع عن الحدود الجغرافية يحتاج إلى شهر على الأقل أو إلى أسبوع في الحالات السريعة جداً، وأنّ الدفاع عن الحدود العقائدية يحتاج إلى فترة تدريب طويلة نسبياً لكي يكون الفرد المسلم متعرفاً على الإسلام وعلى حدوده وقوانينه، وما يميّز الخصائص التي يتميز بها الإسلام عن غيره من العقائد الغريبة، وليلمّ بأبعاده المختلفة ويتمكن، ومن خلال السياسة والإدارة اللازمة والمعرفة والتفقه الكامل في الدين، تفهيم الناس وتبيان الحقائق لهم وإرشادهم ﴿ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم (التوبة- 122).
فترون كيف أن حراسة حدود الفكر ليست بالأمر السهل، وقد أدرك المستعمرون وهم ينتهجون الاستعمار الجديد، هذه الحقيقة.

رابعاً: إن المقارنة بين الإمكانات الموجودة لحراسة الحدود الجغرافية والإمكانات الموجودة لحراسة الحدود العقائدية بُعد آخر من أبعاد هذه القضية وهي تكشف لنا عن خطورة الموقف، ويجب على المؤمنين المخلصين أن يتحركوا في هذا المجال بجدية أكبر، وذلك لأننا في الوقت الراهن ومن أجل حراسة الحدود الجغرافية نملك من القوات المدربة ما يكفي لأداء هذه المهمة (من قبيل قوات الدرك والشرطة واللجان الثورية وحرس الثورة الإسلامية وجيش الجمهورية الإسلامية بقواته البرية والجوية والبحرية. كما أنّ هناك رصيداً من القوات الشعبية يقدر بعشرين مليون شخص، كلهم على أهبة الاستعداد للانخراط في صفوف المقاتلين متى ما اقتضت الضرورة ذلك، ومتى ما أصدر الإمام قائد الثورة الإسلامية فتوى الجهاد والدفاع). ولكن ما هي المؤسسات والجامعات والمعاهد التي أخذت على عاتقها مهمة حراسة الحدود العقائدية والفكرية للأمة والتصدي لحملات العقائد والمدارس والأفكار الأخرى؟

هل هناك غير الحوزات العلمية والعلماء الواعين من الشيعة؟ هل هناك مكان آخر؟ لهذا فأنتم ترون كيف أننا لا نملك الحارس المدافع الواعي بالقدر الكافي، ونحن نحسّ بالحاجة إلى عالم الدين والأستاذ الملتزم في كل مكان. فما أكثر المراكز والمؤسسات المهمة التي هي بحاجة إلى العالم والفقيه العارف، وأنّ الحوزة، وفي هذه الظروف الحالية، غير قادرة على تلبية تلك الحاجات. إن كلاّ من الجامعات، والمدارس، والمراكز الثقافية والدوائر السياسية العقائدية، والحوزات العلمية في المدن، والمؤسسات الثورية، والمراكز الصناعية والاقتصادية، والمدن المختلفة للبلاد، والمحافظات البعيدة، ومراكز القضاء وغيرها ترسل باستمرار إلى الحوزة العلمية في قم طالبةً منها إرسال العلماء الأكفاء، ولكن الحوزة غير قادرة على إجابة كل هذه الطلبات ولا زال التبليغ للإسلام في البلاد دون المستوى المطلوب.

إن الحدود العقائدية تتميز بالأهمية البالغة، وهي من الأمور المصيرية، ويمكن أن تتعرض للخطر عندما يكون الجهل فاشياً بين الناس، ونحن نحتاج لعشرات السنين من العمل من أجل إيجاد القوة الفكرية والعقائدية الكافية للدفاع عن حدود العقيدة. ونحن لا نملك في الوقت الراهن العدد اللازم من الأفراد المدرّبين المتعلمين في هذا المجال طبعاً نحن لا ننكر وجود الطاقات العقائدية الملتزمة في الجامعات والمدارس والمراكز التعليمية، ونحن نعتقد بوجود العلماء الأكفاء الذي يدافعون عن قلعة الإسلام والقرآن اليل نهار، ولكن ليسوا بالمقدار الذي يكفي، وذلك لأن عملاء الاستعمار والمرتبطين بعجلة المصالح الغربية قد جعلوا اغتيال الشخصيات الإسلامية والمفكرين الإسلاميين على رأس برامجهم. إن الأحزاب السياسة غير الإسلامية في البلاد، ورغم الاختلاف والصراع الناشب بينها، إلاّ أنها قد اتفقت جميعاً على القضاء على علماء الدين ممن يتميزون بالعلم والوعي، واغتيال ضباط جيش الدفاع عن حدود العقيدة والفكر، ابتداءً من الفيلسوف والمفكر الكبير مرتضى المطهري وانتهاءً بالطلبة وعلماء الدين، فعالم الدين عقبة كؤود في طريقهم، لأنه حارس حدود الفكر، وكاشف زيف أفكار المنافقين التي التقطوها من هنا وهناك.

وفي صدر الإسلام وبعد استشهاد الإمام علي عليه السلام، كان اغتيال وإعدام علماء الشيعة وإتباع الإمام من الفقهاء والمؤمنين في رأس قائمة سلاطين آل أمية، وظلوا يعملون وفق هذا المخطط الجهنمي حتى زمان غيبة الإمام المهدي عليه السلام. وكما أن العمل بمخطط عزل الفقهاء وإزوائهم قد استمر في زمان الغيبة، استمر عملاء الاستعمار في قتل علماء الشيعة ولكن دون أن يتراجع هؤلاء العلماء والفقهاء الكبار خطوة واحدة، ودون أن يتنازلوا عن مبادئهم، وظلّوا سائرين في طريق الشهادة والحرية، فكم هم أولئك العلماء الذين عاشوا في السجون والزنزانات والتبعيد، وكم هم أولئك الذين عانقت أجسادهم الطاهرة مقاصل الظلمة؟! لقد حملوا على أكتافهم أعواد مشانقهم وهم يؤدون رسالتهم الإلهية، لكي يبقى خط أهل البيت الأحمر خالداً نقياً سليماً من الانحراف.

لكن، ولخلو كثير من المواقع العقائدية للمسلمين من الحراس والمدافعين أو لقلة هؤلاء، استطاعت الأفكار الهدامة أن تنفذ منها وأن تنمو وتتجذر، ومن ثم لتصبغ المراكز الثقافية بصبغة الاستعمار الغربي، حيث ترعرعت الكثير من الأفكار والمنظمات والجماعات السياسية في أحضان هذه الأمة، ورامت تهديد أصالة الإسلام ونقاءه.
فلو كان شعبنا يتمتع بالعلم والوعي الكافيين، ولو كان هناك العدد اللازم من حراس العقيدة والفكر، فإنه ما كان بإمكان حفنة من العملاء أن تؤثر على هذه الأعداد الغفيرة من الجيل الجديد، وأن توجهها وفق ما تريد وتحركها ضد الثورة والإسلام.

* البرامج الضرورية
يجب في البداية الاهتمام بالبرامج طويلة الأمد مثل:
1- إعادة بناء الحوزات وتنظيمها.
2- تقوية بنائها وتنظيمها.
3- تعبئة الشباب المتعلم الحريص لتلقي الدروس الدينية في الحوزات العلمية.
4- دراسة وضع التبليغ الإسلامي في المدن والقرى.
5- تدوين النصوص التعليمية الغنية لرفع المستوى الثقافي.
كما أن هناك برامج سريعة وقصيرة الأمد مثل:
1- تعليم المدرسين والمعلمين وتربيتهم لتدريس الدروس الدينية.
2- تقوية المراكز السياسية العقائدية وإعادة بنائها.
3- إيجاد الدروس العقائدية في جميع مراكز التعليم والمؤسسات الثورية للبلاد.
4- تنظيم الإعلام وإغناؤه خارج البلاد.
5- إقامة المعسكرات الصيفية المقرونة بالبرامج الإسلامية المفيدة.
6- إقامة الحلقات والدورات الثقافية لتعليم أصول العقيدة.
7- تقوية الدروس الدينية في المدارس والمراكز الثقافية.

وهناك أمور كثيرة أخرى يجب على مسؤولي الجمهورية الإسلامية الالتفات إليها. وبالنتيجة فإن على شعبنا الثائر أن يتسلّح بالسلاح العسكري، وأن يتسلّح بالسلاح العقائدي، حيث قال إمامنا قدس سره:
"احملوا بإحدى يديكم القرآن وباليد الثانية السلاح وهاجموا بهما أعداء الإسلام الحاقدين".
يجب أن يكون إلى جانب السلاح العقيدة، وأن يكون مع العقيدة، سلاح: ﴿واعدوا لهم ما استطعتم من قوة الأنفال- 60.
فلو شهرت السيوف من أجل العقيدة فإنها ستصنع النصر، وإن العقيدة التي يُدافع عنها ويجاهد في سبيلها لا يمكن أن تنزوي أو يصيبها الخمول.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع