نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قصة عيسى وأمه من وجهة نظر القرآن الكريم



عن تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي 


كانت أمّ المسيح مريم بنت عمران حملت بها أمّها فنذرت أن تجعل ما في بطنها إذا وضعته محرراً يخدم المسجد وهي تزعم أنّ ما في بطنها ذكراً فلما وضعتها وبان لها أنّها أنثى حزنت وتحسّرت ثمّ سمتها مريم أي الخادمة، وقد كان توفي أبوها عمران قبل ولادتها، فأتت بها المسجد تسلمها للكهنة وفيهم زكريا فتشاجروا في كفالتها ثمّ اصطلحوا على القرعة وساهموا فخرج لزكريا فكفلها حتّى إذا أدركت ضرب لها من دونهم حجاباً فكانت تعبد الله سبحانه فيه، لا يدخل عليها إلاّ زكريا (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً، قال يا مريم أنّى لكِ هذا؟ قالت هو من عند الله، والله يزرق من يشاء بغير حساب) وقد كانت عليها السلام صدّيقة، وكانت معصومة بعصمة الله، طاهرة مصطفاة محدثة، حدثها الملائكة بأنّ الله اصطفاها وطهرها وكانت من القانتين ومن آيات الله للعالمين.

ثمّ إنّ الله تعالى أرسل إليها الروح وهي محتجبة فتمثل لها بشراً سوياً، وذكر لها أنّه رسول من ربها ليهب لها بإذن الله ولداً من غير أب، وبشرها بما سيظهر من ولدها من المعجزات الباهرة، وأخبرها الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، ورسولاً إلى بني إسرائيل ذا الآيات البيّنات، وأنبأها بشأنه وقصّته ثمّ نفخ الروح فيها فحملت بها حمل المرأة بولدها.
(فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً * فأجاءها المخاص إلى جذع النخلة قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسياً * فناداها من تحتها ألاّ تحزني قد جعل ربك تحتك سريا * وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً * فكلي واشربي وقري عيناً فإمّا ترينّ من البشر أحداً فقولي إنّي نذرت للرّحمن صوماً فلن أكلّم اليوم إنسياً * فأتت به قومها تحمله) وكان حمله ووضعه وكلامه وسائر شؤون وجوده من سنخ ما عند سائر الأفراد من الإنسان.

فلما رآها قومها – والحال هذه – ثاروا عليها بالطعنة واللوم بما يشهد به حال امرأة حملت ووضعت من غير بعل، (قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً * يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً * فأشارت إليه قالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبياً قال إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً * والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حياً)، فكان هذا الكلام منه عليه السلام كبراعة الاستهلال بالنسبة غلى ما سينهض على البغي والظلم وإحياء شريعة موسى (عليه السلام) وتقويمه، وتجديد ما اندرس من معارفه، وبيان ما اختلفوا فيه من آياته.
ثمّ نشأ عيسى عليه السلام وشبّ وكان هو وأمّه على العادة الجارية في الحياة البشرية يأكلان ويشربان وفيهما ما في سائر الناس من عوارض الوجود إلى آخر ما عاشا.

ثمّ إنّ عيسى (عليه السلام) أوتي الرسالة إلى بني إسرائيل فانبعث يدعوهم إلى دين التوحيد، ويقول إنّ قد جئتكم بآية من ربكم إنّي أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرض وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم، في ذلك لآية لكم، إنّ الله هو ربي وربكم فاعبدوه.
وكان يدعوهم إلى شريعته الجديدة وهو تصديق شريعة موسى (عليه السلام) إلاّ أنّه نسخ بعض ما حرّم في التوراة تشديداً على اليهود، وكان يقول: (إنّي قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه)، وكان يقول: (يا بني إسرائيل إنّي رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد).
وأنجز (عليه السلام) ما ذكره لهم من المعجزات كخلق الطير وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والإخبار عن المغيبات بإذن الله.
ولم يزل يدعوهم إلى توحيد الله وشريعته الجديدة حتّى أيس من إيمانهم لما شاهد من عتو القوم وعنادهم واستكبار الحنة والأحبار عن ذلك فانتخب من الشرذمة التي آمنت به الحواريين أنصاراً له إلى الله.

ثمّ إنّ اليهود ثاروا  عليه يريدون قتله فتوفاه الله ورفعه إليه، وشبّه لليهود: فمن زاعم أنّهم قتلوه، ومن زاعم أنّهم صلبوه: (ولكن شبّه لهم)، فهذه جمل ما قصّه القرآن في عيسى بن مريم وأمه.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع