نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

حديقة البلاغة: مفردات من نهج البلاغة

 


الخطبة الثانية:
بعد انصرافه من صفين. (1)
"أحمدُهُ استتماماً لنعمتِه، واستسلاماً لعزّتِهِ، واستعصاماً من معصيته، واستعينُهُ فاقةً إلى كفايته: إنَّه لا يَضلُّ من هدَاهُ، ولا يئِلُّ من عادَاهُ، ولا يفتقرُ من كَفاهُ. فإنَّهُ أَرجحُ ما وُزِنَ، وأَفضلُ ما خُزِنَ. وأشهدُ أَنَّ لاَ إله إلا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، شهادةً مُمتَحَناً إخلاصُها، مُعتَقَداً مُصاصُهَا نتمسَّكُ بها أبداً ما أبقَانا، وندّخِرُها لأهاويل ما يلقانا، فإنَّها عزيمَةُ الإيمانِ، وفاتحةُ الإحسانِ، ومرضاةُ الرحمنِ، ومدحرةُ الشَيطانِ".
1- استلاماً: رضىً- مصالحةً- انقياداً وخضوعاً.
2- استعصاماً: استمساكاً- طلب اللّواذ والحماية- مِتعةً.
3- فاقة: فقراً وحاجةً- ترفُّعاً على الآخرين- تميّزاً.
4- لا يئل: لا يرجع- يبادر- لا ينجو.
5- ارجح ما وزن: أثقل الموجودات- رجحان عرفان الله- أثبتها.
6- أفضل ما خزن: خزن العرفان في أسرار النفوس القدسية ؛ تغيُّر- مَنْع.
7- ممتحناً: مصفىً- مختبراً- واقعاً في محنة.
8- مصاصها: ممتلئ الخَلق جبان- ما يُمصُّ من الشيء- مُصا الشيء خالصه.
9- ندّخرها: نوفرها لوقت حاجتها- نتحيّر فيها- نُذلها ونصغّرها.
10- أهاويل: ج أهوال . ج هول: كل ما يخوّف- من الزينة- من الألوان.
11- عزيمة: صبر- نيَّة وإرادة- جَدّ.
12- مدحرة: دفعه- ربّاه- محل الطرد والإبعاد.
ملاحظة: اختر إجابة واحدة

* نفحة من عرفان الأمير (عليه السلام):
"ارجح ما وزن وأفضل ما خزن".
لما كان الضمير في الفعل يعود إلى الله سبحانه، ولما كانت ذاته مقدسة عن الوزن والخزن لأنهما من صفات الأجسام والمادة فكأنه يقصد (عليه السلام) رجحان عرفانه في ميزان العقل إذ لا يوازنه عرفان ما عداه بل لا يخطر ببال العارف عند الإخلاص سواه. ويكون الخزن خزن ذلك العرفان في أسرار النفوس القدسية.

* رونق التوحيد:
"اشهد أن لا إله إلا الله"
إنها أشرف كلمة وُحِّد بها الخالق عزّ اسمه لما تضمّنه تركيبها من حسن الوضع المؤدي للمقصود التام منها، فهي منطبقة على جميع مراتب التوحيد. وقد جاء عن بعض العلماء أن الله تعالى جعل العذاب عذابين: أحدهما، السيف في يد المسلمين والثاني عذاب الآخرة. والسيف في غلاف يُرى والنار في غلاف لا يُرى، فقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: من أخرج لسانه من الغلاف المرثي، وهو الفم، فقال: لا إله إلا الله أدخلْنا السيف في الغَمَد المرثي، ومن أخرج لسان قلبه من الغلاف الذي لا يُرى، وهو غلاف الشرك، فقال لا إله إلا الله أدخلنا سيف عذاب الآخرة في غمد الرحمة. واحدة بواحدة جزاء، ولا ظُلم اليوم.

* إخلاص التوحيد:
(شهادة ممتحناً إخلاصها معتقداً مصاصها)
هي مصدر لوصف بوصفين على غير ما للوصفين: فقد أراد (عليه السلام) أنه مختبر نفسه في إخلاص هذه الشهادة (شهادة أن لا إله إلا الله) واحد لها عارية عن شبهات الباطل معرضة عن كل حاضر سوى الحق سبحانه متمثّلةٌ فيها حِلْيةُ التوحيد وخالصة مبرأة عن شوائب الشرك. تسامى عن ذلك فهو أرفع من أن يشرك بالله طرفة عين فهو موحّد بالتوحيد المطلق ومخلص بالإخلاص المحقَّق.

* عزائم التوحيد الأربع
(نتمسك بها أبداً ما أبقانا وندخرها لأهاويل ما يلقانا..)
يشير (عليه السلام) إلى العزائم التي يجب على الموحّد التمسك بها والحفاظ عليها وهي أربعة أمور:
أولها: عقيدة الإيمان والعزيمة، أي التصميم عليها، مع توابعها من قواعد الدين وفروعه للوصول إلى إخلاصها.
ثانيها: أنها فاتحة الإحسان لأنها كلمة افتتحت بها الشريعة المقدسة واستعدّ العبد بالسلوك في طريق إخلاصها لإفاضة إحسان الله ونعمه شيئاً فشيئاً.
ثالثها: أنها مرضاة الرحمن كما قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله..
رابعها: أنها مدحرة الشيطانِ إذ أن غاية دعوة الشيطان الشرك الظاهر أو الخفي وهذه الكلمة إنما وضعت في مقابلة دعوته فظاهرها دافع لظاهر ما يدعو إليه الشيطان، وباطنها قامع لباطن ما يدعو إليه. وكما أن الشرك على مراتب لا تتناهى فكذلك الإخلاص في هذه الكلمة فكل مرتبة إخلاص يسقط مقابلها مرتبة شرك.. والله المستعان.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع