مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

علوم: هكذا تولد النجوم وتتطور


إعداد: حسن ريّا


تبدو السماء في ليلة صافية مليئة بالنجوم، والنجوم مستمرة بالولادة بالرغم من مرور حوالي 10 إلى 20 مليار سنة على ولادة الكون، ويقدر علماء الفلك بأن مجرتنا درب التبانة لوحدها تحتوي على 100 مليار نجم، وهذا يتضمن شمسنا بكواكبها التسعة، ويوجد في الكون مليارات المجرات التي تحتوي على مئات المليارات من النجوم، وتظهر السماء للراصد بأن توزيع النجوم في مجرتنا هو غير متساوٍ إذ توجد فيها مناطق خالية من النجوم، ولكن هذا النقص في توزيع النجوم هو في الواقع ليس كما يبدو لأوّل وهلة، فهذه الفجوات هي مليئة بغيوم تحتوي على مزيج رقيق متجمع (غير كثيف) من الغاز والغبار. وهذه الغيوم تحجز رؤية نجوم تقع خلفها. ومن الأمثلة المشهورة على هذه الغيوم هي غيمة الجوزاء (أو كوكبة الجبار) التي يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة في السماء إذ تظهر بشكل بقعة ضبابية مضيئة قريبة من النجمين الساطعين: منكب الجوزاء ورجل الجوزاء اليسرى (أو رجل الجبار)، وهذه الغيوم تظهر متألقة للراصد بسبب وجود واحد أو أكثر من النجوم الحارة جداً التي تبعث كميات هائلة من الضوء فوق البنفسجي.

ووجد من الدراسات بأنّ الغيوم الموجودة بين النجوم المسؤولة عن تكون النجوم أي أنّ هذه الغيوم هي مواضع ولادة النجوم الحديثة في الكون اليوم. وتوجد الغيوم في مجرتنا إمّا منفردة مثل شمسنا والفاسنتورا، والنسر الواقع، والنسر الطائر، وقلب العقرب، والسماك الرامح ونجمة سهيل، أو توجد في مجاميع مؤلفة إمّا من نجمين مترافقين وهي النجوم الثنائية، أو من عدد من النجوم وهي العناقيد النجمية والتي تحتوي على عدد هائل من النجوم وهي واسعة الانتشار في مجرتنا، وتُظهر الدراسات الفلكية بأنّ نجوم العنقود النجمي الواحد ولدت كلّها في نفس الحيز من الفضاء وتحتوي على مواد متشابهة، وقد زود تلسكوب هابل الفضائي علماء الفلك بصور غير معهودة من قبل لنجوم حديثة الولادة في مجرتنا، وحديثاً اكتشف العلماء نجماً هائلاً جديداً حديث الولادة في مجرتنا أكبر من شمسنا بمئات المرات. وتُظهر عمليات الرصد المتكرّرة وجود أقراص من المادة تدور حول بعض النجوم الحديثة. ويعتقد العلماء من السابق بأنّ هذه الأقراص قد تكون أنظمة كوكبية في المراحل الأولية من الولادة. والصور الحديثة لتلسكوب هابل تظهر مثل هذه الأقراص حول نجومها في غيمة الجوزاء التي تبعد حوالي 1500 سنة ضوئية عن شمسنا (والسنة الضوئية تبلغ 9.5 ترلين كيلومتر، يساوي ألف مليار)، وتظهر عدة صور لغيمة الجوزاء وجود توهجات حمراء في المراكز ويعتقد علماء الفلك بأنّها تمثل مواضع نجوم جديدة حديثة الولادة، ويقدر العلماء أعمارها بحوالي المليون سنة، وكتلتها ما بين 30 إلى 150 بالمئة من كتلة الشمس، وبالمقارنة فعمر شمسنا يبلغ 4.5 مليار سنة. وأخيراً أعلن بعض علماء الفلك عن اكتشاف جديد يتمثل باكتشاف أقراص حول النجم ألفاسنتورا وهو أقرب النجوم إلى شمسنا، ويعتقد العلماء بأنّها تمثل كواكب تدور حول هذا النجم، وجدير بالذكر أنّ كواكب النظام الشمسي كالأرض، تكونت من نفس الغيمة السديمية التي كونت الشمس قبل حوالي 4.5 مليار سنة.

ومن المنظور الفيزيائي النجم هو سمرة من غاز حار متماسكة أجزاؤه بواسطة الجاذبية الخاص به. وتمنع الحرارة والضغط المتولدين من التفاعلات النووية الداخلية، النجم من الانهيار تحت ظروف قوة الجاذبية. ويبدأ النجم حياته الأولية بتكثف هائل يحصل في الغيمة وينتهي عندما يستنفد النجم وقوده النووي فيتلاشى عن الأنظار ويتحول إلى جسم صغير مثل قزم أبيض أو نجم نيتروني أو ثقب أسود. وبعض النجوم تنتهي حياتها بشكل عنيف إذ تتعرض لانفجار فائق (سوبرنوفا)، ومادة النجوم المنتهية ترجع مرة أخرى إلى دورات حياتها. والنجوم الحديثة جداً تُظهر درجة سطوع عالية وتنخفض كلما تقدم النجوم بالعمر، وتصل إلى أقل درجاتها بشكل مؤقت عندما تبدأ التفاعلات النووية الاندماجية الهيدروجينية، والحياة المبكرة للنجوم الحديثة متنوعة بالعمليات الفيزيائية، وشهدت السنوات الأخيرة تطورات مهمة في فهم بعض هذه العمليات. والتغيرات التي تحصل في النجوم هي بطيئة جداً بحيث لا يمكن رصدها كلها، ولذلك فتطور النجوم غالباً ما يستنتج من رصد مدى واسع من النجوم وبمراحل مختلفة من حياتها، وبعد ذلك توحد هذه المعلومات في نظرية ونماذج تستند إلى القوانين الفيزيائية التي أثبتت في نواح أخرى. والشمس كنجم معروفة خصائصها وتركيبها بشكل جيد الآن ولكن مع ذلك فهي لا تمثل نموذجاً مثالياً لكلّ النجوم، وتتوفر حالياً بيانات حول آلاف النجوم التي رصدت في السنوات الماضية وهذه يمكن أن ترشد بشكل عام إلى كيفية تطور النجوم.

* ولادة النجوم
ومن الدراسات وعمليات الرصد يتضح بأنّ النجوم تلد في مناطق الغيوم الجزئية الكثيفة التي توجد في الفضاء بين النجوم. وتحتوي هذه الغيوم على الهيدروجين بشكل رئيسي والذي يوجد في حالة جزيئية أو متأينة ويشار إليه بالهيدروجين الجزيئي، وتحتوي أيضاً على نسبة قليلة جداً من الغبار وعناصر ثقيلة ومركبات أخرى. ويوجد عدّة أنواع من الغيوم وأحجامها هائلة وهي تمتد وتنتشر في الفضاء الشاسع بين النجوم، وتبلغ نسبة الهيدروجين فيها 99 بالمائة. والذي يعيق رصد النجوم الحديثة الولادة هو غيوم الغاز والغبار، ولكنّ الأشعة تحت الحمراء يمكنها أن تخترق هذا الحاجز من الغيوم وبذلك يمكن إظهار صور جيدة لمواقع ولادة النجوم. وولادة النجوم يمكن أن تثار عندما تصطدم أجزاء من الغيوم الجزيئية الكثيفة مع بعضها. ويتوفر نماذج معدة للكمبيوتر يمكن بواسطتها دراسة عملية تكوّن النجوم. ويلاحظ أنّ اصطدام الغيوم يولد مركزاً كثيفاً جداً من الغاز، ويزداد كثافة مع مرور الزمن. وقد يستغرق هذا الاصطدام مليون سنة. وبعد ذلك يتكسر المركز الكثيف إلى كتل أو قطع أصغر وهي تمثل كتلاً لنجوم بدائية تبدو بشكل أقراص دوارة من الغاز والغبار وذات كتلة تبلغ الواحدة منها بين 2-3 مرات كتلة الشمس وبعض كتل هذه النجوم البدائية يمكن أن تندمج مع بعضها لتكون نجماً بدائياً أكبر. وعليه فكتل المراكز الكثيفة المتولدة من اصطدام هذه الغيوم هي مواضع ملائمة لولادة النجوم، وهذه اكتشفت في الثمانينات لأول مرة وتمّ فيما بعد التعرف إلى خصائصها ودورها في ولادة النجوم الجديدة. ويستعمل علماء الفلك التلسكوبات الراديوية الكبيرة للتعرف إلى خصائص المراكز الكثيفة.

وتتوفر تلسكوبات حديثة بإمكانها التقاط الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من الأجسام الصغيرة جداً في الكون. وزود القمر الصناعي الفلكي للأشعة تحت الحمراء (IAS) الذي أطلق في العام 1973 مئات الآلاف من صور لأجسام بحجم النقطة ويعتقد علماء الفلك بأنّ بعض هذه الأجسام تعود إلى المراكز الكثيفة للنجوم البدائية. وهذه التلسكوبات يمكنها أيضاً تصوير نجم أقدم مدفونة في غيوم الغاز والغبار. وحالما يبلغ النجم البدائي كتلة معينة تبلغ فقط عدة أعشار كتلة الشمس، تصبح درجة حرارة المركز كافية لإثارته أو توليد تفاعل نووي. والتفاعل النووي في النجوم البدائية يختلف تماماً عن التفاعل النووي في النجوم الأقدم وهي نجوم ذات أعمار متوسطة مثل الشمس والتفاعل النووي الرئيس الذي يزود النجم الناضج بالطاقة هو الهيدروجين. والهيدروجين هو العنصر الكيماوي الأعم في الكون والذي تكون بعد الانفجار الكبير بشكل نظير مشع. ويعتقد علماء الفلك بأنّ ريحاً قوية تهبّ على سطح النجم تدفع مقداراً كبيراً من الغاز بعيداً عن المركز الكثيف. وعمليات الرصد تؤكد هذا الرأي. ومع ذلك فهذه الريح هي الآن موضع دراسات مكثفة. والمراكز الكثيفة للنجوم البدائية التي فقدت كتلتها يمكن رصدها بالتلسكوبات وهي تتميز بدرجة سطوع عالية، وقد استغرق مرور30 مليون سنة ليتقلص حجم شمسنا من نجم بدائي كبير إلى حجمها الحالي، وتحرق الشمس الهيدروجين في المركز، ويعتقد العلماء بأنّ الحرارة المتولدة من هذا التفاعل النووي أدام هذا الحجم الحالي للشمس منذ أكثر من 4.5 مليار سنة.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع