مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مصباح الولاية: مفاسد العصبية

 


يستفاد من الأحاديث الشريفة عن أهل بيت العصمة والطهارة أن العصبية من المهلكات والباعثة على سوء العاقبة والخروج من عصمة الإيمان، وأنها من ذمائم أخلاق الشيطان.

فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "تعصَّبَ أو تُعُصِّبَ لَهُ فَقَدَ خُلِعَ ربْقُ الإيمانِ مِنْ عُنُقِه". أي أن المتعصب بتعصبه يكون قد خرج من إيمانه، وأما التعصب له، فبما أنه قد رضي بعمل المتعصب، يصبح شريكاً له في العقاب. كما جاء في الحديث الشريف: "ومن رضي بعمل قوم حشر معهم. أما إذا لم يرض به واستنكره فلن يكون منهم".
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "مَنْ تعَصَّبَ عصَّبَهُ الله بعصابةٍ مِنَ النَّارِ".
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: لَمْ يدخل الجنَّةَ حَميَّةٌ غَيْرُ حَمِيَّةِ حمْزَةَ بِنْ عَبْدِ المُطَّلِبِ وذَلِكَ حينَ أسْلَم غضباً للنَّبِيِّ".

ولا شك في أن القلب إذا غطاه صدأ حب الذات والأرحام والتعصب القومي الجاهلي، فلن يكون فيه مكان لنور الإيمان، ولا موضع للاختلاء مع الله ذي الجلال تعالى. إن ذلك الإنسان الذي تظهر في قلبه تجليات نور الإيمان والمعرفة، ويطوق رقبته الحبل المتين والعروة الوثقى للإيمان، ويكون رهن الحقيقة والمعرفة، هو ذلك الإنسان الذي يلتزم بالقواعد الدينية وتكون ذمته مرهونة لدى القوانين العقلية، ويتحرك بأمر من العقل والشرع، دون أن يهز موقفه أيّ من عاداته وأخلاقه وما يأنس به من مألوفاته. فلا تحيد به عن الطريق المستقيم. إن الإنسان الذي يدَّعي الإسلام والإيمان به هو ذلك الذي يستسلم للحقائق ويخضع لها، ويرى أهدافه، مهما عظمت، فانية في أهداف ولي نعمته، ويضحي بنفسه وبإرادته في سبيل إرادة مولاه الحقيقي. ومن الواضح أن مثل هذا الشخص لا يعرف العصبية الجاهلية، وإنه بريء منها، ولا يتجه قلبه إلا إلى حيث الحقائق، ولا تغشي عينيه أستار العصبي الجاهلية السميكة. وفي سبيل إعلاء كلمة الحق والإعلان عن الحقيقة يطأ بقدميه على كل العلاقات والارتباطات، ويفدي بجميع الأقرباء والأحبة والعادات على أعتاب ولي النعم المطلق. وإذا تعارضت العصبية الإسلامية عنده مع العصبية الجاهلية، قدَّم الإسلام وحب الحقيقة.
إن الإنسان العارف بالحقائق يعلم أن جميع العصبيات والارتباطات والعلاقات ليست سوى أمور عرضية زائلة، إلا تلك العلاقة بين الخالق والمخلوق، وتلك هي العصبية الحقيقية التي هي أمر ذاتي غير قابل للزوال، وهو أوثق من كل ارتباط، وأقوى من كل حسب وأسمى من كل نسب.
في حديث شريف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "كُلَّ حَسَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ القِيَامَةِ إلا حَسَبي وَنَسَبي". وذلك لأن حسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحاني وباقٍ، وبعيد عن جميع العصبيّات الجاهلية، وهذا الحسب والنسب الروحاني في ذلك العالم، يكون ظهوره أكثر وكماله أوضح، ونسبه علاقة إلهية لا تظهر على كمال حقيقتها إلا في ذلك العالم. إن هذه العلائق الجسمانية المُلكية القائمة على العادات البشرية إنما تتقطع بأتفه الأسباب، وليس لأي منها في ذلك العالم نفع ولا قيمة، إلا تلك العلائق التي تتوثق في نظام ملكوتي إلهي وتحت ظل ميزان القواعد الشرعية والعقلية. التي لا انفصام لها.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع